تعتبر منطقة مجلس التعاون الخليجي واحدة من أهم المناطق الاقتصادية على مستوى العالم، ومن بين دولها على سبيل المثال المملكة العربية السعودية التي تعد صاحبة أكبر اقتصاد على مستوى العالم العربي، وواحدة من أكبر عشرين اقتصادا على المستوى العالمي، هذا علاوة على أنها أضحت صاحبة المركز الثالث في قائمة الاقتصاديات الاسرع نموا. أدركت دول المنطقة منذ عقود عديدة أن اقتصادياتها تواجه تحديات كبيرة؛ وذلك لكونها تعتمد اعتماد كليا على مورد واحد فقط ألا وهو النفط. خلال حقبة السبعينات، وقبيل إنشاء مجلس التعاون الخليجي، اتخذت كل دولة من تلك الدول خطواتها نحو تنويع اقتصادها واعتمدت على خبراتها السابقة في الانفتاح على الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وقد كان من بين تلك المحاولات الحثيثة إقدام المملكة العربية السعودية على تدشين الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي نجحت بدورها في إنشاء أكبر المدن الصناعية المتكاملة في عالمنا الحاضر. على نفس النهج، وجهت المملكة شركتها العملاقة في صناعة النفط «شركة ارامكو السعودية» لبناء نظام الغاز الرئيسي المستمر في النمو والذي يوفر الوقود والمادة الخام لصناعة البتروكيماويات العملاقة في المملكة العربية السعودية. وعلاوة على ما سبق فقد قامت المملكة أيضا بتدشين الشركة السعودية للصناعات الاساسية التي بجذبها للاستثمارات الاجنبية المباشرة وإنشائها لشركات التضامن أضحت عملاق صناعة البتروكيماويات على المستوى العالمي. لقد أدى إنشاء مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 لخلق فرصة أكبر لكل دولة من تلك الدول للنمو مستغلة في ذلك التكامل الاقتصادي فيما بينها. مع التذبذب الحاد الذي يعتري أسعار النفط احيانا ومع ما يعانيه الاقتصاد العالمي من هزات عنيفة لدرجة أنه يبدو واهنا وضعيفا في بعض الاحيان في المناطق الشرقية والغربية من العالم، شهدت بداية القرن الحادي والعشرين المزيد من خطوات التنويع الاقتصادي والتركيز المكثف على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة لمنطقة مجلس التعاون الخليجي، ولقد بدت نتائج تلك الجهود أكثر وضوحا في إمارة دبي بدولة الامارات العربية المتحدةوبقطر وبالمملكة العربية السعودية. على الرغم أن مساهمة الاستثمارات الاجنبية المباشرة بالنسبة للناتج الاجمالي العام لدول مجلس التعاون الخليجي تتأرجح في نطاق الخمسة بالمئة، فقد شجعت ورحبت تلك الدول بهذا التوجه لاسباب استراتيجية مهمة. تجدر الاشارة الى أنه كان للاستثمارات الاجنبية المباشرة فضل مساعدة المنطقة على التحول نحو التنوع الاقتصادي، كما سعت دول مجلس التعاون الخليجي بجد لتنشيط وخلق أعمال جديدة في القطاعات الاقتصادية الجديدة وتسهيل انتقال التكنولوجيا والمعرفة اليها وتوفير وظائف جديدة وتطوير الموارد البشرية التي تحظى بالتأكيد بأهمية كبيرة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك لان 60% من تعدادها السكاني تقل أعمارهم عن الخمسة والعشرين عاما، وقد أصبحوا أو قاربوا على الولوج لسوق العمل. في عام 2000 أقدمت المملكة العربية السعودية على اتخاذ خطوة كبيرة لتشجيع والترحاب بالاستثمارات الاجنبية المباشرة بإنشائها للهيئة العربية السعودية العامة للاستثمار وذلك بناء على ما حققته المملكة العربية السعودية من نجاحات سابقة في جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة والعمل