كلنا شاطر أخوته العسكريين فرحتهم بالمكرمة الملكية الأسبوع الفائت والتي كان لها صدى طيب على قلوب الجميع، وكلنا يستشعر بالجهد الذي يبذله إخواننا العسكريون بمختلف مشاربهم في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار البلد، وكلنا يتفهم أن إدخال السرور والبهجة على قلب أي مسلم هو بمثابة بلسم على الأمة كلها لأن الجزء مكمل للكل بهمومه وأفراحه. ومن هذه المنطلقات كلها فقد تحسست أن العسكريين لم تزدهم المكرمة إلا ثباتا وصلابة على الموقف الذي أقسموا عليه في كل الظروف خيرها وشرها ، وأنهم يكنون في أفئدتهم مخزونا باطنا لا ينضب من التقدير والوفاء والولاء، وينطق بذلك بنانهم قبل حناجرهم آناء السر والعلن. أخواتي وإخواني المدنيين: لست بأفضل منكم حالا لأعبر بلسانكم، ولست غائرا في مصطلحات كرة القدم لأختار تعبيرا آخر جميلا لهذه المقالة، ولكنني أردت مشاطرتكم بلسان الحال لا المتوقع الذي كنتم تحلمون به. نعم قارئاتي وقرائي الأعزاء: كلكم جنود لهذا الوطن تعيشون معه في الضراء قبل السراء لأنه منكم واليكم، تفرحون بفرحه وتتكدرون بأحزانه، وما منكم من أحد إلا وكان في ثغر من ثغور البلد وقف معه ببدنه ولسانه وبيانه يدافع عنه إزاء غوغائية من تطلق على نفسها بالقاعدة التي بينت الظروف أنها لا تمت لهذا المصطلح بأي حال من الأحوال، بل إن قاعدة الأمة العربية والمسلمة قالتها بالأمس والغد أنها مع الإجماع رافضة الفرقة والضياع والتخريب والتشرذم والتخلف بكل ضروبه وفنونه. نعم منكم من كان في المستشفيات يضمد جراح المرضى والمصابين فسهر الى جانبهم إبان التفجيرات والمطاردات، ومنكم من حاض عن تراب وطنه ببيانه كأئمة المساجد والصحفيين والكتاب والخطباء والمدرسات والمدرسين بالمدارس والقاعات يقارعون بالكلمة تمتزج بدم متخثر غير ظاهر للعيان عن حياض الوطن بكل ما تسنح لهم الإمكانيات، ومنكم من وقف وسهر، فلكم في سطور التاريخ وأروقة الجدران أسمى آيات التقدير، وهكذا ينبغي في الشدائد والمسرات حصنا منيعا لمقدراته يحوض عنها بالغالي والرخيص لا تأخذه في الله لومة لائم. ولا تقولوا لأنفسكم هاردلك، فأنتم جزء مهم في هذا الكيان، أنتم سنده ومداه بعيد المدى، لن تحرموا الفرحة والبهجة بعد أن عشتم شهورا غابرة من الألم والترقب والحذر والتربص، وسيطل عليكم شهر رمضان الكريم مفعما بالخير والبركات لتمسحوا بقدومه ما أعتلى أعماق الصدر من جحافل وترتيل الماضي الحاقد، وسيكون عيدكم القادم خيرا مما ولى، ولن تحرموا الأجر كله عاجله قبل آجله، فالخير لن يحرم من امتي أبدا، وقيادتنا سددها الله وأكرمها بخيراته سائرة للتخفيف عن كاهل المواطنات والمواطنين لتشع البسمة عليهم أجمعين بعد أن أدبرت حينا، وستذكرون عن قريب أن ذلك أقرب مما تتوقعون.