أصعب مراحل التغيير هي المرحلة التي يتم فيها تجديد الدماء بشكل شبه شامل، وعامل نجاح مرحلة التغيير مرتبط بقاعدة البقاء للأكفأ، وتلك المرحلة هي التي نمر بها حاليا، ودليل ذلك هو ما تم من قرارات منذ إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، فالأهداف المستقبلية كانت واضحة وبكل شفافية، (نعم) الأهداف المستقبلية كلها تتعلق بالتنمية الاقتصادية الحقيقية، وهذه الأهداف لن تتحقق إلا بتكامل العمل الحكومي والقضاء على البيروقراطية. الإمكانيات التي نمتلكها كبيرة ولله الحمد، والكفاءات المحلية بانتظار الإشارة فقط، فإذا كانت رؤية المجلس بتحويل منهجية العمل في الجهات الحكومية إلى عمل مؤسسي لا تقل جودته عن أفضل الممارسات في القطاع الخدمي عالمياً، وذلك من خلال رسالة واضحة تتعلق بهندرة المؤسسات الحكومية وإعادة هيكلتها الداخلية وربط خدماتها بمقاييس أداء فعلية واضحة، فهنيئاً لنا مقدماً بنقلة نوعية نحو الاقتصاد المعرفي الحقيقي. تلك الأهداف تتحقق بإعادة الهيكل التنظيمي للمؤسسات الحكومية داخلياً وإعداد وصف وظيفي لكل الوظائف بطريقة مفصلة تحتوي على المهام والمسؤوليات ومرتبطة بمقاييس أداء فعلية يتم من خلالها تقييم أداء شاغل الوظيفة بشكل دوري، واعتماد سياسة للتعاقب الوظيفي (الخلفاء)، وتقييم رضا المستفيدين إلكترونيا، ووجود أهداف قابلة للإنجاز لكل مؤسسة حكومية ويتم متابعتها ومتابعة أي وعود يتفنن فيها المسؤول أمام المواطنين المستفيدين ووسائل الإعلام، ومتابعة ما تم صرفه من ميزانيات تم تخصيصها لتلك المؤسسات. التغيير مكلف في البداية ولكن يعتبر أقل تكلفة مما نتخيل إذا تم تحقيق الأهداف على المدى المتوسط والبعيد، ونقطة الانطلاق هي وجود نموذج مثالي للهيكل التنظيمي لكل جهة حكومية، ووجهة نظري الشخصية أن النموذج المثالي هو التوجه إلى إنشاء مجلس استشاري في كل وزارة يتكون من كفاءات متنوعة (معمرة في الجهة الحكومية وشابة)، إضافة إلى تشكيل فئتين من الصف الثاني لقيادة الجهة الحكومية في المستقبل القريب وعند حدوث أي طارئ (لا قدر الله)، وتتكون أول تلك الفئات من عدد من المرشحين يتم تهيئتهم لقيادة أي منصب قيادي في أي وقت خلال فترة من سنتين إلى أربع سنوات، والفئة الثانية تتكون من مرشحين يتم تهيئتهم لقيادة المناصب العليا في الجهة الحكومية خلال فترة من أربع الى ثماني سنوات، وأرى ألا يتم التجديد لأي وزير بعد دورتين متتاليتين ويتم انتقاله إلى المجلس الاستشاري الذي تم تشكيله في الجهة باستثناء الجهات الحساسة. ختاماً، نسأل الله أن يوفق حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لكل ما فيه خير للوطن والمواطن.