"عندنا الواحد من يقوم من النوم إلى أن يرجع ينام وهو ماسك الجوال! وبعدها يشتكي من البطارية! المفروض البطارية هي تشتكي منك!" هذه الطرفة توضح الاستخدام الجائر للجوال الذي نحن واقعون فيه، وأعتقد أننا قوم لا توسط بيننا في كل الأمور! ليس كما قال أبو فراس الحمداني: ونحن أناس لا توسط بيننا لنا الصدر دون العالمين أو القبر تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغلها المهر بل في أمور لا تنفع في الغالب! إما ألا نصطاد أو نقتل كل ما دب على الأرض! إما ألا نكرم ضيوفنا! أو أن نقدم ما يكفيهم ويكفي المدينة بأكملها! وهكذا تعاملنا مع الجوال! استخدام جائر من استيقاظنا من النوم عندما نبدأ به حتى قبل ذكر الله وليت فيه ما يفتح النفس! مروراً بصلاتنا التي تحولت مع الوقت ليس لسماع نغمات الاتصال فقط كما كان في السابق، بل أضيفت لها النغمات القصيرة والمتتابعة لرسائل مواقع التواصل الاجتماعي، مروراً بعلاقاتنا التي أصبح يفتك بها الجفاف. ولو سألت جالساً مع زوجته أو أولاده أو والديه: ماذا قالوا لك؟! لقال: هاه! هاه! لا أدري! حتى اكتفى عدد من العائلات ب (قروب العائلة) عن المحادثة المباشرة التي كانت وسيلة فعّالة للتربية والرقي! بل حتى أثناء القيادة على طرقنا المزدحمة! إن رأيت سيارة أمامك تموج مرة إلى اليمين ومرة إلى اليسار فاعلم أن صاحبها مشغول بمحادثة (واتسابية) أو تغريدة تويترية! وإن أضاءت الإشارة الخضراء والسيارة الأولى لم تتحرك فاعلم أنه يتابع مقطع فيديو وصل حديثاً! إذا ليست القضية فقط انتهاء شحن الجوال سريعاً حتى نبحث عن جهاز جديد أو بطارية بديلة، بل المصيبة أكبر، وما يحدث هو هدر وقت وجهد ومال وفكر بلا مقابل يذكر! ومن أغرب الغرائب عندما يقول لك أحدهم: لا! أنا جوالي مجاني! وكأن شركات الاتصالات ناشطة في المجال الخيري! لا أطالب بالمثالية غير الواقعية ومنع أنفسنا من الدخول إلى هذه المواقع، لكني أطالب ببرمجة أنفسنا على ترتيب الأولويات، والمحافظة على أموالنا وأوقاتنا وفكرنا فهي كنوزنا الحقيقية دنيا وآخرة! ولو عدنا إلى الجوالات القديمة للاتصال، وتركنا الهواتف الذكية التي تسهّل الدخول إلى مواقع التواصل بلا شريحة وللاستعمال فقط عندما نصل إلى الشبكة فهو حل جميل وعملي! الحلول المجرّبة كثيرة، والأهم أن نجعل إطالة عمرنا مقدمة على إطالة عمر البطارية! ٭ متخصص بالشأن الاجتماعي