على المزيد من التطوير وتبسيط وتسهيل الاجراءات والانظمة ذات الصلة التي تستهدف التأكيد على فتح معظم القطاعات للملكية الاجنبية. تعتبر المملكة العربية السعودية فى الوقت الحالى هى البلد الوحيد فى المنطقة التى تسمح للملكية الاجنبية بالاستحواذ على مائة بالمائة من الاستثمار فى أغلب الانشطة. هذا وقد تبنت دول خليجية أخرى سياسات استثمار مفتوحة مشابهة وشرعت فى توفير المزيد من الحوافز للمستثمرين الاستراتيجيين الساعين للتواجد لفترة طويلة بمنطقة دول مجلس التعاون. من ناحية أخرى، أقدمت دول مجلس التعاون الست على إجراء إصلاحات من شأنها تسهيل بدء مزاولة الاعمال وتفعيل العقود والعمل على بناء أنظمة ضرائب جذابة للغاية للمستثمرين الاجانب. وعلاوة على ما سبق الاشارة اليه انفا فقد طورت تلك الدول انظمتها القانونية وقدمت قوانين جديدة للتحكيم ذات مستوى راق، وأنشأت هيئات لمكافحة الفساد وأكدت على ضرورة توافر آليات شفافة وعادلة لتنفيذ الاحكام، ومنذ ذلك الحين أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي ضمن قائمة الدول التى يتوافر بها البنوك الميسرة للاعمال، واحتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة الثالثة والعشرين والمملكة العربية السعودية المرتبة السادسة والعشرين في تلك القائمة. تجدر الاشارة الى أنه يمكن ترجمة تلك المجهودات لارقام حيث نمت الاستثمارات الاجنبية المباشرة بدول مجلس التعاون من 6،1 بليون دولار أمريكي فى عام 2003 الى 60،1 بليون دولار أمريكي فى عام 2008 أي ما يعادل عشرة أمثال ما كانت عليه فى البداية، أما بالنسبة للسنوات القليلة الماضية فقد انحسر معدل الاستثمارات الاجنبية المباشرة بدول مجلس التعاون الخليجي من ثمانية وعشرين بليون دولار أمريكى فى عام 2012 الى أربعة وعشرين بليون دولار أمريكى بالعام الماضى، أي بمعدل انخفاض قدره 15%. وبذا انخفضت حصة دول مجلس التعاون الخليجي من الاستثمارات الاجنبية الدولية المباشرة الى 1،6% بالقياس لنسبة تجاوزت 4،2% خلال الخمس السنوات الماضية. وجاء في البيان أن دولتي البحرينوالامارات العربية المتحدة قد حققتا نموا فى الاستثمارات الاجنبية المباشرة على مدار الاربع السنوات التالية؛ وذلك نتيجة لعودة المستثمرين للاستثمار فى قطاعات الخدمات والتصنيع والعقارات. يمكن تفسير ذلك التراجع بانخفاض شهية المخاطرة لدى الشركات الاجنبية؛ نتيجة للأزمة المالية العالمية ولتراجع التسهيلات الائتمانية، وربما يعزى بعض من ذلك التراجع الجزئى أيضا لتغير أسلوب التفكير الحكومى بشأن الاستثمارات الاجنبية. تقييم التأثير منذ منتصف عام 2000 للميلاد، حدثت طفرة فى أسعار النفط وقد ترتب على ذلك انتعاش الاقتصاد السعودى بشكل كبير، هذا علاوة على زوال بعض مظاهر الضغوط والاستعجال التي صاحبت فترة الانفتاح المبدئية للاستثمار الاجنبى، وقد ترتب على ذلك منح دول مجلس التعاون -وبالتالي كياناتها العاملة فى هذا المجال- المزيد من الوقت والمساحة للتفكير مليا فى أسلوب التعامل مع الاستثمارات الاجنبية. لقد تبنت هيئات الاستثمار فى دول مجلس التعاون الخليجي نموذجا جديدا أكثر انتشارا، حيث عمدت الهيئة العامة للاستثمار على سبيل المثال للتأكيد على أنه يتعين على المستثمرين الاجانب الراغبين فى الاستثمار فى المملكة العربية السعودية إظهار نوايا صادقة نحو توفير قيمة مضافة للاقتصاد الوطنى، ويمكن تحقيق ذلك الغرض عن طريق نقل التكنولوجيا والعمل