سقط 6 شهداء وجريح للجيش اللبناني بينهم ضابط مساء أمس في جرود بلدة رأس بعلبك البقاعية الحدودية مع سورية، حين اشتبك العسكريون أثناء انتقالهم بآلية عسكرية مع عناصر كمين نصبه مسلحون يرجح أن يكونوا من «جبهة النصرة»، بعدما تسللوا من منطقة القلمون السورية، وفق مصدر عسكري. وجاء هذا التصعيد المفاجئ نحو السادسة مساء، في ظل تطورات طرأت على ملف العسكريين المخطوفين وعملية المبادلة المحتملة، بالإعلان عن توقيف احدى زوجات أبو بكر البغدادي (طليقته) قبل 10 أيام في الشمال عند حاجز للجيش، ثم توقيف زوجة أحد المسؤولين في «جبهة النصرة» أيضاً. ولم تستبعد مصادر عسكرية تحدثت الى «الحياة» أن يكون تسلل عناصر «النصرة» إلى جرود بلدة رأس بعلبك ونصبهم كميناً لمجموعة من الجيش، جاء كرد فعل على نجاح الجانب اللبناني في توقيف العديد من الرموز التابعة ل «داعش» و «النصرة» في الآونة الأخيرة. (للمزيد) وفور وقوع الاشتباك، أرسل الجيش تعزيزات إلى جرود رأس بعلبك من فوج التدخل السريع ومن الفوج الخامس المتمركزَيْن في البلدة القريبة من بلدة الفاكهة في البقاع الشمالي، واشتبك مع المتسللين واستخدم في قصفهم مدافع الهاون والقنابل المضيئة، فما كان من هؤلاء إلا أن انسحبوا عائدين الى الأراضي السورية، إلا أن العسكريين الذين خاضوا الاشتباك الأول معهم كانوا استشهدوا بنيران المسلحين. وكانت مصادر قضائية أكدت ل «الحياة»، أن المرأة التي أوقفها حاجز للجيش اللبناني في منطقة الشمال قبل زهاء 10 أيام على أنها إحدى زوجات زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» أبو بكر البغدادي مع ابنتها (تدعى هاجر)، اعترفت بذلك، مؤكدة أنها سجى الدليمي التي كان أُفرج عنها من السجون السورية في 9 آذار (مارس) الماضي في إطار الصفقة التي أدت إلى الإفراج عن راهبات معلولا من قبل «جبهة النصرة». وإذ اعتبرت الأوساط المتابعة لقضية العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى «داعش» و «النصرة» أن توقيف الدليمي صيد ثمين يمكن الجانب اللبناني استخدامه في المفاوضات على إطلاق سراح هؤلاء العسكريين، قالت مصادر أمنية إن توقيفها جاء نتيجة تنسيق ومتابعة من قبل مخابرات الجيش مع جهاز مخابرات أجنبي، فيما ذكرت مصادر أمنية أن مخابرات الجيش ألقت القبض على امرأة أخرى هي زوجة المسؤول في «النصرة» أنس شركس الملقب بأبي علي الشيشاني، لكن الأخيرة لم تكن أحيلت إلى القضاء حتى عصر أمس كما حصل مع الدليمي. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية، أن الدليمي أوقفت على حاجز للجيش في الشمال، ورجحت مصادر أن يكون تم ذلك على حاجز الجيش في منطقة المدفون، وأنها كانت تحمل تذكرة هوية لبنانية مزورة، وبرفقتها ابنتها (وابنة البغدادي)، واقتيدت الى مركز المخابرات للتحقيق معها. وذكرت المعلومات أن للدليمي، التي تعيش في لبنان، منزلاً في قضاء الضنية في الشمال تتردد إليه، وأنها كانت عائدة من بيروت الى الشمال عندما أوقفت، وهي من عشائر الدليمي المتواجدة في دول عربية عدة بينها سورية والعراق. وساهم تسريب نبأ توقيف الدليمي في إشاعة أجواء إيجابية في صفوف أهالي العسكريين المخطوفين، الذين كانوا عاشوا ليلة صعبة أول من أمس بفعل تواتر الأنباء عن نية «النصرة» قتل الجندي علي البزال وإعلان الوسيط من بلدة عرسال الشيخ مصطفى الحجيري انسحابه من الوساطة بسبب عدم جدية الحكومة في التفاوض، فاضطروا الى قطع الطرقات ليلاً عند أحد مداخل بيروت الى أن جاءهم تطمين من وزير الصحة وائل أبو فاعور بتأجيل «النصرة» قتل البزال فأعادوا فتح الطريق. وبينما قال والد أحد العسكريين المخطوفين إن الحكومة اللبنانية وعدت بإطلاق سراح 5 موقوفين لديها مقابل عدم قتل «النصرة» البزال، ولم تؤكد أي مصادر رسمية هذا النبأ، فإن ما ساهم أمس في إشاعة ما اعتبره «إشارات إيجابية» لدى أهالي العسكريين، أن رئيس الحكومة تمام سلام الموجود في بلجيكا، أجرى اتصالاً بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني متمنياً عليه تفعيل الوساطة القطرية في ملف المخطوفين، فوعده الأخير بأنه سيعطي تعليمات فورية بذلك وبإجراء الاتصالات اللازمة في هذا الصدد. وترددت معلومات عن أن البحث تناول في الاتصال احتمال رفع مستوى الوساطة القطرية من الموفد السوري الأصل أحمد الخطيب الى شخصية قطرية. وفيما قال سلام إن «لبنان لن يخضع للابتزاز ولن نصبح رهينة للآخرين»، أوضح بيان للمديرية العامة للأمن العام في معرض نفي أنباء عن أنه أفرج عن العقيد السوري المنشق عبدالله حسين الرفاعي المنتمي ل «الجيش السوري الحر» مقابل إطلاق الأسير من «حزب الله» عماد عياد، أن الرفاعي «ما زال موقوفاً لدى الأمن العام وأن مصيره مرتبط بمجرى المفاوضات الهادفة لإطلاق العسكريين المخطوفين». وكانت الجهود نجحت مساء أمس في ثني الشيخ الحجيري عن استنكافه عن مسعاه لدى الخاطفين لإنقاذ العسكريين من القتل، بعدما كان صدر بيان باسم آل البزال هدد بالانتقام منه ومن آل الحجيري وأهالي عرسال في حال قتل الجندي البزال. وأشارت معلومات إلى أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد يتوجه إلى سورية خلال اليومين المقبلين لمتابعة التفاوض مع الجانب السوري حول خيار شمول مبادلة العسكريين بسجينات سوريات طلبت «النصرة» إطلاق سراحهن. وفي شأن التحقيق القضائي مع الدليمي، زوجة البغدادي، قالت مصادر معنية بتفاصيله، إن استجوابها يتركز على ما إذا كانت مكلفة من قبل «داعش» القيام بمهمة أمنية معينة، وعلى ما إذا كان وجود ابنتها معها يهدف الى التغطية على أمر ما من هذا القبيل. أما في خصوص المرأة الثانية الموقوفة، فإن المصادر القضائية أكدت أن المخابرات أبلغت القضاء بأن المعلومات التي استقتها تفيد بأنها زوجة أنس شركس وهو من مسؤولي «النصرة»، وأن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ينتظر تسلمها من مديرية المخابرات للتحقيق معها. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، أن زوجة شركس أوقفت في بلدة زغرتا الشمالية مع شقيقها ويدعى راكان.