المشاركون في الندوة أ. عبدالله بن عبدالعزيز التويجري نائب رئيس ديوان المراقبة العامة د. عبدالوهاب سعيد أبوداهش مستشار مالي واقتصادي د. رجا مناحي المرزوقي متخصص اقتصاد وإدارة أ. عبدالرحمن بن أحمد العجلان ديوان المراقبة العامة بدأ في الآونة الأخيرة إزدياد الهدر المالي في الدوائر الحكومية أو عدم المحافظة على المال العام وقد يكون ذلك عائداً إلى وجود خلل في الجهاز أو قد يكون ذلك لعدم وجود تخطيط أو إلى تدني مستوى الأداء الإداري. ويعتبر ديوان المراقبة العامة جهازاً مستقلاً مرجعه خادم الحرمين الشريفين (رئيس مجلس الوزراء) منذ صدور المرسوم الملكي رقم م/9 وتاريخ 11/2/1391ه بالموافقة على نظامه الحالي، حيث زادت اختصاصاته في الرقابة اللاحقة فشملت جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها ومراقبة كافة أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمالها. ويتبع للمركز الرئيس للديوان أربعة فروع في كل من: منطقة مكةالمكرمة، والمنطقة الشرقية، والمنطقة الجنوبية ومنطقة الجوف. يتولى ديوان المراقبة العامة إعداد تقرير سنوي عن كل سنة مالية يتضمن نتائج أعماله خلال تلك السنة يتم رفعه للمقام السامي. فما السبيل إلى تصحيح إزدياد الهدر المالي في الدوائر الحكومية و هل هذا خطأ إن صح لنا تسميته خطأ وما النصائح والتوجيهات التخصصية لهذا الموضوع؟ ٭ «الرياض»: ما مفهوم الهدر المالي في الدوائر الحكومية من الناحية الاقتصادية وما أنواعه ؟ - د. عبدالوهاب أبو داهش: عندما تكون النفقات كبيرة ولا تؤدي إلى نتائج ملموسة وملحوظة، خاصة إذا كان الإنفاق العام للدولة إذا تم صرفه في أوجه غير منتجة وغير مفيدة للاقتصاد ولا تؤدي إلى قيمة مضافة، وهذا يعتبر في حد ذاته نوعاً من الهدر المالي خصوصاً إذا رافق ذلك محاباة لجهات معينة على حساب جهات معينه، ويكون الهدر المالي عندما تكون هناك نفقات لا تعطي مضاعفات اقتصادية واضحة على الناتج الإجمالي المحلي للدولة خلال سنة أو أكثر . - د. المرزوقي: يجب أن نحدد الهدر كما عُرف بالاقتصاد، وذلك بأن الهدر المالي هو انخفاض الكفاءة الاقتصادية، بحيث يتم تأدية العمل بتكاليف أعلى مما يجب، وقد يكون الهدر المالي غير مقصود، ويجب أن ننظر إليه بأنه ليس المقصود به صرف الأموال ولكن التضخم الوظيفي أحياناً يعتبر جزءاً من الهدر المالي، سواء التضخم في المصروفات الانفاقية أو في التجهيزات أو البنيان، وبصورة عامة نجمل هذا التعريف بأنه انخفاض الكفاءة الاقتصادية مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج مقابل تضخّم التكاليف. - أ. عبدالله التويجري: إن مفهوم الهدر المالي هو عدم استغلال الموارد الاقتصادية الاستغلال الأمثال بحيث تحقق ما يطلق عليه اصطلاح الكفاءة الاقتصادية وبالتالي يحدث الهدر عندما يكون هناك سوء تخصيص للموارد إلى جانب عدم الكفاءة بمعنى أن الموارد لاتحقق أكبر عائد أو منفعة لذلك فإن الهدر يكون عادة بسبب عدم تخطيط هذه الأعمال حسب الخطة المرسومة لها بالمعايير المحددة مسبقاً، بحيث تضع في مسارات مختلفة، ولا تصب في الهدف المرسومة له، وهنا سيكون الهدذر المالي بحيث تكون هناك جهة لم تستغل هذه الموارد المتاحة لها، وربما الهدر سببه عدم وجود خطط مرسومة وكفاءة في الأداء . - أ. عبد الرحمن العجلان: اتفق مع الدكتور رجا على تعريف الهدر المالي، بأنه عدم الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، ويحصل ذلك إذا تم توجيه هذا المال إلى تحقيق أهداف إنتاجية أو خدمية ولم يتم تشغيله بالكفاءة الاقتصادية اللازمة، أو عندما لا يوجّه أساساً للنواحي الإنتاجية والخدمية فينتج عن ذلك خسارة الفرصة البديلة التي كان يمكن أن تتحقق فيما لو تم توجيهه واستغلاله بشكل فعال. وتعتبر مثل هذه الأشياء هدرا للمال، وهو قد يكون مقصوداً وقد يكون غير مقصود لأسباب متعددة، ولكنها ترتبط بشكل أو بآخر بسوء الإدارة وعدم الكفاءة. الرياض: هل لكم أن تتحدثوا عن أنواع الهدر المالي ؟ - أ. عبد الله التو يجري: يمكن تحديد أنواع الهدر المالي في الآتي: - 1 - هدر متعلق بالمصروفات ويتمثل ذلك في التأمين بأسعار مرتفعه ومبالغ فيها وأيضاً ارتفاع كلفة صيانة بعض المشاريع. 2 - هدر متعلق بالإيرادات ويتمثل ذلك في قصور بعض أداء الجهات الحكومية تجاه استثمار مرافقها العامة وعدم الاستفادة من موارد تلك المرافق. 3 - هدر بسبب سوء استخدام المرافق العامة من قبل المستفيدين. 4 - هدر متعلق بسوء استخدام الآلات والمعدات والسيارات الخاصة بالجهات الحكومية. 