على خلق وظائف جديدة وربط المملكة العربية السعودية ضمن سلسلة الشبكة الدولية والاقليمية. تجدر الاشارة الى أن طريقة التفكير الحديثة التى تتسم بالمنطقية والعقلانية لم تكن لتأتي من فراغ. هذا وتعكس الارقام بعضا من الافكار المدهشة الخاصة بتركيز الاستثمارات الاجنبية المباشرة، ومن ذلك أن 90% من الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى المملكة العربية السعودية قد أتت من 3% من تراخيص الاستثمار وأن حوالي 40% من التراخيص تركزت فى الانشطة ذات الجودة المتدنية، وهذا ما يؤكد الانطباع الذى يقضى أن التركيز يكون فى الاساس على الحصول على الاقامة والعمل بدلا من التركيز فى الحقيقة على الاستثمار الحقيقى. تجدر الاشارة الى أنه من المتوقع أن يكون تركيز المملكة العربية السعودية على مشروع واحد أو مشروعين من المشاريع العملاقة، مثل التضامن الذى تم إنشاؤه بين شركة سوميتمو اليابانية للكيماويات وشركة أرامكو السعودية بغرض إنشاء مصنع للكيماويات ببلايين الدولارات على ساحل البحر الاحمر، أو صدارة، هو تضامن تم إنشاؤه بين شركة أرامكو السعودية وشركة داو للكيمياويات بمدينة الجبيل بغرض بناء أكبر مجمع من نوعه على مستوى العالم تستهدف المملكة الحصول عليه، هذا علاوة على أنه سيكون بمثابة قيمة مضافة لوضع ذلك المشروع المحورى على صعيد صناعة الهيدروكربونات العالمية. على الرغم أن كيانات التضامن قد أنشئت مع شركات معتبرة عالميا وأن تلك الشركات قد سحبت بلايين الدولارات للاستثمار فى قطاع الكيماويات بالمملكة العربية السعودية، فإن تلك الشركات تتوقع -من خلال الاطلاع على مستندات ووثائق تلك المشاريع- زيادة المساهمة فى الاقتصاد الوطنى بغرض مساعدة تلك القطاعات المهمة على النهوض، ومثال ذلك شركات الصناعات التحويلية وشركات الانتاج وذلك من خلال نقلهم للتكنولوجيا التى تعد فى منتهى الاهمية، هذا علاوة على خلقهم وظائف قابلة للنمو ومستديمة للمواطنين السعوديين. هناك كيانات عملاقة حديثة أخرى مثل عملاق الحلويات "شركة مارس" التى تمتلك مصنعا يقدر ثمنه بستين مليون دولار أمريكى بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية بالقرب من رابغ الواقعة الى الشمال من مدينة جدة، وتعتبر مثالا جيدا للتسويق هذا علاوة على أن هذا المصنع يعتبر أيضا بمثابة فرصة لانشاء وظائف ولكنه بطبيعة الحال لا يعتبر معملا جديدا لتفريخ الخبراء، وبذا يعتبر ذا ميزة تنافسية للمملكة. التنافسية يبدو أن هناك بعض التباين والاختلاف فى الوقت الحالى بين دول مجلس التعاون الخليجي التى كانت اقتصادياتها فى السابق تعتمد على النفط والغاز. على الرغم أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تعمل على إنشاء صناعة تنافسية أو مجموعة من الصناعات، فإن أغلب تلك الاستثمارات فردية ومنفصلة ولا تتسم بميزة التنافسية. أما اليوم فعندما تسأل سؤالا، هل أسهمت الصناعة فى تطوير ميزة التنافس فى أى دولة من دول مجلس التعاون الخليجي؟ نجد أن الاجابة للاسف "لا". يمكن تعريف مصطلح التنوع الاقتصادى بأنه عملية الصناعة والانتاج والقطاعات التى تحاول دول مجلس التعاون الخليجي تطويرها. من المؤكد أن ذلك التنوع لن يحدث إلا إذا توافرت البيئة المناسبة للتنوع الاقتصادى ويندرج تحت ذلك على سبيل المثال المبادرات المالية والتنظيمية. فى الوقت الذى تسير فيه دول مجلس التعاون على درب مستقبل صناعة النفط وتسعى لخلق التنافس فى صناعة واحدة أو أكثر يظل التحدى الاكبر الذى يواجه كل دولة من دول مجلس التعاون قائما. من المؤكد أن السباق نحو مستقبل صناعة النفط قد بدأ بالفعل. والسؤال الان هو كيف يتسنى لكل دولة إنشاء اقتصاد وسياسة واستثمار جديد فى ظل نظام عالمى يحدد من سيكون الاول فى ذلك السباق؟ المضى على الطريق السريع الصحيح تعتبر المملكة العربية السعودية ماضية بكل جد واجتهاد نحو إنشاء مناخ استثمارى يعتمد بشكل كبير على جذب المستثمرين مستخدمة فى ذلك شيئا إضافيا تعتزم المملكة تقديمه. خلال شهر مايو من هذا العام قامت الهيئة العامة للاستثمار (ساجيا) الذراع الرسمى لتسهيل عمليات الاستثمار الاجنبى فى المملكة العربية السعودية بكشف النقاب عن خاصية التتبع السريع لمسار المعاملات الاستثمارية، والتى أكدت من خلاله للمستثمرين المتقدمين بطلباتهم تقديمها لرد خلال ستة أيام، هذا علاوة على تقليصها لعدد الاوراق المطلوبة للعملية الاستثمارية. يوفر هذا النظام أسلوب تطبيق أسرع خصوصا إذا كان الاستثمار فى شركة عامة تستثمر بشكل مباشر أو تستخدم على اقل تقدير حقوق الملكية الفكرية لشركة عامة. تجدر الاشارة الى أن ما سبق الاشارة اليه آنفا يستهدف جذب الشركات الملتزمة بنشر الانشطة الرئيسية والمساندة عبر القطاعات المستهدفة بشكل محدد، مثل قطاع النقل والرعاية الصحية والتعليم والتكنولوجيا التى تجلب الاستثمارات المرتبطة بها. الاستثمار الاجنبى المباشر - الطريق المزدوج الاتجاه على مستوى أعمق، تعكس هذه التغييرات نقلة نوعية واسعة يمكن أخذها فى الاعتبار على أنها الجيل الثانى للجهود الجاذبة للاستثمارات الاجنبية المباشرة، هذا علاوة على أنها تعد بمثابة "الاستثمارات الاجنبية المباشرة الخليجية 12.0". فى الوقت الذى كان فيه الجيل الاول يستهدف تبليغ العالم قاطبة أن الخليج قد فتح أبوابه لممارسة الاعمال، نجد ان الموقف قد تغير فى الوقت الحالى، حيث أصبح الاعتماد على الادراك المتزايد للمتطلبات المتزايدة التى يتعين عرضها لجذب المستثمرين اصحاب الجودة والذين يمكن التعويل عليهم بشكل مستمر. بالنسبة للمملكة العربية السعودية فهى تبذل الغالى والنفيس للتأكيد على ان الاستثمارات سوف تحقق الاثر الايجابى المنشود، وأنها عاكفة على تطوير الخطط الاستثمارية لقطاعاتها الرئيسية، مستهدفة بذلك خلق استثمارات تنافسية متكاملة من خلال مجموعة من الانشطة الرئيسية والمساندة. وبالاضافة للقطاعات التقليدية مثل النفط والغاز والبتروكيماويات، فهناك قطاعات الرعاية الصحية والنقل وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم التى تعتبر شاهدة على تلك التحولات الكبيرة. فى ظل مصروفات رأسمالية تتجاوز ملياري ريال سعودى، تحاول تلك القطاعات الانفة الذكر الظهور كقطاعات تنافس بشكل حقيقى وليست مجرد قطاعات تعتمد على ما تنفقه الحكومة. فى الحقيقة أن تلك القطاعات تعبر عن نفسها بصفتها قطاعات تتميز بوجود فرص استثمارية واعدة للمستثمرين على المدى الطويل. إذا وضعنا وجهة نظر الخليج الاكبر فى الاعتبار، فهذا يعنى أننا سوف نمضى قدما تجاه قائمة المنتجات بدلا من تكرار نفس الكلمة التى تفيد أن تلك القطاعات تتميز بامتلاكها لأماكن ممتازة لمزاولة الاعمال، هذا علاوة على أنها تعرض على المستثمرين باقات من المزايا تختلف حسب كل قطاع ووفقا لنوعيات المستثمرين، وفى هذا السياق ينبغى الاطلاع على تعديلات الاستثمار السعودية. فى الحقيقة إن فكرة الاستثمارات المجمعة لها جذور. فى