كثيرة هي الآمال وكثيرة هي الآلام في ساحتنا الرياضية, وعلى ما يبدو أن الأخيرة تفردت واستفحلت وسادت، أما الأولى فحالها يرثى لها فهي كالكتاب في عالمنا العربي موضوع على الرف في مكتبة غطاها الغبار. وما بين الأمل والألم مسافة تقدم فيها الطالح وتأخر فيها الصالح، وتصدر المشهد من هو مؤخر، وتأخر المقدم، وكلما خرج البعض عن النص هلل من به عقدة النقص. لم يعد الخروج عن النص استثناء، والالتزام باللوائح قاعدة، فالآية أصبحت بالمقلوب، وكل يغني على ليلاه رغم أن الذي خارج النص هو الرابح دائما جماهيريا وإعلاميا. لم تعد الرياضة رياضة، ولم يعد المستطيل الأخضر أصل الحكاية، فما يحاك خلف الكواليس أصبح نصا، والمألوف مملا، والموضات صرحا، والمؤامرات شطارة، والاحترام ضعفا، والسير على نهج اللوائح غباء، والضرب من تحت الحزام ذكاء وشجاعة. لم يعد الأمر يحتمل، فقد بلغ السيل الزبى، والمشهد ينذر بالانفجار، والحلول غائبة، والعلاج مهمل. في كل قضية تطرأ على الساحة الرياضية يصل الاعتراض لعنان السماء، لكنه سرعان ما يخبت وكأن شيئا لم يكن. هناك من ينفخ ولكن فوق رأسه ريشة، وهناك من يبح صوته ولكن لا حياة لمن تنادي، وهناك من يدافع وفي دفاعه هجوم على الآخر والطاسة ضايعة ما بين مدافع لحق يراد به باطل، ومهاجم لعنترية وجاهلية. في كتاب الرياضة فصول كتبت بألوان مختلفة لكنها حتما لم تكتب في وقتنا الراهن إلا بالغموض تارة والرقص على الجرح تارة أخرى. من يقفل الباب الواسع عن فصل الخروج عن النص؟ من يضع النقاط على الحروف؟ من يرسم خارطة الطريق لإعادة العربة للسكة؟ يبدو أن الجواب في شعر نزار وصوت العندليب عندما صدح الأخير (من حاول فك ضفائرها يا ولدي مفقود مفقود مفقود.. يا ولدي).