5 - سوء عملية تخزين الأصناف والمواد والآلات بالمستودعات الحكومية وتعرضها للفقد والتلف، إضافة إلى تقادم بعض الأصناف وعدم الاستفادة منها نظراً للتطوير التقني. - أ. عبدالرحمن العجلان: الهدر المالي من حيث أنواعه هو نوعان؛ هدر مباشر وهدر غير مباشر، ويندرج تحت هذين التصنيفين عدد من الأنواع، هذه الأنواع تتصل بأسبابها المختلفة، ومن أنواع الهدر الذي يرجع سببه إلى التخلف وقلة الوعي ما ينتج عن حوادث السيارات، وكمثال على ذلك ما يحصل في المملكة من حوادث مرورية مروعة، حتى أن المملكة تصنف على أنها إحدى الدول التي تعتبر نسبة الحوادث فيها مرتفعة جداً، رغم وجود شبكة متطورة من الطرق، ولا شك أن نتائج هذا الواقع المحزن هدر مالي كبير جداً بمليارات الريالات عبارة عن خسائر يتكبدها الاقتصاد الوطني، ناهيك عن الخسائر البشرية خاصة من فئة الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من ضحايا هذه الحوادث، هذا بالإضافة إلى مصاريف علاج المصابين ورعاية المعاقين نتيجة لذلك. وكذلك من أنواع الهدر نتيجة سوء التخطيط ما يحصل من السماح ببناء محطات الطاقة والمدن الصناعية قريبا من المناطق السكنية، حيث ينتج عن ذلك إصابة السكان في هذه المناطق بالأمراض، الأمر الذي يكلف خزينة الدولة بمبالغ لعلاج هذه الأمراض. وكذلك هناك هدر ينتج عن ضعف الأجهزة الرقابيةبشرياً أو مادياً أو من الناحية التشريعية بحيث لا تتمكن هذه الأجهزة من القيام بالدور المناط بها بكفاءة وحيدة وموضوعية، أو نتيجة عدم وجود الأنظمة والمعايير المتطورة التي تواكب مستجدات العصر، أو عدم تعاون الجهات ذات العلاقة. وهناك هدر مالي سببه البيروقراطية وعدم وجود الأنظمة، أو طولها وعدم وضوحها، وينتج عن ذلك الفساد الإداري وهو أمر مكلف للاقتصاد الوطني. وغير ذلك. ٭ «الرياض»: بالنسبة لكيفية الحفاظ على المال العام، هل يمكنكم التطرق لهذا الجانب ؟ - أ. عبد الرحمن العجلان: الحفاظ على المال العام أمر مهم جدا، ومسؤولية كبيرة، وإذا أردنا أن نتحدث عن هذا الموضوع فإن أول ما يتبادر إلى الذهن وجوب مراقبة الله سبحانه وتعالى، واستشعار عظم هذه المسؤولية، ثم بعد ذلك تأتي مسألة الإدارة التي يجب أن يقوم بمسؤولياتها المناطة بها، ومن أهم مسؤوليات الإدارة الرقابة، وكما يعرف الجميع فإن الرقابة من المهام الرئيسة للإدارة، وهي عملية مصاحبة للمراحل الأولى بدءا بمرحلة التخطيط، إذ يجب أن تعكس الخطط احتياجات حقيقية وفعلية، وتنطلق من معايير واقعية تستند على أسس علمية، ويجب أن تكون هذه الخطط مصحوبة بالرقابة أثناء وخلال التنفيذ، وأقصد - أثناء - في مرحلة التنبؤ الأولية، وخلال التنفيذ، حتى يتم تقييم هذه الانحرافات ومعالجة أوجه الخلل فيها قبل أن تتفاقم المشكلة، كذلك ومن أجل الحفاظ على المال العام يجب أن تكون الأنظمة الموجودة كفوءة وحديثة وواقعية أي قابلة للتطبيق، وتضع محددات وتحدد مسؤوليات كل طرف وكل مسؤول وكل جهة وحتى على مستوى الأفراد من خلال التعامل مع الممتلكات العامة ومع أصول الدولة بشكل عام، وتقضي بإيقاع العقوبة على من يسيء استخدام التعامل مع أموال الدولة ومجهوداتها، هذا بشكل عام. أما بالنسبة لمن يباشرون التعامل مع أموال الدولة أو أصولها سواء على مستوى المسؤولين الماليين في الإدارات الحكومية والمستودعات، أو على مستوى المسؤولين عن تنفيذ المشروعات والإشراف عليها، كل هؤلاء الأشخاص وغيرهم ممن يناط بهم ذلك فقد حددت الأنظمة، ومنها نظام مباشرة الأموال العامة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/77 سنة 1395ه ولوائحه التنفيذية، ونظام تأمين مشتريات الحكومة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/14 سنة 1397ه ولوائحه التنفيذية، حددت مسؤولية من يباشر مثل تلك الأعمال ويتم التعامل على ضوئها وتتم المحاسبة بناء على هذه المعطيات. - د. عبدالوهاب أبو داهش: حيث إن تعدد الأنظمة والإجراءات وزيادة البيروقراطية من أهم الأسباب الرئيسة لزيادة الهدر العام أو وجود خلل في الإنفاق نفسه، ولذلك لا بد من وجود أنظمة واضحة بحيث تكون سهلة وبسيطة، وعدم وجودها يعتبر من أكبر المعوقات أمام تنفيذ معظم الخطط ولا يجوز وجود تضارب في الأنظمة مع بعضها البعض وخاصة المتعددة في الأجهزة الحكومية وتضارب الصلاحيات بين الأجهزة نفسها، إذن الحفاظ على المال العام ينطلق من وجود أنظمة سهلة وواضحة وعدم وجود تعدد لصناعة القرار بحيث تسهل عملية الوصول إلى صانع القرار دون اللجوء إلى إجراءات معقدة. - د. رجاء المرزوقي: لا شك أن الأنظمة والقوانين مهمة جداً، وأؤيد ما طرحه الأخوان من قبل وكذلك الإجراءات التنفيذية، وتطبيق الأنظمة القوانين وهي الإشكالية التي نعاني منها إلى حدِّ ما، ويوجد أحياناً أنظمة وقوانين، لكن صرامة وقوة النظام أو ضخامة العقوبة قد لا تكون بأهمية الحدث، حيث عادة ما نشاهد أن الخطأ بسيط والعقوبة بسيطة مما يحدو بمن كان بيده الأمر أن يتجاوز النظام