تسكن "صفية" و"مريم" في منزل متواضع يقبع في الدور الأرضي في إحدى الأحياء الواقعة في جنوب مدينة جدة، تتميز علاقتهما بالود والمحبة، أصبحا حديث الحي بين الجارات لا لشيء سوى أنهما زوجتان لرجل واحد لم تسمح له ظروفه المالية من تأثيث منزل لإحداهما، حيث استطاعت تلك الصداقة بين الزوجتين أن تتجاوز هذا الجانب، لتوافق "صفية" على أن تسكن "مريم" معها في نفس المنزل شريطة أن تكون لكل واحدة منهن غرفة نوم مستقلة لها ولأبنائها في منزل يحتوي على ثلاثة غرف, التقينا بهما في وقت اجتمعتا للخروج سوياً من أجل التسوق وشراء هدايا النجاح لأبناء "صفية" الثلاثة، ولقضاء وقت ممتع، فقالت "مريم": "رزقنا الله بزوج حنون ومتفاهم، ولم استغرب عندما طلبتني زوجته الأولى للزواج والسكن معها في بيت واحد، حيث لم تتقبل أُسرتي الوضع، واعتبرته من المستحيلات، لكنني استخرت الله ومنحت نفسي وقتاً للتعرف إليها، ووجدتها إنسانة رائعة تريد إسعاد زوجها؛ لأنها لا تستطيع الوفاء بالتزاماته الزوجية، ليتم الزواج، ونحن الآن متعاونان في كل شيء، ومنزلنا الصغير كبير بمساحة الحب والتفاهم الذي نتقاسمه بيننا". لا تفتح بيتاً آخر وأنت لا تستطيع تحمل مسؤولية الزوجتين والأبناء.. «فكّر قبل أن تقرر» ويُخطئ كثير من الرجال في التفكير بالزواج الثاني، على الرغم من أن ظروفه لا تسمح بذلك، فهو يرى أن الأهم بالنسبة لديه إثبات قدرته على الارتباط، حتى وإن كان غير مُقتدر مادياً، وهو ما نُسميه بالعامية "هياط على غير سنع"، وعلى العكس تماماً هناك من يُريد الزواج بامرأة أخرى، إلاّ أنه يُدرك أن ذلك يتطلب ظروفاً مناسبة، إضافةً إلى توفير المال، مما يجعله يُلغى الفكرة تماماً، مُستنداً على قولة: "الطفارى لا يمكن يتزوجون"!. ويُعد تحمل المسؤولية أمراً في غاية الأهمية، لذا يجب على الرجل أن يتأكد من قدرته في تحمل أعباء الزواج الثاني، التي منها تأمين الاحتياجات للأسرة وإشباع رغباتهم، فالإشكالية التي نلاحظها أن بعض الرجال يقدمون على الارتباط دون وعي فيحدث الطلاق. بعض الفتيات يتجاوزن العائق المالي رغبةً في تحقيق حلم الزواج ظل رجل وقال "عبدالوهاب" - متزوج منذ 34 عاماً -: إن الحالة المالية لا تقف عائقاً أبداً أمام الرجل الذي يرغب بالزواج، فبعض المناطق بالمملكة لديها استعداد لتزويج الفتيات وبأقل ما يمكن دفعه من الرجل الراغب في تحصين نفسه، وهذا يُعبّر عن حاجة الستر؛ لأنه أحياناً يكون عدد النساء في القرية كبير مقارنة بعدد الرجال، الذين يعيشون خارج قريتهم إما للدراسة أو العمل، وبالتالي أصبحت هناك حاجة ملحة لتزويجهن وهن في سن الزواج حتى لا تضعف فرصتهم مستقبلاً، مؤكداً على أن القدرة الجسمانية والصحية مطلب أساسي تستند عليها الكثير من قرارات الزواج، لكن هناك بعض الحالات الإستثنائية لسيدات يرغبن الإرتباط بأي زوج لإن حاجتها تكون في رغبتها السكن في بيت مستقل بعيداً عن بعض الضغوط الأسرية التي تعيشها مع أهلها، لتستمتع بحياتها مع زوج متفهم، مستندة في ذلك على المثل القائل "ظل راجل ولا ظل حيطة". وأضاف: هناك حالة لسيدة فاتها قطار الزواج، لكنها بحاجة لطفل يملأ الدنيا من حولها، وهو ما قد يتحقق من خلال زوج حالته الصحية متواضعة، أو إذا كانت بحاجة لأن تسافر وبحاجة لمرافق يشاركها الحياة الاجتماعية ويغدق عليها من حنانه، فتتحمل مصاريف سفره وإقامته مقابل هذه المشاعر والمرافقة التي ستبدد شعورها بالوحدة. د.