تقول الطرفة : بأنّ من حقوق الضيف في هذه المرحلة ( اعطاؤه باسوورد الواي فاي للشبكة ، وإحضار شاحن لجوّاله )! - لنبتسم قليلاً ولكن المأساة أنّ المسألة ليست مجرّد طُرفة فقط! فبعد أن تحوّل العالم إلى قريةٍ صغيرة ؛ ثُمّ تحولت تلك ( القرية الصغيرة ) إلى حَيٍّ أصغر ؛ وتحوّل ذلك الحَيّ إلى شارع فبيت إلى أن أُختزلت كل تلك الأشياء في جهازٍ واحدٍ صغير ! ؛ تحمله معك أينما تنقلت في البيت في العمل في السيارة في الشارع في المطبخ في البقالة في غرفة النوم في السرير! - لذلك اصبح أمراً عادياً أن تجد في مواقع التواصل الاجتماعي من تنقل أو ينقل لك التفاصيل الصغيرة لحياته ، فبينما تقرأ حواراً لإحداهنّ مع شغالتها في المنزل أو موقفاً مع سائقها في السيارة -أو صورة لطبخة أعدتها ؛ ستقرأ لأحدهم خلافاً مع رئيسه في العمل أو موقفاً عابراً في احد الطرقات مُروراً بآخر يخبرك أنّه ( مزكّم )! - لنتجاوز هذه التفاصيل غير المهمّة غالباً - لنتجاوز كون الحياة الخاصّة أصبحت مشاعاً للجميع ؛ إلى مسألة الاعتراف بأنّ هذه الأجهزة غزتنا وأنّنا انغمسنا إلى درجة الغرق في هذه العوالم الافتراضية ، افتراضيّة كونها عزلتنا عن الواقع اقصد المجتمع المحيط بنا ، يقول أحد الأصدقاء كنّا مجموعة كبيرة في عزاء ؛ كثيرون لكن لا أحد! كان جَمْعاً بلا روح كلاّ مشغول في جهازه وعالمه الخاص ، نفس الحالة تكررت في حفل زواج ونفس الوضع يتكرر يوميّاً مع الأصدقاء في الاستراحة ومع العائلة في المنزل وقس على ذلك في كل الأماكن ؛ بل أصبح مألوفاً أن تصادف في طريقك سيارةً تترنّح رغم أن سائقها ليس ثملاً! - أصبح مألوفاً أن تصادف أحدهم في مكانٍ عام تعابير وجهه لا علاقة لها بذلك المكان ! - اجهزة تنام وتصحو وتأكل وتشرب وتذهب إلى السوق والعمل معنا - إلى أين هي ذاهبةٌ بنا ؟! - دعونا نتجاوز خطورة الإشعاعات التي تبثها شاشات تلك الأجهزة والتي لا زالت أضرارها منذ سنوات محسومة وغير محسومة ، ولنتجاوز على مضض مسألة التفكك الأسري والاجتماعي والإهمال والتسيّب الوظيفي الذي ساعدت عليه ، هل توقّفنا قليلاً و تساءلنا عن الآثار النفسيّة التي ستطرأ علينا على المدى الطويل؟! أو بشكلٍ أدقّ وأحقّ - ووفقاً لهذا الإدمان النفسي هل تصوّرنا ( الكائن ) الذي سنُصْبِحه؟!