أربعون عاما قضاها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود وزيرا لخارجية المملكة العربية السعودية وتحديدا منذ عام 1975، حتى صدور الأمر الملكي أمس بالموافقة على اعفائه من منصبه لظروفه الصحية وتعيينه وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين ومشرفاً على الشؤون الخارجية. وأعطى سموه على مر سنوات طويلة منذ توليه حقيبة وزارة الخارجية في مرحلة مرت فيها المنطقة العربية والعالم بأزمات عدة، قاد فيها دبلوماسية المملكة بحنكة شديدة، ونجاح كبير، جعل الكثيرين يلقبونه ب «أمير الدبلوماسية». وهو المتحدث اللبق الذي لا تتعثر كلماته بأي لغة كانت، متنقلاً من العربية الفصحى إلى الإنجليزية أو الفرنسية، حيث يتقن 7 لغات، بالإضافة إلى العربية منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والإسبانية والعبرية. وبحكم عمله كوزير للخارجية كان عضوا في الكثير من اللجان العربية والإسلامية مثل لجنة التضامن العربي واللجنة السباعية العربية ولجنة القدس واللجنة الثلاثية العربية «السعودية، المغرب، الجزائر» حول لبنان ضمن وزراء خارجية الدول الثلاث وغيرها . ويعد سموه المعلمَ والأستاذ الأول للدبلوماسية السعودية على مر عقود من الزمن وقامة عالية في الساحة الدولية، وسيبقى الملهم والموجه بحنكته وحكمته السياسية، وسيبقى نبراساً عالمياً اسمه وأثره محفورين في كل زاوية من زوايا ودهاليز الدبلوماسية الدولية وعلماً يدرس للأجيال القادمة بعد تعيينه وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء ومستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين ومشرفاً على الشؤون الخارجية. وخلال المؤتمرات الصحفية يحضر الأمير سعود الفيصل بكامل حنكته الدبلوماسية وثقافته الواسعة؛ ليستقبل الأسئلة ويرد ردودا مباشرة، ولطالما استخدم فصاحته العربية وحفظه لعيون الشعر العربي في الرد على أيّ من أنواع «الغمز»أو «اللمز» السياسي لبلاده، ومنح زخما للدبلوماسية السعودية بكافة المحافل سواء الإقليمية أو العربية أو الدولية بما ملكه من تجربة طويلة وخبرة دبلوماسية ثرية، وهو بحق رجل المهمات الصعبة الذي يعرف التوقيت المناسب للتسامح والوقت الأنسب للحزم، وله أقوال خالدة بمداد من ذهب منها «لا نتدخل في شؤون الآخرين، ولا نقبل التدخل في شؤوننا، وأي إصبع يمتد في وجه المملكة سنقطعه»، ولذا فقد كان سموه قائدا محنكا اضفى حضورا مميزا للمملكة في المؤتمرات بنبرات صوته القوي ونظراته الحادة وشجاعته، ومنح السعودية قوة خارجية لا يُستهان بها. حصل الأمير سعود الفيصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة عام 1964، والتحق بوزارة البترول والثروة المعدنية وعمل مستشاراً اقتصادياً لها وعضواً في لجنة التنسيق العليا بالوزارة، وانتقل بعدها إلى المؤسسة العامة للبترول والمعادن، ثم عُيِّن نائباً لمحافظ بترومين لشؤون التخطيط عام 1970م، وفي عام 1971م عُيِّن وكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية لمدة 4 سنوات، ويعد صاحب أطول فترة بقاء في المنصب كوزير للخارجية مقارنة بنظرائه في دول العالم لمدة 40 عاما.