تغريد سمان يفشل حتماً وأوضح "نبيل" أن الزواج الثاني إذا تحقق بفضل الوضع المالي دون النظر للاستعدادات الأخرى فإنه سيفشل حتماً، وذلك بسبب غياب العاطفة، التي أعتقد أنها مهمة لاستمرارية الحياة وتحمل منغصاتها، وبذلك يكون تسبب في تضليل الزوجة وظلمها، وسيكتشف بعد مرور الوقت أنه ارتبط بامرأة لا يشعر حتى بوجودها بجانبه، مضيفاً أن الرجل ربما يكون محتاجاً للزواج ثانية لأي سبب مقنع بالنسبة له وليس مطلوباً منه توضيحه للآخرين، ورغم ظروفه المالية الصعبة إلاّ أنه قد يجد من تأخذ بيديه ليكملا المشوار سوياً, مؤكداً على أن الرجل يجب أن يعي ضرورة مقدرته الصحية للزواج؛ لأنه بعد فترة ستحدث فجوة في العلاقة لن يستطيع ترميمها، وكثيراً ما نسمع عن رجال تزوجوا من نساء بفارق كبير في العمر ولمصلحة الزوج، وكأنه يحاول أن يعيد الزمن قليلاً للوراء من خلال شباب الزوجة. د.عبدالعزيز الدخيل استدانة المال وأكد "خالد" على أن الرجل عندما يُقرر الزواج للمرة الثانية وظروفه المالية لا تسمح، فقد يستدين من أجل اتمام حلمه، مضيفاً أن هناك أسباباً كثيرة قد تمنع المقتدر مادياً من الزواج بأخرى، رغم حاجته لذلك، وإحدى تلك الأسباب الخوف من "غيرة" أبنائه والمشاكل التي قد تحدث في بداية الزواج مع الزوجة الأولى، التي لابد أنها ستغير عليها وتحوّل حياتها إلى جحيم, مشيراً إلى أن العادات الاجتماعية ترجح أحياناً لصالح كفة المعدد في بعض المناطق التي إعتاد فيها الرجال على الزواج من أكثر من مرة، مبيناً أن الرجل الذي يخطو نحو الزواج للمرة الثانية أصبح لديه الشجاعة الكاملة للزواج من الثالثة والرابعة. خيار صعب وشدّد "سالم" على أهمية أن يتأكد الرجل من سلامة صحته العامة قبل أن تكتمل في رأسه فكرة الزواج للمرة الثانية، حتى وإن كان بحاجة لذلك, مضيفاً: "أعتقد أن الرجل لا يمكن أن يجرؤ على الارتباط بزوجة إذا شعر بقلة حيلته لممارسة حياته الطبيعية؛ لأنه سيشعر بالخجل أمامها"، مبيناً أن طبيعة الرجل تجعله يحلم أن تكون له أكثر من زوجة، فالنساء عبارة عن صحن فاخر مليء بالفواكه، التي تتميز بطعمها عن غيرها، ولكن بعض الرجال للأسف يستخدمون هذا الحق الشرعي في تأديب زوجاتهم، فيرتبط الرجل وتتحسن علاقته بزوجته الأولى وعندها تدفع الزوجة الثانية الثمن باهظاً، عندما يتركها، وبعضهم يتمنى الزواج مرة ثانية لكنه يخشى من فقدان ممتلكاته التي تكون مسجلة باسم زوجته، وعندها يكون الخيار أمامه صعباً، لافتاً إلى أن جميع الرجال من حقهم الارتباط بزوجة ثانية وبدون أسباب تدفعهم لذلك، خاصةً إذا وجد من تستطيع أن تعاونه على أعباء الحياة، وذلك لأن امرأة واحدة -على حد قوله- لا تكفي. استعداد كامل وقال "د.