اختتمت أمس جلسات أعمال مؤتمر المدن التاريخية والتجديد الحضري، الذي ينظمه المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي، مقرّه المنامة، على مدى ثلاثة أيام، بحضور كبير من خبراء التراث العالمي والإنساني من منظمات إقليمية ودولية مختلفة منها منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، والمجلس الدولي للآثار والمواقع الأثرية (ICOMOS) والمركز العالمي لدراسة الحفاظ على المباني الثقافية وترميمها (ICROM)، وذلك من أجل مناقشة مواضيع المحافظة على المدن التاريخية المناطق الحضرية وكيفية إدارتها. وانطلق المؤتمر من نصوص ثلاثة تكوّن المرجع الأساسي لانعقاده، وهي توصية منظمة اليونسكو التي اتخذت في مدينة نيروبي الكينيّة حول المجموعات المدنية والتاريخية، ميثاق المنظمة الدولية للمواقع والمباني التاريخية الذي أقرّ في مدينة طليطلة في إسبانيا واعتمد في واشنطن عام 1987م حول الحفاظ على المدن التاريخية والمناطق الحضرية، بالإضافة لاتفاقية اليونسكو لعام 2011م والتي توصي بالحفاظ على المناظر التاريخية للمدن القديمة. كما توقّف المؤتمر عند أعمال بعض المدن التاريخية في حفاظها على الإرث العمراني وانسجامه مع الحياة العصرية، والأمثلة ستكون من مناطق كثيرة من العالم انطلاقاً من المغرب العربي، إلى مصر، سوريا، العراق، إيطاليا، فرنسا، بلجيكا، بريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية. وأوضحت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي أهمية هذا المؤتمر، مشيرة إلى أنه يعد الأول من نوعه في المنطقة آخذاً بالاعتبار أهمية موضوع التراث التاريخي كنقطة انطلاق لسياسات التطوّر المدني، ويندرج ضمن السياسة العامة والرؤية الشاملة للمركز الإقليمي الذي يعمل على الحفاظ على المدن المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، خصوصاً مع التحديات والأزمات التي تواجهها في الدول العربية، بالإضافة لمشاكل الزحف العمراني والتلوث اللذين يهددان الإرث الثقافي للشعوب العربية. وأضافت "تكمن أهمية تواجد الخبراء المختصين بإحياء المدن التاريخية والذي يعد مناسبة هامة لهيئة البحرين للثقافة والآثار لتقديم تجربتها في مدينتي المنامة والمحرق وأخذ الآراء الفنيّة في متابعة المشاريع القائمة لتطوير المدينتين ضمن الحفاظ على التراث العمراني، بالإضافة لتكوين علاقات مع هذه النخبة التي تعطي خبرتها وآراءها ومساهمتها في هذا الميدان". يشار إلى أن المؤتمر استهل أولى جلساته بجدول أعماله مع مداخلات حول المدن التاريخية والمناظر الحضرية، يتبعها حديث حول عمل منظمة اليونسكو في مجال المحافظة على التراث الحضري، ومناقشة كيفية المزج ما بين الحفاظ على التراث والتنمية الحضرية في المدن المدرجة على قائمة التراث العالمي. كما تطرق المؤتمر إلى تحدّيات الحفاظ على المدن التاريخية في الوطن العربي كالقاهرة، زبيد وصنعاء، حيث من الجدير ذكره أن المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي يقدّم دعماً كبيراً من أجل الحفاظ على مدينة زبيد باليمن، والمدرجة على قائمة المواقع المهددة بالخطر لمنظمة اليونسكو، وحول المناطق التاريخية التي تمتلك مقوّمات حضارية ومعمارية مميزة، إلى جانب بحث سبل الحفاظ على منطقة خور دبي بدول الإمارات العربية المتحدة. أما في جلسته الثانية، في اليوم الثاني للمؤتمر، والتي ناقشت مواضيع متعلقة بالمدن التاريخية والتجديد العمراني، فطرح المؤتمر أمثلة ناجحة محلية من مملكة البحرين لمشاريع التجديد الحضري والتاريخي، والتي تتمّثل في العمل الجاري حالياً في مشروع طريق اللؤلؤ المسجل على قائمة التراث العالمي ومنطقة باب البحرين، كما ويتطرق المتحدثون في الجلسة الثانية إلى نماذج عالمية وعربية للتجديد العمراني للمدن كبرشلونة في إسبانيا، مدينة ماتيرا في إيطاليا ومدينة مراكش في المغرب. وفي يومه الأخير، قدّم المؤتمر جلسة متخصصة حول أهم مناهج الحفاظ على التراث، وجلسة تتناول المدن التاريخية المعرضة للخطر، حيث ينسّقها الدكتور منير بوشناقي مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي. وتحدث المؤتمر خلال جلسته الأخيرة هذه عن مدينة حلب التاريخية وطرق إدارتها ما قبل الأحداث في سوريا، ومن ثم قدّم مداخلة حول التدمير الجاري للتراث الثقافي في العراق بفعل الحروب. كما تناولت هذه الجلسة عمليات إعادة الإعمار في المدن التاريخية والتراث الثقافي في البوسنة والهرسك، والتي تعرضت لدمار أثناء فترة الصراع خلال أواخر القرن الماضي.