من كان يتصوّر أن الأديان التي ظهرت من أجل صلاح الانسان وأمانه.. قد تتحول يوماً إلى مصدر لخوف أو كراهية!!.. تعرفون طبعاً أن مصطلح «الاسلاموفوبيا» ظهر مع بروز الحركات العنفية التي تحاول أن تجعل من التطرّف سبيلها لإقناع الآخرين، وهو مصطلح يعني: خوف مرضي غير مبرر وعداء ورفض للإسلام والمسلمين، لكنه قد يعتبر هذا تعريفاً غير دقيق حسب قول «محمد شتوان»، لأن الأمر هنا لا يتعلق بمرضٍ أصاب الغرب.. وإنما هو ظاهرة لها أسبابها السياسية والاجتماعية، ومع ذلك يبقى المصطلح ليعبّر عن مشاعر سلبية تترجم بسلوكيات مجحفة في حقّنا كمسلمين. وقد كشف التقرير الأخير لمنظمة «التعاون الإسلامى للإسلاموفوبيا» أن تنظيم «داعش» كان عاملاً أساسياً، أسهم في تنامي هذه الظاهرة ولا سيّما منذ نشر فيديو إعدام الصحفيين الأمريكيين في شهر أغسطس، وهو ما استغلته بعض الأطراف لتأجيج أعمال «الإسلاموفوبيا» ومنها فكرة أن الاسلام يرتبط بالارهاب، وأنه لا يتسم بالتسامح مع المعتقدات الدينية الاخرى، وأن قيمه وممارساته لا تتوافق مع الأنظمة الديموقراطية الحديثة، وأنه يدعو إلى كبت حرية التعبير وحقوق الإنسان". لا يمكننا أن نُنكر أن الرهاب أو الخوف من الاسلام أصبح شيئاً مشاعاً ومتداولاً في وسائل الاعلام العالمية والدراسات وحتى في لغة التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي شجّع بعض الحريصين على محاولة دحض هذه المخاوف وتقديم الصورة المثلى لما ينطوي عليه ديننا الإسلامي من معانٍ وقيم. ففي الثالث عشر من شهر ديسمبر الجاري مثلاً ستنطلق فعاليات «اليوم العالمي ضدّ الإسلاموفوبيا» وذلك بعد نجاح نسخته الأولى العام الماضي، حيث ستقام الفعاليات في كل من باريس وأمستردام ولندن وبروكسل حسب الأخبار، وستشارك في هذه التظاهرة مجموعة من المنظمات غير الحكومية، التي تحارب كراهية المسلمين. أظنّ أنه قد حان الوقت ليكون للمبتعثين السعوديين في الخارج دور أكبر في مثل هذا اليوم العالمي بالذات، وخاصة دورهم ضدّ مساعي الربط بين الاسلام والإرهاب، كأن تكون لهم المبادرة مثلاً في تقديم العون للآخرين والاشتراك بالجهود التطوعية وحماية البيئة وتجميل المدن والعناية بالحالات الخاصة والمسنّين. بمعنى أن يكون للمبتعث طريقته في التعبير (العملي) وليس فقط (الحواري) عن سماحة الدين الاسلامي، وكذلك التأكيد على المشتركات بين الديانات والابتعاد قدر الإمكان عن نقاط الاختلاف. ببساطة.. إننا بحاجة إلى المبتعثين وسلوكهم أكثر من السابق، نحتاجهم في الكشف عن جوهر الإسلام الحقيقي؛ لأنه أحد الحلول الهامة لمواجهة حملات التشويه ضدّنا، ولأنه مهما حاولنا اثبات سماحة ديننا وقيمه العليا بالكلام، إلاّ أن سلوكيّاتنا على أرض الواقع هي فقط ما يمكن للآخرين قياسه والتأكد منه، حتى وإن كانوا كارهين لنا، وخائفين.. أو غير مصدّقين.