يتعمد البعض ممارسة العقوق والجحود والنكران بحق أحد الوالدين أو كلاهما، ومن أشد تلك الممارسات هي التي تحدث في حالات المرض والعوز وهي تصرفات أقل ما يقال عنها انها محرمّة ومشينة، بل ومُعيبة في حق من سهر الليالي في تربية الأبناء وإن دارت الأيام وإذا بهم وحيدين مقهورين في منظر غريب وعجيب ومؤلم. تصرفات بعض من الناس مع أهلهم وذويهم - خصوصاً الوالدين- حال دخولهم المستشفيات، لا يجب أن ينظر إليها كتصرفات فردية ويُنسى الأمر ويُترك الوالدان في معاناة وألم نفسي وجسدي، بعد أن اشتعل الرأس شيباً وبلغا من الكبر عتيا. هناك من الآباء والأمهات من أجبرتهم ظروف المرض البقاء داخل المستشفيات لمدة من الزمن قد تطول أو تقصر، وفي خلال تلك الفترة من الإقامة الجبرية في المصحات والمشافي تشاهد الحزن والأسى والألم والمرارة على محيّا الأب أو الأم ممن تكبّر أو تجبّر عليهم - ابن أو ابنة- وجعلهم يتوسلون بالنظرات ويأملون بقادم لهم لزيارتهم والتخفيف من معاناتهم، ولكن هيهات في ظل زمن ترتكب فيه الخطيئة بحق هؤلاء الكبار وليس هناك من يستنكر ذلك الفعل إلاّ قلة قليلة وكأن الأمر لا يتعدى عن تصرفات فردية ونقطة على السطر. يرقد بعضهم في غرف مشتركة في المستشفيات ويشاهد أعداد الزوار الذين يأتون لزيارة المرضى الآخرين من حوله وهو يتألم ويتحسر ليس من المرض فقط ولكن من حزن في القلب وجرح ينزف ودموع متحجرة في المآقل، كلما شاهد قادما أو سمع خطواته ظاناً أنّه قادم لزيارته ولكن سرعان ما يكتشف أنّ عزلته من أبنائه قد اتسعت ووحشته كبرت. وصل الجحود بالبعض إلى تجاهل الإتصالات الواردة من المستشفيات والتي غالباً ما تدعوهم إلى مراجعة المستشفى وحثهم على زيارة ذويهم أو التواصل مع الأخصائيين الاجتماعيين أو الأطباء؛ لمناقشة مسار علاجهم وكأنّ الأمر لا يعنيهم بتاتاً، والأمر المخزي أن يقوم البعض بتزويد المستشفيات بأرقام هواتف غير صحيحة لهم بغية التهرب من المسؤولية إمّا في متابعة حالة ذويهم أو دفع فاتورة علاج في مستشفى خاص على سبيل المثال. ما الذي يحدث في مجتمعنا؟! ومن أين لنا هذه الظاهرة المقيتة والممارسات غير الإنسانية؟!.. هل نحن بحاجة إلى إنشاء جمعيات للنصح والإرشاد أو قانون للعقوبات لمن يمارس العقوق مع والديه؟! ولمن ينكر وجود هذه الظاهرة فليسأل عنها العاملين في المستشفيات ليخبروه عن حجم هذه الظاهرة. هنا ندعو أساتذة علم النفس والاجتماع في المملكة وهم كثر لعمل دراسة مستوفاة لهذه الظاهرة القبيحة والمؤلمة وتحليل العوامل والأسباب الموجبة لذلك التصرف وصولاً إلى استصدار مشروع قوانين أو أنظمة تعاقب كل من يتجاهل أو يهمل أحد والديه وصدق الله القائل «وبالوالدين إحساناً». استشاري إدارة تشغيل المستشفيات وبرامج الرعاية الصحية