منذ أن فهمت الحياة والأحداث تترى على المملكة العربية السعودية بخيرها وشرها بدءا من أفغانستان ثم جهيمان وأحداث غوغائية ثم حرب الخليج الأولى والثانية وما تلاهما من أعمال ارهابية نالت الداخل والحدود الخارجية ولم تتزعزع المملكة قيادة وشعبا دينا ومعتقدا عن ثوابتها الأساسية التي تستند فيها على العقيدة الاسلامية وتحكيم الشرع الحنيف ونستفيد من ضروب التاريخ.. ان سنة الله في الحياة لا تتغير بين عسر ويسر ومنشط ومكره وفرح وحزن ومد وجذب ورخاء وقحط قال تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس) وكم من شهيد سقط علينا وكم من مليك وعزيز رحل عنا وكم هي الأحداث بضروبها المتعددة لم تغير فينا ولا أنملة واحدة عن حبنا لديننا ونبينا ولقيادتنا ووطننا لأن تلك هي الخصلة التي يتميز بها الشعب السعودي العريق الأصيل الذي تسري في عروقه الولاء لله ورسوله ثم حب الوطن والذود عنه فمهما عصفت به الخطوب ومهما طال وارتفع عنقها نظل على التحدي والصلابة أمة ووطنا وقيادة واحدة، ومهما حاول المرتدون والمخربون والغوغائيون والارهابيون والمزعجون والفوضويون بصورهم المتعددة أن يحبطوا الوطن عن أهدافه ومراميه وغاياته وتطوره وعن حبنا التليد لبلدنا فلن يفلح أحد لأن الأمة كلها قد اجتمعت على تلك المبادئ النيرة ومهما علت أصوات ونباح المرجفين ومهما علا الخطب واشتد الكرب فلن يزيد الأمة الا صلابة تجاه الخطوب لأن الأمة والقيادة من أرحام أمهات تلد الخير لا ينقطع أبدا. وان كان الحزن قد لفنا قبل أيام وأسابيع وأشهر وسنوات على رجال الوطن الذين نحسبهم عند الله تعالى من الشهداء فالموت حق لا مفر منه والرجولة صفحات ناصعة للمرء وكما قال من دعا النبي صلى الله عليه وسلم بأن ينصر دينه على يديه خالد بن الوليد رضي الله عنه «قد قاتلت أكثر من مائة معركة وهأنذا أموت على فراشي» ومهما رحل عنا حبيب في مواطن العزة والمرابطة فهو وسام له ولذويه وشهادة خير لأن الموت سيغيب الجميع قرب الموعد أم قصر فرحم الله الشهداء من رجال وزارة الداخلية والمجاهدين والدفاع وكل مخلص آمين. ان الارادة الصلبة والتحديات التي تواجه المملكة وكما عبر عنها سمو ولي العهد– حفظه الله– في جلسة مجلس الشورى الأخيرة ومن واقع التاريخ الطويل الذي يعرفه عن قرب بحكم وجوده كأحد صناع القرار المباشرين يعطي دافعية وايحاء ايجابيا لأبناء المملكة ان نزيد ثقة مع القيادة والوطن سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني لأن المركب واحد فما يتوجس منه ولي الأمر ليصارح به شعبه ومواطنيه وأحبابه هو من القلب للقلب وهي مكاشفة مقتضبة تحمل في طياتها الكثير ولا تعدو الا أن تكون رسالة لابن الشهيد وللمسؤول والمواطن أنى كان ان الوطن مستهدف بمبادئه وقدسيته وثرواته ودينه وعقيدته حيث لم تعد كلها أسرارا نتكتم عنها بل هي ملفات وتصريحات لا يخجلون منها، ولذا أخذ الحيطة وأقصى درجات الحذر كل في موقعه التي أمرنا بها شرعا وعقلا وأمنا مع التوكل على الله أولا وأخيرا والاعتصام بحبله المتين والتوحد وعدم الاختلاف والتواصي على الحق وتجنب المهاترات كائنا من كان هي من أسباب الغلبة على الأعداء قال تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» وقال «ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم» صدق الله العظيم. * أستاذ مشارك المناهج بجامعة الدمام