رغم كل ما يجري حولنا من أحداث درامية، تظل المملكة تواصل دورها الرئيس في استضافة وفود الرحمن الذين بدأت طلائعهم منذ وقت مبكر ولا تزال، حيث تقوم اللجنة العليا للحج، واللجنة المركزية، وكافة الجهات الخدمية بمهمات كبيرة من أجل توفير كل سبل الراحة والاطمئنان لحجاج بيت الله الحرام، مع استمرار أعمال التوسعة، حيث صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - باستثمار الأجزاء الناجزة منها لخدمة ضيوف الرحمن، والتيسير عليهم لأداء مناسكهم في أفضل الظروف. وحيث إن حج هذا العام يأتي في ظل ظروف أمنية وصحية بالغة الدقة، سواء فيما يتصل بالأحداث الدائرة في محيطنا العربي والإسلامي، والحملة الدولية لمواجهة الإرهاب، والفتن التي تشتعل بين وقت وآخر من مكان إلى آخر، وما تتداوله الأوساط الصحية عن بعض الأمراض الوبائية كفيروس ايبولا الذي يهدد بعض الدول الأفريقية، وهو ما استعدت له السلطات السعودية تماما بفضل الله، ثم بفضل خبراتها التراكمية في مواجهة مثل هذه المخاطر سواء على الصعيد الأمني، أو الصعيد الصحي، إلا أن ما هو مطلوب من الجميع دولا وأفرادا، هو أن يتم تجنيب الحج هذه الشعيرة العظيمة، والركن الخامس من أركان الإسلام عبث تلك الشعارات أو محاولة استغلال هذا الموسم الروحاني لخدمة مواقف دنيوية، لن يكون من شأنها سوى التشويش على حجاج بيت الله الحرام، وإخراج هذه الشعيرة من أجوائها الإيمانية التي يجب أن تتجه فيها للخالق عز شأنه، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة، والبعد كل البعد عن الرفث والفسوق والجدال، حفظا لحق ضيوف الرحمن في الحج المبرور، وقد حذرت السلطات المعنية بأمن الحج من أي محاولة لاستغلال هذا الموسم العظيم لخدمة تلك الشعارات والصراعات أو الترويج لها في أوساط الحجاج، من أنها ستضرب بيد من حديد كل من يحاول الإخلال بأمن الحج أو صرفه عن غاياته الدينية وأجوائه الروحانية، حماية لحقوق ضيوف الرحمن الذين توافدوا إلى الديار المقدسة من مختلف أصقاع الأرض لأداء هذه الفريضة في أجواء هادئة ومطمئنة، تعودوا أن توفرها لهم حكومة هذا الوطن التي تشرفت بخدمة ضيوف الرحمن طوال تاريخها وبمنتهى الحزم والكفاءة، وسخرت كل جهودها وإمكانياتها لهذا الغرض، واستمرت في عمليات تطوير خدمات الحج والتوسعات عاما بعد عام، دون أن تتوقف عند ما أنجزته من نجاحات هي الآن محل تقدير واحترام كافة دول العالم الإسلامي. لهذا ينبغي أن تتناغم مقاصد كافة الحجاج بمختلف طوائفهم ومذاهبهم مع مقاصد الحج السامية التي كرستها ثوابت الشرع الحنيف، وأهمها البعد كما أشرنا عن الرفث والفسوق والجدال، والانصراف تماما للعبادة، وإتمام الشعائر، واستثمار تلك الخدمات الكبيرة التي أنجزتها حكومة المملكة لخدمتهم، إلى جانب الرعاية الصحية التي أخذت كل الاحتياطات والاستعدادات لمواجهة تسلل الأمراض الوبائية من الدول الموبوءة لا قدر الله إلى مجاميع الحجاج، وذلك من خلال آليات دقيقة وفاعلة، إلى جانب توفير الخدمات الصحية وعلى أرقى المستويات في مختلف بقاع المشاعر المقدسة. وهو ما يجعل الجهات المنوط بها تنظيم أعمال الحج ترسل التطمينات إلى الجميع بأن كافة قطاعاتها على أهبة الجهوزية لإنجاح موسم الحج، وتوفير كافة السبل لراحة الحجاج في أجواء آمنة ومستقرة.