يقترب موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي الممد له سابقاً سنة وسبعة أشهر، والحالة لا تزال على وضعها السابق أمنياً متجهاً أكثر وأكثر نحو الهشاشة، لا رئيس للجمهورية، وحتى المجلس النيابي الممدد له معطل، والبلد الى مزيد من الانقسام على جميع الأصعدة والملفات، فما بين التمديد والانتخاب تختلف مواقف وآراء قوى 8 و14 آذار، ما بين مؤيد للتمديد في ظل عدم حصول انتخابات رئاسية وما بين رافض لها، الا ان الجامع بينهما هو "انحلال المؤسسات الدستورية في البلاد"، وتخوف من ان يشهد لبنان كوارث أمنية إضافة الى ما يحدث في عرسال والشمال وعلى الحدود. مسؤولية الفراغ واوضح النائب عن كتلة "المستقبل" خضر حبيب في حديث خاص ل"اليوم" ان تأجيل إجراء الانتخابات النيابية يعود الى "شق أمني يتعلق بالأمور الأمنية على صعيد الساحة اللبنانية، فالقانون المعتمد لإجراء الانتخابات هو "قانون الستين المعدل" أي اجراء الانتخابات في يوم واحد على صعيد كل المحافظات، واستناداً الى تصريح وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي قال فيه انه "لوجستياً ليس هناك من أي مانع من اجراء الانتخابات في يوم واحد، ولكن أمنياً هو بصدد تقديم تقرير أمني الى مجلس الوزراء سيتم اعداده من جانب الأجهزة الأمنية المعنية بهذا الموضوع خلال الاسبوع القادم، من خلاله بإمكاننا أن نقيم ما اذا كان هناك امكانية لإجراء الانتخابات أم علينا التأجيل". وقال: "هناك اجهزة أمنية ومؤازرة من الجيش، الذي جميعنا يعلم انه منتشر في أماكن أمنية حساسة ومعينة في عرسال والجنوب وعكار والحدود اللبنانية السورية"، سائلاً "هل بالامكان حماية التجمعات في المناطق التي سيتم فيها الانتخاب، ان كان في الضاحية والشمال او في أي منطقة أخرى، الجواب بتصرف وزارة الداخلية، سننتظر خلال الايام المقبلة وسيكون هناك بيان مفصل عن هذا الموضوع". ولناحية التمديد الثاني للمجلس، أوضح حبيب "اننا كتيار مستقبل لدينا موقف في السياسة وصرح عنه الرئيس سعد الحريري، فهل يجوز اليوم انتخاب مجلس نواب ورئيس لهذا المجلس وعدم انتخاب رئيس جمهورية في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة عامة ولبنان خاصة، فهل يجوز ترك هذا المركز شاغراً؟"، مشدداً على ان "هناك اولوية تكون بانتخاب رئيس جمهورية ومن ثم انتخاب مجلس النواب". وطالب ب"فك أسر المركز المسيحي الاول في منطقة الشرق الاوسط من الشلل وإنهاء الفراع اليوم قبل الغد". وختم: "سيتحمل الفريق الآخر مسؤولية هذا الفراغ وهذا الشغور امام التاريخ الذي لن يرحم". أمر واقع وشدد النائب عن "الجماعة الاسلامية" عماد الحوت في حديث خاص ل"اليوم" على ان "العائق الرئيسي هو الواقع الامني اولا الذي لا يسمح بتأمين المواطنين في تجمعات سواء اثناء الحملات الانتخابية او الاقتراع ولكن هناك عائق ثان وهو عدم انتخاب رئيس للجمهورية لان في نهاية الامر رأس المؤسسات هو رئاسة الجمهورية"، معتبراً ان "انتخاب مجلس نيابي قبل انتخاب رئيس للجمهورية سيدخل لبنان بإرباكات دستورية متعلقة بتشكيل الحكومة واختيار رئيس للحكومة وغيره من الاستحقاقات". واسف "كون التمديد للمجلس اصبح امر واقعاً"، قائلاً: "كانت هنالك رغبة حقيقية باجراء الانتخابات النيابية بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية ولكن لا يبدو هناك اي تقدم على صعيد "الرئاسة" ومن يعرقل مستمر في العرقلة". اضاف الحوت: "لم تحسم بعد مدة التمديد، ما بين استكمال الدورة النيابية الكاملة أي سنتين وسبعة أشهر أو تمديد أكثر من ذلك، واتمنى ان تكون حدود التمديد لا تتجاوز السنة". واشار الى ان "كل مؤسسات الدولة في مرحلة اضعاف بسبب عدم الوفاء بالاستحقاقات الدستورية المختلفة وهذا ينعكس على الأمن والاقتصاد وعلى مصداقية الدولة اللبنانية أمام الخارج والتزماتها". أسباب سياسية ورأى عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب آلان في حديث خاص ل"اليوم" ان "الطابع الأمني لا يبرر عدم إجراء الانتخابات"، معتبراً ان "الوضع حساس في بعض المناطق وتحديدا في عرسال ولكن هذا ليس سبباً