أشرت في مقالي (حديث عن التعدد) إلى أن «الحديث عن التعدد حديث عن أمنية جميلة ورغبة كامنة لدى كثير من الرجال... وأن لكلمة (التعدد) جرسا عند بعض المتزوجين كجرس كلمة (الزواج) عند غير المتزوجين». وحيث إن التعدد قد يقع من كل رجل، وهو أمرٌ يسبقه قراره، والقرار قد يكون ناضجا وقد لا يكون، لذا أحببت أن أهدي كل أخ عازم على التعدد هذه الوصايا، لعلها تكون عونا له في اتخاذ القرار المناسب؛ التعدد أو العدول عنه: * قال الله جل وعلا: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ومنه نعلم مشروعية أو جواز التعدد لكن هذا مشروط بغلبة ظن المتزوج أنه سيعدل، وهو ما اشتملت عليه تتمة الآية {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}، فمتى ما غلب على ظنك عدم القدرة على العدل لضعف أو حيف فلا تعدد. * إن كنت راغبا في التعدد فتأكد أنه بدافع حاجة أو رغبة حقيقية، وليست عارضة، وتختلف الحاجات فمنهم حاجته أن يعفّ نفسه عن الحرام، ومنهم حاجته إلى مزيد استمتاع، لعدم كفاية الأولى، وبعضهم حاجته إلى الذرية، وبعضهم إلى الاستقرار، وتأكد من كذلك عدم وجود موانعه. * احذر أن يكون قرار التعدد لمجرد الرغبة في التجربة، أو تأديبا للأولى، أو مجاراة للرفاق أو الأقارب، أو إظهاراً للقدرة، فالفشل أقرب من النجاح إلى زواج هذه دوافعه. * إذا كنت تعاني من ضعف في قدرتك الجنسية فالتعدد ليس طبيبا ولا دواء لضعفك، وما يشاع من أن التعدد يعيد إلى الرجل قوته وقدرته فهو توريط للمعدد وظلم للزوجة الجديدة. * إن كان الدافع إلى التعدد وجود مشكلات بينك وبين الأولى، فاسع أولاً لحل هذه المشكلات، فالتعدد لا يحلها، بل يزيد تفاقمها، واستشر من تثق بمعرفته وفهمه في تحديد مصدر المشكلة، فقد تكتشف أنك سبب المشكلة لا زوجتك، مما يعني أن المشكلة ستتكرر في كل بيت تؤسسه. * يعتقد البعض أن سوء علاقة الزوج بزوجته دافع كاف لأن يعدد، وأعتقد أن من نجح في علاقته بالأولى أقدر على النجاح في تجربة التعدد. * ولا يصلح التعدد لمن يبالغ في التحسس من تصرفات زوجته وكلماتها، فإنه غالبا سيسمع ويرى بعد التعدد أكثر من ذلك، وهذا قد يدفعه إلى الطلاق، أو الفشل في إدارة التعدد، فينقلب عليه التعدد جحيماً. * الزوجة الثانية تحتاج إلى نفقة وسكنى، والزوجة الأولى قد تتخلى عن مراعاتها لك حينما كانت لوحدها، فتزيد في طلباتها، فهل لديك القدرة المالية لتحمل هذه الأعباء. * يكاد يجمع المجربون أن أهم ثلاث صفات يحتاجها من يريد التعدد: (1) القدرة النفسية على إدارة البيوت، والتعامل مع الزوجات وتنافسهن، وغيرتهن، وتنكرهن، والتغافل عن استفزازهن، وتنكيدهن إن وجد . وكذا (2) القدرة المالية على النفقة، والزيادة فيها أكثر مما ينفق غير المعددين، وثالثتهن (3) القدرة الجسدية على المعاشرة، فزوجات المعدد يتنافسن على استهلاك صحته، وربما سعين للمعاشرة لا حبا فيها وإنما كيلا يتركن ذلك لغيرهن. * خير ما تهيئ به زوجتك الأولى لقرار التعدد هو القيام بحقوقها، وحسن التعامل معها، وترميم ما فسد من جدران العلاقة بينكما، وتطمينها أن قدرها كبير، وحقها ثابت. * استخر، واستشر. * سل الله التوفيق