ويخطئ وتكون العقوبة الواقعة عليه لا تساوي الفائدة الكبيرة التي يجنيها المسؤول من خطئه الذي قام به، وبالتالي يجب أن تكون الأنظمة والقوانين تأخذ بالحسبان لهذا الأمر، ودائماً ما نرى أنظمتنا وقوانيننا لم يتم تحديثها منذ عشرات السنين، بينما الوضع الاقتصادي والتكاليف قد تغيّرت. - أ. عبد الله التويجري: يمكن تظافر الجهود للحفاظ على المال العام وذلك بالمساهمة في نشر الوعي التثقيفي لجميع فئات المجتمع وأن ذلك واجب ديني قبل أن يكون مطلباً وطنياً حتى يمكن تحقيق الرقابة الذاتية من قبل أفراد المجتمع، وعلى مستوى الأجهزة الحكومية أرى أن المحافظة على المال العام يجب أن يتم من خلال الآتي: - - تطوير وتحديث النظم المالية، والتعليمات المالية للميزانية والحسابات . - تفعيل دور أجهزة الرقابة وإعادة النظر في أنظمتها حتى يمكنها القيام بواجباتها كما ينبغي. - الاهتمام باختيار الموظفين الذين يتوفر لديهم التأهيل العلمي الكافي وتدريبهم. - يجب الاهتمام بوجود خطة تنظيمية تحدد واجبات ومسؤوليات الموظفين بالإدارات المالية بدقة ووضوح. - إيجاد نظام فعال للرقابة الداخلية في الجهات الحكومية، والإسراع في تأسيس وحدات للمراجعة والتدقيق يرتبط مديرها بالمسؤول الأول بالجهاز. - سرعة تبني الأجهزة الحكومية استخدام الحاسب الآلي في أعمالها المالية. - عدم المبالغة عند وضع الشروط والمواصفات للعقود التي تبرمها الجهات الحكومية. - أن يصاحب تقديم المشاريع المطلوب اعتمادها بالميزانية دراسة للهندسة القيمية وذلك لما تحققه من توفير البدائل وتخفيض النفقات بالتخلص من التكاليف غير الضرورية مع رفع كفاءة الأداء والجودة. - تطبيق مبدأ المساءلة عن الأخطاء والتصرفات المالية وذلك بمساءلة المتسببين والتحقيق معهم عن تلك الأخطاء. - التركيز على رقابة الأداء وإيجاد مقاييس ومعايير معينة يمكن بواسطتها تحديد مدى فعالية البرامج الحكومية ومدى تحقيقها لأهدافها. - أ. عبد الرحمن العجلان: بالإضافة لما ذكره الإخوة عن الأسس المهمة للحفاظ على المال العام، أود التأكيد على أنه يجب تعزيز دور الأجهزة الرقابية، لأنها هي المختصة بمتابعة تطبيق الأنظمة، وهي صمام الأمان للمحافظة على المال العام صرفا وإنفاقا وتحصيلاً، وإذا لم يعزز دور الأجهزة الرقابية المتخصصة فلسوف تتضاءل القدرة على المحافظة على المال العام، وبالتالي لا يمكن التحقق من كفاءة وسلامة التصرفات المالية التي تتم. إن المسألة ليست في وجود نظام وحسب، بل لا بد مع ذلك من آلية محدد تضمن تطبيق هذا النظام وعدم الخروج عليه، ومن هذا المنطلق أستطيع القول إن الاستثمار في الإنفاق على الأجهزة الرقابية هو استثمار في محله وعائده كبير جداً، ولو قيس بالنواحي المادية لوجدنا أن المبلغ المستثمر سيعطي ربحاً مضاعفاً كبيراً، ولك أن تتصور لو لم تكتشف بعض الأخطاء الجسيمة، فكم كان سيكلف ذلك خزينة الدولة؟؟ . لذلك أقول إن دور الأجهزة الرقابية مهم جداً، وهذا لا يعني الأجهزة المختصة بالرقابة فحسب، بل يجب أن يتم تعزيز الوحدات الرقابية داخل الأجهزة الحكومية نفسها، حتى تكون رقيباً على حسن استخدام الموارد المتاحة وتعمل على تحقيق الاستفادة القصوى منها. - د. عبد الوهاب أبو داهش: أؤيد الرقابة لكن في الحقيقة هي مكلفة، فوجود الأجهزة الرقابية مكلف جداً مادياً، ولهذا إذا لم تكن الرقابة ذاتية يصعب في الحقيقة وقف الهدر المالي أو الحفاظ على المال العام، ولا بد أن يكون هناك إعادة هيكلة لنظام الأجهزة الحكومية بحيث إنها تبنى على الكفاءة والفعالية الإدارية والمالية، بمعنى آخر لا بد أن يكون لكل جهاز إداري موازنة أو ميزانية تختص به وتعتمد على الإيرادات التي يحققها، وبالتالي الاستطاعة على معرفة ما إذا كان فعلاً أنها تُستخدم الموارد المالية بشكل كفؤ وفعال. والآن هناك بعض الدول التي تطبق الاستقلالية في عملية الموارد المالية والميزانيات المستقلة مثلاً لأجهزة البلدية، في مناطق ومحافظات معينة، بحيث يكون أي فائض زائد يرجع إلى الحكومة المركزية أو وزارة المالية، وأي نقص أو عجز يعزز من قبل وزارة المالية وكل ذلك يتم بناؤه على شروط لأن تحقيق الكفاءة الإدارة والرقابة من داخل النظام ذاته هو الركن الأول في خفض تكاليف الرقابة التي أؤمن بها، لأن الرقابة في الدول المتقدمة موجودة لكنها مكلّفة للغاية، بينما في الدول النامية غير موجودة بشكل كبير لأنها مكلفة وترهق ميزانية الدول الناشئة. - أ. عبدالتويجري: لا شك أن نظام الرقابة الداخلية له قيمته، والآن هناك قرار صادر عن مجلس الوزراء بضرورة وجود وحدات، رقابية داخل الأجهزة. وقضى القرار بوجود أن يكون على كل جهة حكومية إيجاد وحدة رقابة داخلية ويجب أن تكون هذه الوحدة مرتبطة برئيس الجهاز، وليس بالجهات التنفيذية. بمعنى أنها توصل لرئيس الجهاز كل ما هو موجود من سلبيات وإيجابيات في الإدارة، تبيّن له الخلل حتى يتم إصلاحه، ومتى ما وجدت هذه الوحدات ذات الكفاءة العالية والمدعومة بالكفاءة والمواد فإنها سوف تحقق أشياء كثيرة، فوجود الوحدة الرقابية داخل الأجهزة سوف يخفف من عبء الأجهزة الرقابة التي ستنصرف إلى أشياء أكثر أهمية، كالرقابة على الأداء للتحقق من الاستخدام الأمثل للموارد وتحقيق الأهداف. - أ. عبد الرحمن العجلان: أرجو أن يسمح لي أخي الدكتور عبدا لوهاب بأن أختلف معه فيما يخص أن عملية الرقابة مكلفة وغير مجدية اقتصادياً !!