عبدالعزيز الدخيل" -أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد بجامعة الملك سعود-: إن الاستعداد للزواج بشكل عام يجب أن يكون استعداداً كاملاً مالياً ونفسياً واجتماعياً وصحياً، مضيفاً أن القضية ليست في التعدد، لكن في مدى الاستعداد وقدرته على تحمل الأعباء في الحياة الزوجية، وربما كان الزواج الأول أصعب من الثاني بكثير، مبيناً أن تحمل المسؤولية أمر في غاية الأهمية، لذا يجب على الرجل أن يتأكد من قدرته في تحمل أعباء الزواج الثاني؛ لأن لديه ضعف المسؤولية، التي منها تأمين الاحتياجات للأسرة وإشباع رغباتهم، مؤكداً على أن الزواج لا تحدده القدرة المالية، بل يجب أن يكون لديه تكامل في القدرات التي تستقيم بها الحياة الزوجية، فالإشكالية التي نلاحظها أن الشباب يقدمون على الارتباط دون وعي فيحدث الطلاق في السنة الأولى، لذلك أقرت مؤخراً وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل دورات تأهيل الزواج. فروقات فردية وأوضح "د.الدخيل" أن البعض يصف الزواج الثاني ويعتبره خيانة، والمرأة عند تكتشف زواج زوجها تقول: "خانني وتزوج"، حيث ساهم الإعلام في تعزيز هذا الصورة السلبية، متناسياً أن هذا الحق شرعي، مضيفاً أن الزواج الثاني يصب أحياناً في مصلحة الزوجة الأولى، بمعنى أن الزوج أصبح يهتم بزوجته أكثر، وقد يعطيها حقوقها كاملةً؛ لأنه مجبر على العدل، مع الأخذ في الاعتبار أن ذلك يعود أيضاً للفروقات الفردية، مشيراً إلى أنه في حال لا يوجد أطراف متضررة يجب أن يكون هناك قبول اجتماعي لزواج الرجل لأكثر من مرة؛ لأن المرأة أكثر ما تخشاه نظرة قريباتها وصديقاتها لها عندما يعلموا بزواج زوجها، وتخاف من كلام الناس، وهذا يدخل في أهمية تثقيف المجتمع. بحثاً عن الاهتمام وقالت "د.تغريد سمان" - مديرة ادارة التوعية الصحية في مستشفي قوى الأمن بالرياض -: إن الذي يتزوج لا تمنعه القدرة المالية أبداً، وقد تكون له أسبابه الخاصة التي تدفعه بشكل حقيقي للزواج، لكن الحاصل أن بعض الفتيات يتجاوزن هذا العائق المالي؛ لأنهن يبحثن عن الستر فترضي بوضعه مهما كان، مؤكدةً على أن رؤية فتيات اليوم تؤيد تعداد الرجل، خاصةً إذا كانت تلائم ظروف حياتها كالعمل والدراسة، لكن ذلك تبعاً للمناطق، فبعض المناطق لا مشكة لديها إذا لديه زوجة ثانية، وبعض المناطق تتشارك الزوجتان في مسكن واحد وكأنهما أختين، وهذا أعتقد أنه عائد للزوج الذي يجيد التعامل، مشيرةً إلى أن بعضهن ترفض الاقتران برجل متزوج، وعندما تعلم الزوجة السابقة تطلب الطلاق. وأضافت: الزوج لا يفكر في قدرته المادية والجسدية، وجميع الرجال يؤكدون أن لديهم القدرة الكاملة التي تسمح لهم بالزواج من أربع نساء وليس واحدة، حيث نجد رجالاً كباراً في السن يرتبطون بفتيات صغيرات بحثاً عن الاهتمام والفكر الشبابي، وأحياناً تكون الرغبة مشتركة لدى الفتاة، التي تحب أن تبدأ حياتها مع رجل مقتدر وليس شاب في بداية حياته تعيش معه عثرات الحياة.