صدر مؤخرا للدكتورة حكيمة حطري عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو)، كتاب في مائة صفحة من الحجم المتوسط بعنوان: «سبل تفعيل دور الكفاءات النسوية المسلمة خارج العالم الإسلامي في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة»، قدَّم له الدكتور عبدالعزيز التويجري المدير العام للمنظمة. ويسعى هذا الكتاب إلى طرح بعض الحلول العلمية والعملية لتغيير صورة المسلمة في الغرب، من خلال قسمين رئيسيين: قسم يتناول الحديث عن الصورة النمطية للمرأة المسلمة، ومجالات بروزها خارج العالم الإسلامي، وقسم يتعرض لطبيعة الأدوار المعتمدة من طرف الكفاءات النسائية المسلمة لتغيير هذه الصورة النمطية، مع ذكر الآليات التي يجب الاستعانة بها في هذا المجال. وتوضح د. حكيمة أن الصورة النمطية للمرأة قد تشكلت عن الإسلام بالتدريج، وعبَّرت بكيفيات مختلفة عن الاهتمام المسيحي الأوروبي بالإسلام، وساهمت وسائل الإعلام في العالم الإسلامي في تضخيم هذه الصورة، حيث لا تذكر بعض الصحف من أخبار المرأة المسلمة في المجتمع سوى تعرضها للضرب أو الإهانة أو القتل دفاعا عن الشرف. وهكذا استطاع الغرب أن يجمع رصيدا مهما من المصادر التي تعينه على تحقيق غاياته في تشويه صورة الإسلام الحقيقية، وبالتالي إبعاده عن دائرة الديانات والتشريعات التي تحترم الإنسان وتسعى إلى ضمان كرامته وحقوقه، وركَّز في مخططه على المرأة المسلمة نظرا للأهمية التي تحظى بها عند الرجل المسلم في الأسرة والمجتمع. وبيَّنت في هذا القسم مجالات بروز الصورة النمطية للمرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، وذكرت من بينها: حرص الإعلام الغربي على إظهار صورة سيئة عن المرأة المسلمة، حيث يتعمد إظهارها مضطهدة، ومقموعة من طرف الرجل سواء كان أبا أو زوجا أو غيرهما. ومثلت لذلك بقضية حجاب المرأة المسلمة، حيث يعد من أكثر القضايا إثارة في الإعلام الغربي، إذ يُصور كرمز للقهر، ورمز لسلطة الوالدين على الفتيات. أما في القسم الثاني الذي تناولت فيه دور الكفاءات النسائية في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة في الغرب، فقد بيَّنت فيه أن الكفاءات النسائية المسلمة قد اقتحمت مجالات عديدة فكرية وثقافية وسياسية وعلمية واقتصادية واجتماعية، حيث سجلت المرأة المسلمة حضورا متواصلا ومتميزا يلفت الانتباه إلى أفكارها ومواقفها، وظهرت كتابات نسائية متميزة تؤكد على أن الكفاءات النسائية المسلمة في الغرب تعمل بكل ما أوتيت من جهد لتلميع صورة المرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، كما تظهر جهودها أيضا في الحضور المكثف في الملتقيات الدولية إما بالمشاركة أو بالتنظيم، وكذا في عقد اللقاءات الحوارية والخطابات الدعوية، وإنشاء مراكز للبحوث والدراسات. وعبر هذه الأنشطة المختلفة، نجد الكفاءات النسائية تستحضر دائما نماذج لشخصيات نسائية رائدة في شتى العلوم والمجالات تأكيدا على أن الإسلام قد أفسح للمرأة نطاقا واسعا للتعبير عن طموحاتها في كسب العلم ونشره، وأن المرأة المسلمة كان لها حضور في المجتمع الإسلامي منذ اللحظة الأولى لظهور الإسلام. كما أكدت د. حكيمة على أهمية دور التواصل والتنوع الثقافي الذي يقوم على الحوار لتيسير مهمة الكفاءات النسائية لتغيير الصورة النمطية عن المرأة المسلمة، فقد أصبح من الضروري، في نظر المؤلفة، على المرأة المسلمة خارج العالم الإسلامي، في وقت تعيش فيه مرحلة توجس وتخوف وحذر من المجتمعات الغربية بسبب الصورة النمطية السلبية المترسخة في الأذهان، أن تتعرف على أساليب ومهارات التواصل للقضاء على هذا الحاجز النفسي والفعلي الذي يحول دون اندماجها في المجتمعات الغربية، وأن تقتحم أيضا مجال الإعلام للإسهام في تغيير هذه الصورة المسيئة للمرأة المسلمة في الغرب، وخصوصا الكفاءات النسائية ذات المهارات والقدرات العالية في تبليغ الرسالة الإعلامية الهادفة. هذا الكتاب جدير بالقراءة فهو توجيه نظري تبرز منه جدية قلم مؤلفته، والمجهود الكبير الذي قامت به محاولة مقاربة الموضوع المطروح من عدة جوانب فكرية وسياسية واقتصادية وإعلامية، فهو إضافة نوعية بقلم نسائي لمعالجة بعض القضايا التي تهم المرأة المسلمة.