لتأجيل حصول الانتخابات في كل لبنان"، سائلاً "ما الذي يمنع من إجراء الانتخابات في جبل لبنان والجنوب وبيروت والشمال وزحلة والبقاع الغربي، هناك اسباب سياسية وليست أمنية لتأجيل هذا الاستحقاق". ولفت الى ان "هناك امكانية لإجراء الانتخابات، ومعالجة المسألة الأمنية تقع على كاهل الأجهزة الأمنية المعنية بالأمر". وعلق على انعكاس تأجيل تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، بالقول: "هذه اشارة سيئة جداً وسلبية بالنسبة الى الوضع في لبنان". رفض التمديد وأكد النائب عن كتلة "الكتائب اللبنانية" فادي الهبر في حديث خاص ل"اليوم" ان "تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية العائق الوحيد لإتمام الانتخابات النيابية حتى لا يصبح هناك أخطاء دستورية بالممارسة، فبعد الانتخابات سيكون هنالك مجلس نواب جديد تحصل على اساسه استقالات مجلس الوزراء ورئيس الحكومة لتشكيل مجلس جديد وتأمين شخصية لرئاسته، وفي ظل عدم وجود رئيس للجمهورية اصبح هذا خطأ دستوريا وتجاوزاً دستورياً، ما يؤدي الى تفلت دستوري ونقع في الفراغ، لهذه الأسباب على اللبنانيين أن يعوا انه يجب علينا انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم انتخاب مجلس نيابي جديد". واوضح ان "البلد في انقسام سياسي، فهنالك حروب في سوريا والعراق والتسلط والمذهبي له تأثيره على لبنان، اضافة الى الارهاب والارهاب المعاكس، كلها عناوين تؤدي الى وجود قلق جدي في لبنان". وقال: "موقف الحزب واضح وهو مع اجراء انتخابات رئاسة جمهورية وضد التمديد للمجلس النيابي". مجلس نيابي معطل وبالنسبة لرأي حركة "أمل"، لفت النائب عن كتلة "التنمية والتحرير" علي خريس الى ان "الاستحقاق الدستوري يجب ان يحصل بموعده، قائلاً: "هناك بعض الفرقاء يقولون يجب اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية ومن ثم اجراء "النيابية"، الا اننا نعتبر انه في حال تعثر اجراء "الرئاسة" فلا شيء يمنع من اجراء الانتخابات النيابية الآن، فنحن ككتلة "تنمية وتحرير" نتمنى ان تجري الانتخابات اليوم قبل الغد من ثم الذهاب الى اجراء انتخابات نيابية، ولكن اذا تعثرت "الرئاسة" علينا انتخاب مجلس نيابي في الموعد المحدد خصوصا وان المجلس الحالي في حالة تعطيل مقصودة ولا يقوم بالدور التشريعي المطلوب"، متسائلاً "هل يجوز التمديد لمجلس نيابي معطل؟". وأكد خريس "اننا مع اجراء الانتخابات في الموعد المحدد وضد التمديد حتى ولو تقدم احد النواب باقتراح قانون عاجل مكرر يدعو فيه الى تميد عمل المجلس، نحن سنصوت ضد التمديد". وحول الوضع الأمني المضطرب، ختم: "الجيش سبق واعلن ان الوضع يسمح بإجراء انتخابات نيابية ولا شيء يجبر على تأجيل هذا الأمر، هناك في بعض الدول وضع أمني من لبنانكسوريا وليبيا والعراق بالرغم من ذلك، تمكنوا من اجراء الانتخابات". عائقان واشار عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب انطوان زهرا في حديث خاص ل"اليوم" الى ان "هناك عائق دستوري وعملي أمام اجراء الانتخابات النيابية، العائق الدستوري ان اجراء انتخابات النيابية من دون وجود رئيس للجمهورية سيرتب تعطيل كل المؤسسات بمعنى انه مع انتخاب مجلس جديد يصبح مجلس الوزراء مستقيلاً بحكم الدستور وفي غياب رئيس للجمهورية لا يمكن إجراء استشارات نيابية لتعين رئيس وزراء جديد وتشكيل حكومة وبغياب رئيس للجمهورية والحكومة لا يستطيع المجلس ان يكون هيئة تشريعية عادية، وبالتالي تشل كل المؤسسات، هذه من الناحية الدستورية اما من الناحية العملية فيبدو انه بشهادة وزير الداخلية ان الوضع الأمني لا يسمح للقوى الامنية ان تؤمن انتخابات ديموقراطية سليمة بأجواء أمنية مريحة". ورأى زهرا ان "الكلفة الاساسية لعدم الالتزام بالمواعيد الدستورية تؤدي الى انحلال الدولة ومؤسساتها وهذا يتعلق بمصلحة لبنان أولا بغض النظر عن رأي المجتمع الدولي والعربي وغيره"، مشدداً على ان "مصلحة لبنان تكون بأن يكون لديه دولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والدستورية والامنية قادرة وتستطيع أن تدير شؤون البلاد والعباد بشكل سليم".