أقدم مواطنون غاضبون على قطع طرق بالإطارات المشتعلة في منطقة البقاع في شرق لبنان، حيث ساد توتر شديد تخللته أعمال قتل وخطف إثر نشر جبهة النصرة بيانًا أعلنت فيه قتل عنصر أمن لبناني محتجز لديها منذ أغسطس. وأكد مصدر أمني محلي «العثور على جثة رجل ثلاثيني من بلدة عرسال مقتولًا بالرصاص» على مقربة من بلدة البزالية التي يتحدر منها العنصر في قوى الأمن الداخلي علي البزال الذي أعلنت جبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة إعدامه. وجاء في البيان الذي نشر على حساب «مراسل القلمون» الناطق باسم «جبهة النصرة» على موقع «تويتر» على الإنترنت «لقد مضى الجيش اللبناني بأعماله القذرة والدنيئة باعتقاله النساء والأطفال، وإنّ تنفيذ حكم القتل بحق أحد أسرى الحرب لدينا (علي البزّال) هو أقل ما نرد به عليه». وأرفق البيان بصورة تظهر علي البزال راكعًا، بينما شخص لم يظهر وجهه يطلق النار في اتجاه رأسه من الخلف بواسطة سلاح رشاش. وفور انتشار الصورة أقدم مواطنون من قرية البزالية ذات الغالبية الشيعية قرب بعلبك في البقاع على قطع الطرق، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس. وقال مصدر أمني لفرانس برس: «إن مسلحين ملثمين انتشروا على الطرق في محيط البزالية، وراحوا يوقفون السيارات ويدققون في هويات ركابها». وأشار إلى تعرض مواطنين من الطائفة السنية للخطف. وكان بيان جبهة النصرة يشير إلى إعلان السلطات اللبنانية قبل أيام احتجاز زوجة سابقة لزعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي مع ثلاثة من أطفالها بينهم ابنة البغدادي، وزوجة قيادي سابق في «جبهة النصرة» ومبايع حاليًا لتنظيم داعش يدعى أنس شركس، ومعروف باسم أبو علي الشيشاني. وكان أبو علي الشيشاني نشر الليلة قبل الماضية تسجيلًا مصورًا على شبكة الإنترنت طالب فيه بالإفراج الفوري عن زوجته، مشيرًا إلى أنها أوقفت مع ولديه. وقال: «إن لم تخرج زوجتي في القريب العاجل فلا تحلموا أن يخرج العسكريون اللبنانيون المخطوفون. إن لم تخرج زوجتي وأطفالي فنساء وأطفال الجيش اللبناني هدف مشروع لنا». وعلي البزال واحد من 27 عسكريًا وعنصرًا في قوى الأمن تحتجزهم «جبهة النصرة» وتنظيم داعش منذ مطلع أغسطس بعد معركة استغرقت أيامًا مع الجيش اللبناني وقعت في منطقة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا. وانتهت المعركة في حينه بانسحاب مسلحي النصرة وداعش من عرسال واصطحبوا معهم عددًا من العسكريين. وإذا صح مقتل البزال يكون العسكري الرابع الذي يتم إعدامه بين المخطوفين. فقد أعدم تنظيم داعش جنديين، وأعدمت جبهة النصرة جنديًا ثالثًا. وهدد بيان النصرة الصادر قبل منتصف ليل السبت «إن لم يتم إطلاق سراح الأخوات اللاتي اعتقلن ظلمًا وجورًا فسيتم تنفيذ حكم القتل بحقّ أسير آخر لدينا خلال فترة وجيزة». وفي سياق متصل قال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق: إنه لا يوجد قرار بإطلاق الموقوفتين سجى الدليمي وعلا جركس زوجة الشيشاني اللتين ستكونان جزءًا من عملية التفاوض مع خاطفي العسكريين في جرود عرسال. وقال المشنوق لصحيفة «الأخبار» في عددها السبت: «إنه لا قرار بإطلاق الموقوفتين اللتين ستكونان جزءًا من عملية التفاوض، وإلا لما تم توقيفهما»، مضيفًا «إنه حتى لو أطلقتا، فإن أقلّ إجراء سيؤخذ في حقهما هو الإقامة الجبرية». وأضاف المشنوق «إن هذه المسألة تحتاج إلى تأطير من سيفاوض، ومن يمكنه الاستفادة من هذه الورقة؟ ولا سيّما أنّ الجهة التي أوقفتهن هي استخبارات الجيش، فيما الجهة التي تتولى التفاوض هي الأمن العام. هذا الأمر يحتاج إلى تفعيل عمل الخلية الأمنية ورفع مستوى التنسيق بين الأجهزة». وأشار إلى أنّ محاربة الإرهاب تقوم على «ثلاثية ذهبية» أوّلها «الاحتراف الأمني» الذي يتطلب علمًا وسرية وتنسيقًا، ولا يمكن أن يقوم على الأسلوب العسكري التقليدي لما ينجم عن ذلك من ردود فعل تتداخل فيها العناصر الإنسانية بالعناصر المذهبية، وثانيها «التماسك الوطني» الذي يعد حوار حزب الله وتيار المستقبل جزءًا منه، وثالثها «المعرفة الفقهية» التي تقوم على علماء ومشايخ يواجهون منظومة التطرف بطريقة عصرية وحكيمة. ولفت المشنوق إلى أن «الاحتراف الأمني» هو الأهم في هذه «الثلاثية»، ولكنه «للأسف الحلقة الأضعف في هذه المعادلة حتى الآن»، والدليل إعلان توقيف سجى الدليمي وعلا جركس الذي «كان خطأً كبيرًا». وقال: إنّه كان يفضل إيصال رسائل إلى الإرهابيين عبر التضييق على الموقوفتين لإعلامهم بأنّ الدليمي وجركس معروفتا الهوية من الأجهزة الأمنية وتحت المراقبة ومن ضمن أوراق القوة في التفاوض، معتبرًا أن «اعتقالهما، وإن دافعت عنه، سيفتح علينا عيون المنظمات الدولية ورجال الدين، ولا سيما أنه لا يوجد أيّ إثبات بأن الموقوفتين كانتا تحضّران لعمل أمني، أما اتصالاتهما بأشخاص إرهابيين فلا يُبنى عليها». وأوضح المشنوق أن إطلاق الأسرى «لا يمكن إلا أن يكون دفعة واحدة، وتجزئة الحل ستخلق مشكلتين الأولى مع الأهالي الذين سيعترضون على طريقة اختيار الأسماء، والثانية مع الجهات الخاطفة التي لا يمكننا الوثوق بوفائها بالتزاماتها».