مدينة الملك عبد الله الاقتصادية على سبيل المثال تم تصميم عقود خلال هذا العام لتأسيس ثلاث شركات فى الوادى الصناعى للمدينة، بحيث يمكن الاستحواذ على فرص التصنيع الخفيف، كما يقوم تضامن سعودى ألمانى ببناء مصنع لانتاج الدهانات عالية الجودة، بينما يقوم مستثمر آخر بالاستثمار فى مصنع لتصنيع النوافذ والابواب الالومنيوم الخاصة بالمبانى السكنية والتجارية، وفى دولة قطر بذلت جهود مضنية لايجاد مكان فى سلسلة محلات تجزئة عالمية للسيارات، هذا علاوة على توقيع مذكرة تفاهم خلال عام 2010 مع مجموعة فولكس واجن وبورش الالمانية لتصنيع السيارات، لتأسيس مصنع (R&D) فيها. لقد رأى القطريون من وجهة نظرهم تحويل بلدهم لمركز دولى لتصنيع مكونات السيارات. من خلال هذه المجموعات، نجد أن هناك فرصة أكبر لبناء نظام اقتصادى أوسع للجيل المحلي، هذا وقد تم تبني ذلك الاسلوب فى قطاعات معينة مثل الخدمات المالية والتموين والامداد والنقل، هذا فضلا عن أنه قد تمت الاستفادة من الاستثمارات الاجنبية المباشرة فى تسريع الانتقال لاقتصاد المعرفة، هذا فى الوقت الذى بدأت فى اكتساب القوة كموضوع، كما ستؤدى لتخليق منتجات وخدمات وطنية بالمنطقة ولكن قام بتصنيعهامستثمرون أجانب. القفز فوق الحواجز على الرغم أن تلك المجموعات تعتبر نموذجا أكثر تميزا يمكن من خلاله هيكلة المدخلات الاستثمارية فما زالت الشركات الاجنبية تواجه تحديات ضخمة ينبغي التغلب عليها في الخليج. تجدر الاشارة الى أن التغلب على التصورات السلبية الخاصة بالمنطقة مثل المناخ الصعب ومعوقات نمط الحياة والحاجة لتوظيف عمالة محلية غير ماهرة وغير مناسبة، يعتبر بمثابة قفزة بعيدة للغاية بالنسبة لبعض المستثمرين ذوي النظرة البعيدة. بالنسبة للشركات العملاقة مثل داو وأكسون موبيل اللتين تملكان أعمالا مرتبطة بشكل قوى بالهيدروكربونات، تعتبر المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي مقصدا جذابا للغاية، فما الذي نبتغيه بعد ذلك؟ تتميز دول مجلس التعاون بأنها أكثر استقرارا من مناطق أخرى فى المنطقة هذا علاوة على أن الاساسيات الاقتصادية لا تزال مبشرة. بالنسبة للشركات التي تدرس الدخول لدول مجلس التعاون ينبغي عليها تبني أسلوب تفكير يتوافق مع التغير الثوري الحادث في توجهات الخليج نحو الاستثمارات الاجنبية المباشرة. وبالرجوع لفترة أوائل العشرينات نجد أن الدافع هو التواجد على الارض أولا، ومن ثم الذهاب لقطف أكثر الثمار انخفاضا. لقد كان الدخول في الاساس بغرض تفهم السوق وإبرام العقود، وقد ولت هذه المرحلة، أما الان فقد أصبح لدى الشركات مفهوم أفضل لما يستطيعون عمله وما لا يستطيعون تحقيقه، وما هو الأفضل للتعامل مع السوق وجعله مربحا. هناك رغبة كبيرة لدى المستثمرين الاجانب لوضع بذور والاستثمار في الموهوبين من أبناء الوطن، وقد ثبت أن هذا التوجه فعال وباعث على النجاح بالنسبة للمستثمرين الاجانب، الذين قدموا للمنطقة منذ عقود طويلة. أما بالنسبة للشركات القادرة على الانخراط في أعمال محلية واستعمال أسلوب بناء الشراكات بدلا من التركيز على جمع المال ونزحه بعيدا لاوطانهم، فيمكنهم البحث عن منطقة بالاستقبال تتسم بالدفء في نهار دول مجلس التعاون الخليجي. فيما يتعلق بالمستثمرين ذوي الهمم والرؤيا الصائبة البعيدة، فعليهم أن يدركوا أنه ربما تكون أيام الجني السريع للارباح قد ولت، وأنه من المؤكد أن الفوز سيكون حليف المستثمر الصبور المقدام والمخلص.