فهمت من كلامه ونبرات صوته بأنه يريد أن ينتقم من طليقته بكثرة رفع القضايا عليها في المحكمة وأنه يريد أن يؤذيها بأطفالها، فطرحت عليه فكرة (الطلاق التعاوني)، فقال مستغربا : وماذا تقصد بالطلاق التعاوني ؟ قلت : إن (الطلاق التعاوني) معناه أن تتفق مع زوجتك قبل وقوع الطلاق على النقاط المتوقع الخلاف عليها مستقبلا ، وهذا الطلاق سيفيدك من ناحيتين، الأولى: سلامة العلاقة الوالدية بينك وبين طليقتك، والثانية: أنك ستحافظ على صحة الأبناء وسلامة نفسيتهم، لأنك اتفقت مع طليقتك على كل شيء. فلما سمع هذه الفكرة صمت فترة، ثم قال : أنا يهمني الأطفال كثيرا، لكني مقهور من زوجتي، قلت : حاول أن تفصل مشاعر الغضب عندك تجاه زوجتك عن مشاعر حبك وحرصك على أبنائك، وفكرة (الطلاق التعاوني) تحقق لك ذلك، وتحفظ لك صحة أبنائك، قال : أخبرني كيف أحقق (الطلاق التعاوني) ؟ قلت له : حتى تنفذ فكرة هذا الطلاق عليك بعمل سبع خطوات، قال : وما هذه الخطوات ؟ قلت : أول خطوة مهمة هي أن تتفق مع زوجتك قبل الطلاق أو حتى بعده على أن تبقي الخصومة بينكما ولا يطلع الأطفال أو حتى الناس على الخلاف الذي حصل بينكما ، ومن أمثلتها ألا تكشف سر زوجتك أو عيوبها للأبناء ، حتى تحافظ على صورتها ومكانتها في ذهنهم فيستمر الاحترام لها من قبلهم، لأن ما تراه عيبا في أمهم قد لا يرونه الأطفال عيبا مثلك. والخطوة الثانية : أن تتعرف على الحقوق والواجبات بينكما بعد الطلاق، وقد نظم القانون ذلك فلو قرأته أو اطلعت عليه فإنه سيكون مفيدا لك ويساعدك في تحقيق فكرة (الطلاق التعاوني). والخطوة الثالثة : أن تعمل ورقة اتفاق بينك وبين زوجتك التي ستطلقها على الجوانب المالية والتربوية والتعليمية وعلى الحضانة والرؤية والزيارة وبرامج الصيف ورمضان والإجازات. الخطوة الرابعة : حاول قدر الإمكان أن تبتعد عن المحاكم ففيها التشهير وتشويه السمعة، وفيها دخول أطراف كثيرة في نزاع أصله بين طرفين، واحرص على أن تعالج مشكلتك بالطرق الودية كأن تلجأ لكبير في العائلة أو لشخص مختص يساعدك على الطلاق التعاوني. الخطوة الخامسة : لا بد من الإيمان بأن كل قضاء وقدر فيه خير لك ولأسرتك، فلو لم تستطع الاستمرار مع زوجتك وصار الطلاق هو الحل الأخير والوحيد ، فلا بأس أن تقدم على هذه الخطوة مع ايمانك بأن فيها خير كبير ، ولعل الله يعوضك خيرا. الخطوة السادسة : لا تفقد الأمل في العودة والرجوع للحياة الزوجية، فأنا أعرف زوجين ساعدتهما في طلاقهما التعاوني، وتم الفراق بينهما وتزوج كل واحد منهما زوجا آخر ، وبعد مرور سنوات لم يوفقا في زواجهما الثاني فتم الطلاق، ثم رجعا مرة أخرى لبعضهما وتزوجا بعد مرور خمس عشرة سنة على طلاقهما فنظر إلي باستغراب، وقال : هل حقا ما تقول؟ !! قلت : نعم ولو رغبت أن أعرفك عليهما فلا مانع، فضحك الرجل ، ثم أكملت حديثي قائلا : وأما الخطوة السابعة والأخيرة فهي : أن تنتبه لخمسة أمور لابد أن تفعلها لأطفالك أثناء الطلاق، وهي أولا : أن تكلف وسيطا متعاونا لتخليص أوراق الطلاق تجنبا لحدوث مواجهة بينك وبين زوجتك فتشتد الخصومة أكثر ويظهر ذلك أمام الأبناء. ثانيا : ألا تتحدث مع أبنائك كثيرا حول الطلاق وإنما تدخلهم في أنشطة وبرامج ترفيهية ليستمتعوا بها. ثالثا : الاستعانة بالخالة أو العمة أو الصديقة لاستخراج مشاعر الأطفال السلبية بعد الطلاق. رابعا : أن تهتم بنفسك تعليميا ودينيا وصحيا واجتماعيا فلا تهملها بعد الطلاق ، وخامسا : التأكيد على أن الأطفال ليسوا سببا في الطلاق ولا يتحملون أي مسؤولية عما حدث، فقال : لقد فهمت فكرة (الطلاق التعاوني) وسأقنع زوجتي التي سأطلقها بهذه الفكرة، ثم سلم علي وخرج ولا أعرف هل طبق فكرة (الطلاق التعاوني) أم (الطلاق التدميري)؟ * الخبير الاجتماعي والتربوي