إن اندفاع الدولار والأسهم في آن واحد وبشكل غير مسبوق يثبت أنه أمر لن يدوم طويلا وسط قلق من أن العملة الأمريكية المعززة سوف تستنزف أرباح الشركات. خلال الأشهر الخمسة الماضية، اندفع كل من الدولار الأمريكي ومؤشر إس آند بي 500 في خطوة لم نشهدها منذ عام 1999، لكن الارتباط انقطع هذا الشهر عندما استشهد المصرف الاحتياطي الفيدرالي باندفاع الدولار بينما كان يقوم بخفض توقعاته حول آفاق النمو، وهو ما دفع المحللين إلى أن يتوقعوا حصول انخفاض في الأرباح للمرة الأولى منذ عام 2009. قال أثاناسيوس فامفاكيديس، رئيس مجموعة العشر لاستراتيجية العملات الأجنبية في بنك أمريكا ميريل لينتش في لندن: «لن يعود هذا الوضع مرة أخرى في أي وقت قريب». وأضاف: «وصل الدولار الآن لمستوى سوف يؤدي مزيد من التعزيز فيه إلى وصوله لمستوى المغالاة وسوف يبدأ في تحقيق تأثير سلبي على الأسهم الأمريكية». إن صعود الدولار، الذي يتوقعه المحللون بأنه سيستمر حتى عام 2016، يثير قلق مستثمري الأسهم بينما هم يتأملون نهاية السياسة النقدية ذات أسعار الفائدة المتدنية والتي أدت لحدوث اندفاع بنسبة 205% في مؤشر إس آند بي منذ نشأة السوق الصاعدة قبل ست سنوات في مارس من عام 2009. إن السحب السلبي للدولار القوي أخذ منذ فترة يؤثر على الاقتصاد بينما تصبح الصادرات أقل تنافسية والواردات أكثر جذبا للمستهلكين. انخفض معامل الارتباط ل 120 يوما بين مؤشر بلومبيرج للدولار ومؤشر إس آند بي 500 إلى سالب 0.05 في السابع والعشرين من مارس، ما يشير إلى أن تحركات الطرفين غير متصلة. ارتفع المقياس إلى مستوى يصل 0.3 قبل شهرين، ما يظهر أن الارتباط كانت له علاقة إيجابية. إن النمو الأفضل بين الدول المتقدمة دفع المستثمرين إلى التهافت على أصول الولاياتالمتحدة، ما دعَم كلا من الدولار والأسهم الأمريكية. كان ذلك الترابط، الذي دام لقرابة خمسة أشهر، غير نموذجي، حيث إن الدولار، الذي عادة ما ينظر إليه كملجأ من قبل المستثمرين، قد يرتقي عادة بينما تنخفض الأصول وغيرها من الأسهم الأكثر خطورة، والعكس صحيح. المرة الأخيرة التي ارتفع فيها هذان النوعان من الأصول بالتتابع لفترة زمنية طويلة كانت من شهر سبتمبر من عام 1998 حتى انفجار فقاعة الدوت كوم (أي شركات الإنترنت التي كانت أسعار أسهمها منفلتة من عقالها)، ما أدى إلى هبوط مؤشر إس آند بي 500 بنسبة 26% من شهر مارس عام 2000 حتى نهاية عام 2001، بينما تعزز الدولار المرجح تجاريا لأكثر من 10%. قال جيمز بولارد، رئيس المصرف الاحتياطي في سينت لويز، الأسبوع الماضي إنه ينبغي على المصرف المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة الآن قبل أن تنشأ «فقاعة سوق أصول لا يستهان بها». لقد ظهرت بالفعل علامات الإجهاد على الأسهم، بسبب تعرض مؤشر إس آند بي 500 لأسوأ أسبوع منذ يناير الماضي. تكتسب شركات أبل وإكسون موبيل ومايكروسوفت، التي لديها الأوزان الأكبر بمقياس الأسهم المرجعي، نصف عائداتها أو أكثر من الأسواق الموجودة خارج الولاياتالمتحدة، بحسب بيانات جمعها برنامج بلومبيرج. أما شركة أبل، التي حصلت على 56% من مبيعاتها من مصادر أجنبية في عام 2014، تحقق نسبة 3.9% في مؤشر الأسهم القياسي، وهذا يعد أكثر من ضعفي وزن المكون الأكبر التالي. قال جون كاري، مدير الصندوق لدى بيونير لإدارة الاستثمار في مقرها في بوسطن، التي تشرف على إدارة ما يقارب 230 مليار دولار: «أنا لست متأكدا من أن الأسعار لها دور في أثر الدولار الأقوى». وأضاف: «إن السوق تشعر بالقلق إزاء الأرباح بينما يشرف الربع الأول على الانتهاء. أنا لا أعرف مدى إدراك السوق تماما بخصوص المقدار الذي يمكن أن تنخفض إليه الأرباح». سوف تبدأ الشركات في إصدار تقارير نتائج الربع الأول في شهر أبريل، ومن المتوقع أن تتراجع الأرباح الفصلية للمرة الأولى منذ عام 2009. سوف تشهد نتائج مؤشر إس آند بي 500 تقلصا بنسبة 5.8% عن الفترة نفسها من العام السابق، وفقا لتقديرات الخبراء الاقتصاديين التي جمعتها بلومبيرج. كانت توقعات نمو الأرباح إيجابية مؤخرا في شهر يناير، بحسب ما تظهر البيانات. بالنسبة لمديري الأموال بمن فيهم كيفن ديفني لدى إدارة رأس المال بيكونكرست، يعمل الدولار الأقوى على تعزيز جاذبية الشركات الأصغر التي تحصل على حصة أقل من المبيعات من المصادر الدولية. اعتبارا من شهر يناير، استمدت الشركات الثلاثون في مؤشر داو جونز الصناعي حوالي 45 بالمائة من مبيعاتها من خارج الولاياتالمتحدة، في المتوسط، وفقا للبيانات التي اطلعت عليها بلومبيرج، بالمقارنة مع نسبة 16.3% من المبيعات لمؤشر راسل 2000. قال ديفني في السادس والعشرين من مارس: «إن التجارة الانتهازية هنا قد تكون متحركة صوب الشركات ذات التعاملات القليلة عالميا، بالنسبة لوضوح الرؤية والأمان». وأضاف: «هذا قد يدعو إلى الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي كان أداؤها أفضل بكثير هذا العام».