عندما يمر أمامك اسم "باريس"، لا إرادياً تستحضر صورة برج إيفل الشهير، كيف لا وأنت خلال حياتك قد مرت عليك صور ذلك البرج عبر وسائل متعددة حتى غدا أيقونة مهمة لباريس ولفرنسا بشكل عام يضفي على المدينة صورة النشيطة في عالم الجمال وصناعته. وعندما تُذكر أمامك مدينة دبي تستحضر مبنى "برج العرب" في أول صورة ترد في ذاكرتك، بسبب كونه من أوائل المعالم الخليجية التي تم تسويقها والترويج لها بحرفية على مستوى عالمي وغد أيقونة لمدينة دبي قبل ظهور برج "خليفة" العملاق، الذي يجري حاليا تسويقه ليكون معلما لصورة "دبي" النشيطة جدا في مجال تقديم الخدمات لقطاع الأعمال على مستوى العالم، واستضافة المنتديات والمؤتمرات وأنجح المعارض في العالم بكافة أشكالها. وفي تركيا يجري حاليا التسويق للعديد من المعالم عبر وسائل شتى ترسم في مجملها صورة تركيا الجميله ذات المناظر الخلابة والبلد الإسلامي الأمين، من أجل استقطاب وفود السياحة من مختلف دول العالم لتصبح السياحة من أهم مصادر الدخل التركي. الأيقونات أو المعالم التي تختارها تلك المدن النشيطة في الغالب تهدف من خلالها إلى الترويج لنفسها كمدينة مهمة في هذا المجال أو ذاك، وهي تستخدم وسائل شتى في ذلك الترويج يدعمه توجه وحضور حكومي فاعل ونشيط، ولا يمكن أن تكون المدينة نشيطة دون نشاط حكومي. الترويج من خلال المعارض والملتقيات يعد من أفضل طرق الترويج لأي مدينة تسعى للتحول لمدينة نشيطة، والاهتمام بهذه الصناعة يجب أن يكون قرارا استراتيجيا يتخذه حاكم المدينة من خلال التوجيه والدعم والحضور، واختيار جهة مركزية تشرف على ذلك النشاط وفق أعلى المواصفات، فنشاط المعارض يضفي مزيدا من الحركة والنشاط الاقتصادي في المدينة وتجلب الأنظار لها من مختلف بقاع العالم من المهتمين بالمعارض بكافة أنواعها. وإذا خصصنا حديثنا عن نشاط المعارض العقارية في منطقة الخليج، فإننا نرى أنها تجارة أصبحت مزدهرة وجاذبة في الاعوام الماضية، ورغم التفاوت الكبير بين مستوياتها، لكنها بلا شك أصبحت من المصادر المهمة للترويج للمدن النشيطة، وأضفت مزيدا من النشاط الاقتصادي الذي عاد بفائدة كبيرة على سكان تلك المدن، ولعل معرض سيتي سكيب العقاري "جلوبل" في دبي من العلامات التي من المهم دراستها والاستفادة من تجربتها فهو معرض يحظى باهتمام حكومي بالغ حتى أصبح أحد أهم الملتقيات العقارية على مستوى العالم. وفي المنطقة الشرقية المشهورة بصناعة الطاقة والنفط، والتي تتمتع بمقومات وخصائص جغرافية واجتماعية واقتصادية مميزة مازالت فرصة البدء في الترويج لها قائمة ومغرية بعد الاستفادة من كافة التجارب التي سبقتنا، لأن تلك المقومات المميزة ترفع فرص النجاح الذي سيكون له أثر كبير على سكان المنطقة وستتحول مدنه مع الوقت إلى مدن نشيطة وعالمية. والمنطقة الشرقية مؤهلة لتكون مدينة مميزة في مجال التطوير العمراني، خاصة إذا علمنا أن حجم الاستثمارات المتوقع دخولها لسوق المنطقة الشرقية خلال الأعوام الخمسة المقبلة تناهز ال100 مليار ريال حسب تقديرات ودراسات مختصين، وذلك في ظل وجود طبيعة جغرافية مميزة وموقع يتوسط دول الخليج العربي ومؤهل أن يكون جاذبا جدا للاستثمارات بشرط التسويق الجيد والاستفادة من الخبرات التي سبقتنا في الدول المجاورة، وفي اعتقادي أن نشاط التطوير العقاري بالشرقية وفرصه الاستثمارية لاتقل أهمية عن مجال الطاقة ففيه تغذية للدخل القومي وهو من سبل تعدد وسائل الدخل ومن المهم أن يحظى بدعم حكومي من أعلى المستويات. نتمنى أن نشاهد هوية وشعارا مميزا للمنطقة الشرقية يتم تسويقة واستغلاله لجذب الاستثمارات، وأن تتحول مدن المنطقة إلى مدن مشهورة عالميا في مجال الطاقة والتطوير العمراني، والمنطقة تزخر بالكفاءات المميزة سواء من طلبة التسويق في الجامعات أو الاكاديميين المتخصصين بالتسويق من أبناء المنطقة، فهم يتنظرون الفرصة وأملنا في سمو أمير المنطقة الشرقية كبير للدفع باتجاه تحقيق هذه الغاية. ومع انطلاق "معرض وملتقى ريستاتكس العقاري" في معارض الظهران غدا والذي يحظى برعاية من سمو أمير المنطقة الشرقية وتنظمه جهات تبدو عازمة على النجاح، تبدو حالة التفاؤل أوسع لدى المطورين العقاريين بأن يكون بوابة لمعارض أقوى، وأوسع تنعكس على الحركة الاقتصادية في المنطقة وتزيد من نشاطها وتجلب رؤوس الاموال للاستثمار في مدنها التي تحوي مساحات ضخمة مازالت تحتاج إلى تطوير.