بعض الحب يعيش بالكلمات عمراً قصيراً. وبعض النساء يكتفين بالكلمات إذا تعلق الأمر بقلوبهن التي يعمرها حب ويدمرها آخر بالكلمة. الكلمة جسر ذهبي تتعلق به المرأة لتحافظ على لحظة وهم مع رجل، أو تتقرب من رجل، أو تحب رجلا حباً تحفه نهاية سريعة!! الكلمة هي العصا السحرية التي تفتح مغارات قلوب النساء. هل الأمر بهذه السهولة؟! بالطبع لا، فالكلمات سلاح سري هناك من يحسن حمله فقط، وهناك من يستعرضه بأسلوب بائس رث المعاني يشف عن برود المشاعر، وهناك من يعرف متى وكيف يستخدمه ليؤثر.. وليطلق وابلاً من ياسمين على قلبها. قد يغرقها، وقد يخدرها حتى حين، ولربما كانت تدرك أي كذب هو، أو أي صدق فيه ولكنها تعيشه بملء مشاعرها التي تريد أن تصدقه للحظات، أو ربما لسنوات تتجدد فيها اللحظات نفسها. يسمعني حين يراقصني كلمات ليست كالكلمات يأخذني من تحت ذراعي يزرعني في إحدى الغيمات والمطر الأسود في عيني يتساقط زخات.. زخات يحملني معه لمساءٍ وردي الشرفات أدركت منذ البداية جمال اللحظة.. وجمال الدهشة بأعذب الكذبات! كذبة جعلتها تستسلم لتفاصيل لحظتها المفعمة بالدهشة والمحملة بالجمال؛ جمال نظرات من عينيه السوداوين وهي تسقط في عينيها كمطر أسود زخات.. زخات، فنظرة بعد نظرة منه إليها كان المساء يعدها بأوقات وردية تطل منها على أجمل ما تتمناه؛ أوقات تنتظرها كانتظار المَحْل للحياة. وليس أصدق من امرأة تعرف حاجتها للحب وتعي الكذبة وتتمسك فيها.. تحبها فتصدقها وتستقبلها بابتسامة تفسح لها وللحظتها الطريق. ولربما كان الخيال هنا يوحي بصورة أخرى فذلك المطر الأسود ليس نظراته بل هو الحقيقة السوداء التي أدركتها منذ البداية لحقيقة ما يحدث بينهما فالسواد هنا هو الإحساس المر الذي صوره الشاعر بمطر أسود.. دمع أسود.. احساس أسود ولكنها تحسم أمرها وتقبل على لحظتها بفرحة طفلة تغمرها الألوان والهدايا. وأنا كالطفلة في يده كالريشة تحملها النسمات يحمل لي سبعة أقمار بيديه وحزمة أغنيات يهديني شمساً.. يهديني صيفاً وقطيع سنونوات يخبرني أني تحفته وأساوي آلاف النجمات وبأني كنز وبأني أجمل ما شاهد من لوحات يروي أشياء تدوخني.. تنسيني المرقص والخطوات كلمات تقلب تاريخي تجعلني امرأة في لحظات هناك فرق شاسع بين أن تكون مجرد أنثى، وأن تكون امرأة، هذه حقيقة لا تعرفها كثير من النساء وينكرها كثير من الذكور وبخاصة في مثل تلك اللحظات فالأنثى قد تكون مجرد جسد لوظيفة ما، أما المرأة فهي تريد أن تعيش الإحساس بعقلها قبل جسدها عبر كلمة أو كلمات ليست كالكلمات تترك لعقلها وقلبها حرية التصديق أو التكذيب أو كليهما معاً. كلمات تنتشلها من سطوة الأنثى على غيرها إلى جبروت وهيبة المرأة فيها. يبني لي قصراً من وهم لا أسكن فيه سوى لحظات وأعود أعود لطاولتي لاشيء معي إلا كلمات بعض الأوهام نختارها.. نقترب منها.. نتشبث بها؛ لأنها تروق لنا ولأننا نريدها ولأننا نعرف حقيقتها كما نعرف حقيقتنا، فنختارها لأننا نعرف نهايتها التي لن تصدمنا فقد قبلناها هكذا منذ اللحظة الأولى. وكانت الصعوبة الأولى هي في تقبلها وتجاوز الصدمة الأولى كما جاءت؛ ولهذا كان المطر الأسود يتساقط زخات.. زخات. * كاتبة