، وأقول إنها ربما تكون مكلفة بالفعل!! ولكن هل هذا السؤال الذي يتعين طرحه؟؟ أعتقد أننا يجب أن ننظر هنا إلى العائد وليس إلى التكلفة.. خاصة إذا كان العائد مضمونا وبدرجة كبيرة جدا. فعلى سبيل المثال لو قمت بإنشاء مشروع أو أنتجت سلعة وانتهيت إلى أن العائد منها30٪ أو فترة استرداد رأس المال سوف تتم خلال سنتين أو ثلاث لاعتبر أن المشروع ناجح بكل المقاييس، وهناك دراسات أجريت في بعض الدول المتقدمة بشأن جدوى عمليات الرقابة وانتهت إلى جدوى ذلك وأن العائد كبير جدا. إذن كل ما يتم إنفاقه على الأجهزة الرقابية فهو إنفاق في محله وعائده كبير جداً. ومن المعروف أن الدول التي تعاني من خلل مالي تعمل على تعزيز وتكثيف الرقابة لتحقيق أقصى فائدة ممكنة من مواردها المحدودة. - د. عبد الوهاب أبو داهش: لست ضد تعزيز أجهزة الرقابة ولكن من المفترض أن تكون الرقابة ذاتية في البداية، ويجب أن يكون الهيكل الإداري والحكومي مهيأً لأن يكون كفؤا من ناحية استغلال الموارد المالية، وبالتالي إنفاقها في الأوجه الصحيحة، وذلك حتى يتم تخفيف تكاليف قيام أجهزة رقابية كبيرة وقوية، لهذا لا بد أن نبدأ من هيكلة الأجهزة الإدارية نفسها، وبسبب ذلك قلت إنه يجب أن تأخذ البلديات في بعض المحافظات ميزانيات مستقلة، لأنها أكثر كفؤاً وفعالية في تحقيق الأهداف المرجوة بتكلفة أقل. وعندما يكون هناك فعالية وكفاءة في علمية الإيرادات والمصروفات على الأجهزة الحكومية فإنها هي من تراقب نفسها بنفسها، ومعالجة الخلل في حال وجوده. ونرى الدول المتقدمة تنفق على الرقابة بشكل كبير وذلك لأنها تملك القدرة المالية والتكنولوجية، بينما الدول النامية لا توجد لديها نفس القدرة والكفاءة، وعليه أن تبدأ من القاعدة الأساسية وليس من الأعلى. ٭ «الرياض»: هل هناك معايير لقياس الهدر المالي، ومتى يعتبر ذلك هدراً ؟ - أ. عبدالله التويجري: أرى أن يتم إصدار معايير التدقيق المالي الحكومي وتدقيق الأداء بشكل عام بحيث يتم وضع معايير عادلة وقابلة للقياس، والديوان يعمل على تقييم أعمال الإدارات المالية ومساعدتها لترشيد الإنفاق. - د. رجاء المرزوقي: أود أن أضيف على قضية أهمية المراقبة الذاتية للمحافظة على المال العام، ومن أهم الحلول فيها التعليم منذ الصغر في المراقبة الذاتية، لأن لدينا خصوصية غير موجودة عند الدول الأخرى، بالإضافة إلى ذلك يجب أن كون هناك مراقبة لأن النفس البشرية فيها حوافز إذا لم تكن هناك مراقبة عليها فقد تأتي الهفوات وتأتي الحوافز المشجعة على هذا الاتجاه السلبي، فمع التربية واستمرار المراقبة يحد ذلك من وجود الهدر المالي. - أ. عبد الله التويجري: للحد من الهدر المالي لا بد من وضع معايير الأسس. إذن لا بد من وضع معايير الهدف من الميزانية وعلى أي أساس تم وضعها وما هو الناتج الذي يحقق لنا الهدف. - د. عبد الوهاب أبو داهش: إذا كانت، هناك معايير فإن المعايير المحاسبية هي رقم واحد والرقم الثاني هو ربط الإنفاق بالأهداف والنتائج، حتى على مستوى الموظفين والأشخاص، لا بد من أن يكون لهم أهداف واضحة ويجب أن يحققوا أهداف وعوائد واضحة بالتالي بالإمكان ضبط النفقات، وأيضاً يجب إيجاد استراتيجيات لمعرفة مكان إنفاق المال، لأن أكبر مشكلة تواجه الموازنة العامة للدولة هو عدم القدرة على ضبط النفقات، وبالتالي ضبط النفقات أمر مهم، ولا بد أن يكون هناك تحديد محدد لرفق النفقات ونقل البنود من بند إلى آخر، وأن تكون هناك معايير لمعرفة أسباب إنفاق هذا المبلغ وماذا سيحقق للتنمية الاقتصادية وعلى الرائدة الحكومية نفساً. وبالتالي إذا استطعنا عمل ذلك، فإننا نستطيع عندئذ أن نحقق جزءاً من الحفاظ على المال العام. وفي السنوات الأخيرة نجد أن الموازنة العامة للدولة كان فيها ضغط للنفقات بشكل كبير، بحيث إن النفقات العامة لا تتجاوز (5-6٪) وهذا يساعد الحكومات على استغلال الموارد المتاحة لها. خاصة أنها تعرف أن الزيادة القادمة لا تتجاوز نسبة معينة وبإمكانها أن توزع النفقات على الأولويات التي للصالح الوطني، فأول حل لعجز الموازنة سواء في المملكة أو أي دولة أخرى هو ضبط النفقات الهيكلية ونفقات غير الهيكلية، وأين تذهب هذه النفقات؟ وما هو أساس إيرادات هذه النفقات؟ وأيضاً يجب أن يكون الانفاق مساوياً لعملية الايرادات.. وأقول إنه لا بد لكل دائرة حكومية من وضع أهداف واضحة تتحقق سنوياً، وبالتالي على ضوئها تُعطى الصلاحيات المالية المخصصة لذلك. - أ. عبدالرحمن العجلان: من أجل أن نحد من الهدر المالي لا بد أن تكون لدينا معايير ومقاييس للأداء تكون أساسا لوضع الخطط والبرامج، وأداة نظامية تستند عليها عملية الرقابة فيما بعد، كما يجب أن تكون هناك أولويات في تنفيذ المشاريع، أيضا من المهم تطبيق الأنظمة وتفعليها وتعزيز دور الأجهزة الرقابية بشكل كبير جداً، وحتى نستطيع أن نقرر بأن هناك هدراً مالياً من عدمه، ليتم التعامل مع ذلك وفقاً للنتائج التي يتم التوصل إليها. - د. رجاء المرزوقي: إذا تكلمنا عن طرق القياس فإنني أتوقع أن هذه هي إشكالية الدوائر الحكومية، وهذا ليس في المملكة وحدها بل على مستوى العالم، ومن ناحية اقتصادية نستطيع أن نعتبر أهم الطرق لقياسه هو الكفاءة الاقتصادية، فكلما كانت هناك كفاءة اقتصادية في القطاع بحيث يقدم الخدمة بتكاليف أقل فهذا نستطيع على ضوئه أن نحدد المبلغ الذي يأخذه هذا لقطاع ولم يعطنا. فأهداف القطاع الحكومي ليست أهدافاً ربحية بل أهداف اجتماعية . ٭ «الرياض»: هناك دراسات اقتصادية قد عُملت، حيث حاولت أن تقيس أداء القطاع الحكومي مع القطاع الخاص ووجدت أن أداء القطاع الحكومي أقل من أداء القطاع الخاص، وأن يقدم القطاع العام تكاليف أكبر من التكاليف التي يقدمها القطاع الخاص، ومن هنا أتت قضية التخصيص والخصخصة للقطاعات التي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص. ٭ «الرياض»: البعض يعزو أسباب الهدر المالي إلى الضعف الإداري والآخر إلى ضعف التخطيط وصفات المسؤول في الجهة المعنية، ما أسباب الهدر المالي ؟ - أ. عبد الله التويجري: ضرورة تحديث الأنظمة وتطويرها لتكون واضحة وسهلة التنفيذ، ومن أسباب الهدر المالي قيام بعض الجهات الحكومية بتأمين الاحتياجات والمستلزمات غير الضرورية والتي للحاجة لها من أجل استنزاف ما تبقى من البند. وربما يوجد أحياناً خلل إداري في تنفيذ الأعمال وربما هناك ازدواجية أو تداخل بعض الإدارات مع بعضها البعض، فهذا ما يسبب عملية الإهدار، وسوء تقدير ميزانيات بعض الجهات وعدم وضع الأولويات أثناء تقديم الميزانية ووضع مواصفات وشروط للعقود مبالغ فيها، إضافة إلى ضعف الوازع الديني وعدم نشر الوعي التثقيفي لجميع فئات المجتمع. - د. عبد الوهاب أبو داهش: هناك عدة أسباب للهدر المالي منها تعدد الإجراءات والأنظمة وأيضاً المسؤوليات من ناحية توزعها وتشعبها، بالإضافة إلى ضعف أداء الموظفين وعدم ربط التوظيف بالأهداف المحققة لكل موظف فتعدد الإجراءات يؤدي إلى أن تبقى المعاملة محبوسة لإدراج الفترة الطويلة بسبب البيروقراطية، فعملية دوران المعاملة نشبهها كلما كانت مسرعة بعملية تداول النقود داخل الاقتصاد فخفض (1٪) من الفساد الإداري في قطاع معين يضيف إلى الاقتصاد العالمي (6,3٪) فهذا يعطينا أهمية عملية تسريع وإنهاء الإجراءات والمعاملات سواء أكانت المعاملات تجارية بحتة أو اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، لأنها في نهاية المطاف تسرّع من عملية الدوران داخل المجتمع وبالتالي لأهداف تتحقق بأسرع وقت ممكن . - د. رجاء المرزوقي: بالإضافة لما ذكره الأخوان حول أسباب الهدر فإنني أتوقع أنه جزء من الإشكالية عدم التنسيق بين الخطط والميزانية، فهناك هدر في تجهيز خطط التنمية الخمسية، والأمر الآخر لوجود الهدر هو تجاوز ما هو مخطط له من أجل الحصول على أكبر قدر من الأموال من وزارة المالية، والقضية الأخرى والمهمة هي طريقة تقسيم الميزانية، فإي جهة حكومية تقوم بإرجاع مبالغ إضافية وفوائض لوزارة المالية قد تخصم منها مستقبلاً، وبالتالي تحفز هذه الجهة على استهلاك ما عندها حتى لو بذلتها في أشياء كمالية، وأيضاً من أهم الأسباب هو عدم توافق قوة الأنظمة والقوانين مع كبر وضخامة الجرم، وأيضاَ تعظيم المنفعة الاجتماعية للقطاع الحكومي يجعل من الصعوبة قياس الهدر إن وجد. - أ. عبدالله التويجري: لو فرضنا أن كل جهة لديها خطة مدروسة دراسة فنية وعلمية، وكانت اعتمادات الميزانية مربوطة في هذه الخطة ووضع لها المعايير لتحقيق الأهداف لساعد ذلك على تنفيذ الخطة ضمن مسار صحيح دون وجود أي خلل ولكن في حال وجود مبالغ مقطوعه لاعلاقة لها بالخطط فهذا سوف يساعد على خلل فني داخل الجهاز وبالتالي يكون هناك تخبط في عملية صرف الأموال العامة. - أ. عبدالرحمن العجلان: لقد نجحت بعض دول العالم في وضع معايير لقياس مستوى أداء الخدمات التي يقدمها القطاع العام بدقة كبيرة، ومنذ حوالي عشرين سنة