أطلقت دار سيبار للطباعة والنشر والتوزيع، مسابقة أفضل نص لذوي الاحتياجات الخاصة في نهاية عام 2014. وهذه، خطوة في حد ذاتها، كفيلة بإحداث حراك في مجال كتابة نوع من قصص الأطفال واليافعين، يعالج موضوع الاعاقة وتصويرها الأدبي. وباختيار دار النشر لهذا الموضوع، تكون قد قدّمت مبادرة للكتابة في مجال لم يتصد له إلا القليل من كتابنا العرب. وإذا علمنا، أن الدار تأسست منذ خمسة شهور فقط، فإننا ندرك جرأتها المحمودة في خوض غمار صنف أدبي يُعد حديثا على أدب الطفل العربي. التجربة في مجملها تعكس حداثة التصدّي لهذا المجال الصعب، لذا شابتها بعض الثغرات، لكنها في رأيي بداية موفقة. قد يكون الوقت القصير المتاح للكتابة أحد أبرز المثالب، وعلى الرغم من ذلك، فقد تقدّم للمسابقة خمسون نصا لأربعة وأربعين كاتبا من أقطار عربية مختلفة. غطت النصوص الأجناس الأدبية المتنوعة من شعر وقصة ومسرح لكتاب وشعراء، غالبيتهم ممن لهم تجارب سابقة في الكتابة للطفل، مما رفع سقف التوقعات. اختلفت النصوص في المراحل العمرية التي خاطبتها من سن السادسة إلى الخامسة عشرة. لم تشكل قصة الحيوان نسبة كبيرة بين النصوص رغم مناسبتها لمعالجة موضوع؛ كالاعاقة بطريق غير مباشر. غطت الشخوص أنواعا مختلفة من الإعاقة؛ منها الحسية والحركية والفكرية، وإن كانت الأخيرة في حدود ضيقة جدا. لجأ عدد كبير من الكتاب إلى رسم شخصية الطفل المعاق المثالي، الذي يملك قدرات غير عادية وسمات مميزة، وهذه معالجة غير محمودة في قصص الإعاقة لأن من شأنها تضليل الطفل من ناحية وإحباط القراء ممن يعانون من إعاقات. نجح عدد قليل من النصوص في معالجة السمات النفسية للطفل المعاق، بينما أخفق كثيرون في هذا العامل الهام لنجاح أدب الإعاقة. ومن المشاكل الأخرى في النصوص: الإغراق في تصوير الحزن واليأس وجر القارئ إلى الشعور بالشفقة على الشخصية التي تعاني الإعاقة. جاءت لغة بعض الكتاب جميلة وأنيقة، بينما عانت بعض النصوص من لغة تشوبها الأخطاء النحوية وأخطاء الترقيم والطباعة. غلبت شخوص الذكور على الإناث بين الشخوص، وافتقرت كثير من الأعمال لعنصر التشويق والإثارة بنسج حبكة مكررة مألوفة. أما لجنة التحكيم، فقد راعت الدار اختيار أربعة مختصين في أدب الطفل: الفنان رؤوف كراي المعروف برسومه المميزة، الأستاذ طالب كاظم كاتب قصص الأطفال واليافعين، د. صباح عيسوي أستاذة دراسات أدب الطفل، والأستاذ مهند العاقوص الشاعر والقاص المعروف. وبهذا تكون اللجنة ممثلة للوطن العربي: تونس، العراق، السعودية وسوريا. خاض الحكام تجربة ليست بالهينة في قراءة وتمحيص النصوص المقدمة، نظرا لتواضع مستواها، فقد تنافس على المركز الأول نصان فيهما سمات مميزة عديدة، وان لم يخلوا من بعض الهفوات، وجاءت الأعمال الأخرى في مناطق متقاربة، بينما حُذف عدد من النصوص من المنافسة لعدم وصولها للمستوى المطلوب. النص المميز الأول هو «طبولة وصديقها فريد» قصة كتبنها ندى فردان المهندسة المعمارية البحرينية التي تخوض مجال الكتابة للمرة الأولى. تعالج القصة مرض التوحد وضرورة تقبّل الاختلاف بأسلوب رمزي جميل. أما النص الثاني والذي حصد جائزة الدار فهو قصة «الطائر عندليب والفأر جرذون» للشاعرة سعاد الخراط من تونس. حيث رسمت فيه شخصية طائر كفيف وفأر يختلف في شكله عن بني جنسه. وخرج النص بلغة رشيقة تعكس تخصص كاتبته في اللغة العربية. وعاب النص الحاجة إلى إسقاط سمات نفسية على الشخوص يستطيع القارئ من خلالها التعرف على شخصية الطفل ذي الاحتياجات الخاصة. جائزة الدار عبارة عن درع و 1000دولار مع طباعة النص وإهداء 100 نسخة للكاتب، إن مثل هذه المبادرة الصادرة من دار ناشئة كدار سيبار جديرة بالتقدير، لأنها وإن كانت متواضعة في نواح عدة إلا أن من شأنها إحداث حراك إيجابي في كتابة نصوص عن ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصحاب الإعاقة بالتحديد، علها ترتقي بهذا النوع من أدب الطفل.