بدأ ديوان المراقبة العامة، استناداً إلى المادة (7) من نظامه، في تطبيق مفهوم تدقيق الأداء الذي يُعنى بالكفاءة والاقتصادية والفعالية. صحيح أن الدول بشكل عام لا تهدف إلى تحقيق الربح المادي من خدماتها التي تقدمها لمواطنيها، ولكن مما لا شك فيه أن الدول تحقق على المدى الطويل مردوداً كبيراً جداً قد لا يكون مادياً ومباشراً، إلا أن ارتفاع الوعي في المجتمع يؤدي إلى انخفاض التكاليف على الدولة وأوضح مثال على ذلك هو الالتزام بقواعد المرور، ويمكن توجيه هذا التوفير إلى مشاريع يحتاجها المجتمع. أما الرقابة الذاتية لوحدها فهي غير كافية. ولذلك لابد من أن تكون هناك أنظمة واضحة ومحددة وعقوبات تتفق ومستوى المخالفة التي ترتكب. - د. عبدالوهاب أبو داهش: لا بد أن يكون لكل منظومة أهداف عامة تحققها، وأن يكون لكل جهاز إداري تابع لهذه المنظومة أهداف، وأن يكون لكل موظف هدف تحقق أهداف الإدارة التي يعمل فيها وبالتالي تحقيق أهداف المنظومة العامة بشكل زمني، وبذلك يتم تحقيق ربط الأداء بتحقيق الأهداف والنتائج وهذا يعتبر أهم طريقة في قياس الأداء والفعالية وبالتالي يظل دور الرقابة هو التحقق من تحقيق الأهداف نفسها، وأيضاً سوف يخف العبء على الجهاز الرقابي عندما يكون هناك وضوح في الأهداف ولكن عندنا في المملكة معظم الأهداف أو الاستراتيجية لبعض الوزارات تتلاقى مع بعضها البعض. ونجد أن بعض الهيئات التي تتم إنشاؤها حديثاً لها أهداف مشابهة لأهداف وزارة الاقتصاد والتخطيط والاقتصاد. وبالتالي يجب أن يكون هناك نوع من عملية تحديد الهدف بصورة واضحة بحيث تكون للقائم على الجهاز الإداري واضحة أمامه.. - د. رجا المرزوقي: أود أن أقول هل الجهات الحكومية لديها استراتيجيات أخرى طويلة الأجل يصرف و التنمية هي خطة متوسطة الأجل ومدتها باستمرار بينما نجد أن أهدافها في الغالب هي أهداف ولا توجد هناك ملاءمة بين أهداف طويلة الأجل مع خطة متوسطة الأجل خلال خمس سنوات، والقضية الأخرى إن الجهات الحكومية في الغالب هي معنية بالعمل اليومي وليس بتحقيقها أهداف طويلة الأجل، والخطة الخمسية التي ترسلها وزارة الاقتصاد والتخطيط تقوم بإدائها لتحصيل حاصل ولم تتطور، لذلك نجد أن الجهة الحكومية معنية بالعمل اليومي بعيداً عما يجب أن تحققه على المدى البعيد، والآن حان الوقت لتكون كل جهة حكومية لديها خطة طويلة الأجل وكذلك خطة التنمية لتربط بقوة مع الميزانية وأن تكون خطة طويلة الأجل ويدخل في إطارها خطط متوسطة وقصيرة الأجل. -أ. عبدالله التويجري: إن من المهم جداً متابعة الخطط سواء الخمسية أو طويلة الأجل، وينبغي متابعتها وبدقة لمعرفة ما الذي تحققه، ويجب كذلك أن نتعرف عما حققته هذه الخطة الخمسية، وهي حققت الهدف المنشود والمطلوب وهل جاءت الميزانية كما خطط لها، وبالتالي لا بد من متابعة الخطط وبدقة، ومناقشة الأمور التي لم تتحقق في هذه الخطط وبيان السبب لمعالجته. -أ. عبدالرحمن العجلان: بالنسبة لموضوع انعدام الخطط أو قصورها فإن هذا القول ليس على إطلاقه، صحيح هناك شيء من القصور والخلل في إعداد وتنفيذ بعض الخطط والمشاريع ولكن، وهذا من فضل الله علينا، فقد حققت بلادنا المباركة قفزات نوعية وخطت خطوات متقدمة جدا في كثير من المجالات، سواء من ناحية تأسيس البنى التحتية، ووجود مؤسسات وشركات تعمل بمستوى إداري متقدم وكفاءة عالية ومما لا شك فيه أن الطموحات كبيرة أيضاً وهذا بحد ذاته دافع للحصول على الأفضل، ويدرك الجميع أن الدولة بدأت مسيرة الإصلاح، ويؤكد قادتها في كل مناسبة العزم على مواصلة هذه المسيرة، لدفع عجلة النمو لتحقيق مزيد من الفعالية، ورفع مستوى أداء المؤسسات الحكومية، وهذا شيء جيد نتمنى أن نرى أثره واضحاً بحيث تكون خططنا أكثر فعالية مما ينعكس بالتالي على تنفيذ هذه الخطط في كل المجالات. - د. رجا المرزوقي: أود أن أضيف نقطه مهمة وهي لا يعني انتقادنا لعدم ربط بين الخطة والميزانية أن البلد يسير في الطريق الخطأ، ولكن من الممكن أن يكون الوضع أفضل، وفقط من نظرة إحصائية وشمولية نجد أن كل جهة يجب أن تصرف ما حددت له بالضبط، ولو عندما نقارن بين المصروف الفعلي مع ما تم التخطيط له لوجدنا أن البون شاسعاً، فنجد أن قطاعاً زادت مصاريفة بشكل كبير وآخر قد انخفضت مصاريفه بينما هو قطاع مهم. لذلك نقول عن الربط معدوم. ٭ «الرياض»: من يحافظ على المال العام ومن يوقف الهدر المالي في بعض الدوائر الحكومية، وهل ديوان المراقبة العامة قام بمهامه لعلاج هذه المشكلة ؟ - أ. عبدالله التويجري: لاشك أن ديوان المراقبة العامة يقوم بمهامه بكفاءة حسب نظامه وما هو متاح له إذ أن من مهام الديوان الرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها وكذلك مراقبة كافة أموال الدولة المنقولة والثابته ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها، وهو متواجد وله اتصالات مع الجهات الحكومية، ومراجعة الديوان متعددة ومختلفة وله مكاتب ميدانية في بعض الجهات الحكومية، وللديوان دور كبير في عملية متابعة أداء الجهات الحكومية. والعملية الرقابية في الديوان تعتمد على الرقابة المالية والرقابة على الأداء حيث يتم التأكد من صحة العمليات المالية ومطابقتها للأنظمة واللوائح والتعليمات السارية، أما رقابة الأداء تهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية وتحسين الأداء بالجهات المشمولة برقابة الديوان وتزويدها بالتوصيات اللازمة في الوقت المناسب . وهناك تقارير يتم رفعها باستمرار لتوضيح الخلل والتوصيات اللازمة، ونرى أن الجهات تتقبل وتتجاوب مع الديوان وتقوم بالأخذ بتوصيات الديوان وكذلك يقوم الديوان بجولات رقابية ميدانية ومفاجئة للوقوف على أي خلل لتوجيه الجهة المعينة لتصحيح الوضع. - أ. عبدالرحمن العجلان: ديوان المراقبة العامة هو الجهاز الأعلى للرقابة المالية في المملكة وهو جهاز مستقل مرجعه خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء، وصدر نظامه الحالي في عام 1391ه، ومهمته الأساسية الاختصاص بالرقابة اللاحقة بعد الصرف على كافة أموال الدولة ومصروفاتها، الثابتة والمنقولة، والتأكد من حسن استخدامها. ويمارس الديوان مهامه انطلاقاً من هذا النظام ومن اللوائح التنفيذية له، وأود التأكيد على نقطة مهمة وهي أن الديوان عضو في منظومة الأجهزة الإدارية للدولة، ويعمل في إطار التكامل مع هذه الأجهزة، ويعتبر نفسه شريكاً في التنمية مع كل الجهات المشمولة بالرقابة، وليس هدفه تصيّد الأخطاء أو مجرد الإفصاح عن الملاحظات، بل هدفه مساعدة هذه الجهات في النهوض بمسؤولياتها والارتقاء بمستوى أدائها، في إطار من التعاون البناء. ويمارس الديوان أنواعاً مختلفة من الرقابة ؛ وهي الرقابة المالية والرقابة على الأداء، وكذلك الرقابة الشاملة التي بدأ في تطبيقها منذ سنوات، كما يسعى الديوان أيضاً إلى التأكد من تطبيق الأنظمة وملاحظة أوجه القصور في بعض الأنظمة واقتراح تطويرها وتعديلها، وكذلك هو يعني في الدرجة الأولى في رقابته النظامية للتأكد من أن الجهات كلها ملتزمة بالأنظمة سواء نظام المشتريات أو نظام مباشرة الأموال العامة وكافة الأنظمة ذات العلاقة. - د. رجا المرزوقي: حتى يؤدي الجهاز الرقابي دوره بشكل أمثل يجب أن يكون فوق جميع الجهات ولا توجد جهة أقوى منه أو لديها القدرة أن تقف أو تحد من قدرة الجهاز الرقابي على تخطيها، وأحياناً نسمع عن عقود مبالغ فيها ولا نسمع ردود الأفعال التي يجب أن نسمعها من الجهاز الرقابي، فهذه قضية قد يلمسها كل منا في أداء بعض الجهات الحكومية الموجودة، ونتوقع من الأخوان في الجهاز الرقابي أن يكون لهم دور في هذا الأمر وملاحقة المقصر حتى ولو بعد حين . - أ. عبدالله التويجري: ديوان المراقبة العامة يقوم بالرقابة على أداء الجهات المختلفة والعقود الخاصة بالمشاريع ومتابعة أداء الشركات والمؤسسات وذلك بالقيام بتنفيذ العديد من المهام المنوطة بها وتقديم التوصيات لمساعدتها وتحسين عملياتها ورفع مستوى الأداء بها ونقوم بتنبيه الجهات لموقع الخلل إن وجد . أ. عبدالرحمن العجلان: يتعاون الديوان مع الجهات المشمولة برقابته التي يوجد عليها ملحوظات. وذلك لتقويم هذه الأشياء، ويقوم الديوان بمراجعة العقود وعينات من المستندات ولا يستطيع مراجعتها كلها، ويتضمن التقرير السنوي الذي يعده الديوان بيانات تفصيلية لحجم نشاطاته، ويتضمن هذا التقرير المبالغ التي تتم استعادتها لصالح الخزينة العامة للدولة، ويواكب الديوان التطورات الحديثة في حقول المراجعة المالية والرقابة على الأداء، والمراجعة الآلية، وقد صدر قرار مجلس الوزراء (235) في شعبان الماضي متضمناً التأكيد على إيجاد وحدات للرقابة الداخلية في الجهات المشمولة رقابة الديوان لتسهم في المحافظة على المال العام، ومن هذا المنطلق سوف يركز الديوان في السنوات القادمة على تطبيق مفهومي الرقابة على الأداء والرقابة الشاملة الذي تبنته كثير من الدول المتقدمة، هذا بالإضافة إلى الرقابة باستخدام الحاسب الآلي وذلك لتحقيق مزيد من الكفاءة والاقتصادية والفعالية. - د. رجا المرزوقي: أعتقد أن الجهاز الرقابي مستقل، ولكن هل يستطيع أن يوقف الهدر المالي الحاصل في بعض الجهات الحكومية القوية. ونرى ونسمع عن بعض الميزانيات المبالغ فيها، وبعض المشاريع مبالغ فيها أيضاً أكثر من اللازم، فهل الجهاز الرقابي استطاع أن يعمل مع وزارة أو جهة ضعيفة مثلما يفعل كذلك مع جهة قوية؟ - أ. عبدالله التويجري: حقيقة أن الديوان ينطلق من أنظمة واضحة ويتم تطبيقها على الجميع، وضمن إجراءات واضحة، ولا توجد جهة معزل عن المساءلة. ويقوم الديوان الآن بالعمل على تطوير النظام المحاسبي الحكومي بما يواكب التطوير في حقول المحاسبة والمراجعة ومعاييرها المهنية . - أ. عبدالرحمن العجلان: إيضاحاً لسؤال الدكتور رجا أقول إن الديوان يلقى كل تجاوب متى ما كانت الملاحظات واضحة وصريحة، ومن المعلوم أنه قد يحدث تباين في وجهات النظر استناداً إلى عدد من المعطيات المختلفة، ومن ذلك ما يحصل من اجتهادات ومحاولات تفسير لبعض الأنظمة أو معايير المراجعة والمحاسبة وهكذا. - أ.عبدالله التويجري: عمل الأجهزة الرقابية وخاصة الرقابي المالي يحتاج إلى كفاءات مؤهلة ومدربة، والكفاءات المطلوبة في الجهاز الرقابي هي محددة في نوعية معينة ومعظمها في المحاسبة، وهذه الفئة مطلوبة من الجهات الأخرى خاصة القطاع الخاص وبعد أن نقوم بتدريبه ويحصل على الخبرة اللازمة تقوم جهات من القطاع الخاص بتقديم مغريات مادية كبيرة له وبالتالي نعاني من عدم استقرار الكفاءات، ولو تم إيجاد ميزات وحوافز للعاملين في الجهاز الرقابي لساعد ذلك على استقرار الكفاءات المدربة في هذا الجهاز الرقابي الهام. التوصيات - د. عبدالوهاب أبو داهش: لا بد من تطبيق النماذج العلمية المعروفة مثل إدارة الجودة الشاملة، وتطبيق أسلوب الهندمة، وتطبيق التكلفة بالعوائد، وإذا استطعنا بأن نتبع أساليب علمية فإننا نستطيع أن تحقق الأهداف المرجوة والأهم من ذلك كله بأن يكون هناك إصلاح إداري ينبني على التكاليف والعوائد. وإذا استطعنا تحقيق تلك المعادلة فإننا نعتقد أن الجهاز الحكومي سيكون أداؤه محفزاً كبيراً للاقتصاد . - د. رجا المرزوقي: من أهم التوصيات، أولاً ربط الميزانية بالخطط، وتحديث الأنظمة والقوانين المعنية بهذا الأمر وبشكل مستمر، ومصداقية تطبيق الأنظمة والقوانين بحيث تكون القوانين جادة وقوية وتمتيزة مترافقة مع المصداقية حتى لا تختلف عند العاملين الحوافز للتمادي في هذا الأمر. وأوافق على تشهير جهة ما إذا خالفت وذلك حتى نحد من انتشار الفساد. - أ. عبدالله التويجري:: يجب وضع الخطط والبرامج وربطها مع الميزانية، وربط اعتماد الميزانية بما تحققه الجهات من الأهداف التي وضعتها وكذلك يجب تحيث الأنظمة ووضوحها. وأيضاً دعم الأجهزة الرقابية. - أ. عبدالرحمن العجلان: يجب تطوير الأنظمة الرقابية والمالية والمحاسبية، ودعم الأجهزة الرقابية ماديا وبشرياً وتشريعياً، كما يتعين وضع المعايير للأداء لتطبيق مبدأ المحاسبة والمسؤولية. ولتعزيز مبدأ الشفافية بشكل أكبر، وهذا كفيل بأن يدعم الحفاظ على المال العام، هذا بالإضافة إلى تنفيذ مقتضى قرار مجلس الوزراء رقم 235 وتاريخ 20/8/1425ه، القاضي بإنشاء وحدات للرقابة الداخلية في الجهات المشمولة برقابة الديوان، وقد أنيط بالديوان متابعة تنفيذ هذا القرار. - د. عبدالوهاب أبو داهش: يجب أن تكون الإجراءات بسيطة وسهلة حتى نقضي على الكثير من الهدر المالي، وكذلك يجب أن نبدأ من القاعدة، ويجب أن يكون هناك وعي بأهمية المال العام من خلال غرز هذا لأمر في ثقافة النشء للمحافظة على المال العام، وغرز إخلاقيات العمل في نفوسهم منذ الصغر، وأرى أن يتم الربط بين أداء الشخص واجتهاده ونواياه الحسنه وبين المكافآت والحوافز الموجودة في مختلف الموازنات الحكومية والبنية الأساسية هي الأهم في تفعيل وتسهيل الدور المناط بأجهزة الرقابة العامة في المملكة. - د. رجا المرزوقي: إعطاء الصلاحيات اللازمة للأجهزة الرقابية بحيث مساواة جميع الجهات الحكومية وجميع القطاعات أمام هذا الجهاز الرقابي بغض النظر عما هو المسؤول ومن هي الجهة، والمفروض مجلس الشورى من خلال المساءلات التي يعملها للجهات الحكومية أن يكون دوره قوياً ومفعّلاً ويعطي صلاحيات أكثر مما هو عليه الآن لإعطاء دور رقابي آخر مع الأجهزة الرقابية على أداء الجهات الحكومية وقياس أدائها ومقارنتها مع ما هو مخطط له وما هو مستهدف. - أ. عبدالله التويجري: يجب التركيز على بناء الإنسان والشعور بالوطنية، حيث نجد الاختلاف بين الموظفين في العمل، إذ نجد أحدهم يعمل بحماس وانتماء ويعتمد عليه، وآخر مهما تعطيه من الثقة سيخذلنا، وهذا الأمر راجع لبناء الإنسان بناء وطنياً، ونشر الوعي التثقيفي وتحقيق الرقابة الذاتية وأن ذلك واجب ديني قبل أن يكون مطلباً وطنياً، ويجب على الجهات التركيز على ترشيد النفقات وأن يصاحب تقديم المشاريع المطلوب اعتمادها بالميزانية دراسة للهندسة القيمية التي تهدف إلى تخفيض النفقات والتخلص من التكاليف غير الضرورية مع رفع كفاءة الأداء والجودة، إضافة إلى أن يكون هناك تعاون مشترك بين الجهات الحكومية وأجهزة الرقابة وذلك لتحقيق المصلحة العامة، وأن يتم تفعيل دور أجهزة الرقابة وتطوير أنظمتها بما يكفل قيامها بواجباتها كما ينبغي.