اليوم الناس يقسون على أنفسهم ويدمرون ذاتهم بالإغراق في التفكير السلبي لدرجة أصبحت بنيتهم المعرفية أو الفكرية لا تستجيب للإيجابيات ولا تستغل مواطن القوة في شخصياتهم وشخصيات الآخرين، وانعكس ذلك على الأجساد بالأمراض ونقص المناعة الناتج عن التوتر والضغط النفسي والطاقة السلبية. عندما تأخذ عينة عشوائية من سواليف الناس وتناولهم لأي موقف أو حدث وأيضا تغريداتهم تجدها مشبعة بالطاقات السلبية والافكار الممرضة، وقد يلهو البعض بالتعبير السلبي ويجده نوعا من فشة الخلق ولكن في الحقيقة العملية مؤقتة قد تبرد ما في قلوب البعض من الحقد والحسد والعدوان والغضب ولكن مع الوقت يرتكبون خطأ فادحا تجاه أنفسهم فالنتيجة هي تعلم العقل والجسم على تخزين تلك الطاقات والأفكار السلبية أو غير المقبولة وإعادة طرحها فكريا وسلوكيا. العقل والجسم نتيجة للعلاقة الترابطية بينهما يقومان بامتصاص تلك السلبيات بما يشبه الاسفنجة البيضاء النظيفة عندما تمتص بقعة الحبر. اليوم أصبحت الأفكار السلبية وردود الفعل الناتجة عنها وغير المقبولة والتي تتدخل في خصوصيات الاخرين وتنال من حقوقهم هي بمثابة العادة الفكرية والسلوكية لدى البعض وتطورت لدى البعض بحيث أصبحت حالة من الوسواس القهري الذي يدفعه للقيام بأفعال وأقوال وأيضا أفكار غير ايجابية تجعله في حالة من القلق غير الحميد والتوتر المستمر إذا لم يقم بذلك وتصبح حالتهم يرثى لها. وهم تحت وطأة تلك الحالة. ألبرت أليس أحد علماء النظرية المعرفية والذي وضع أنموذجا للعلاج العقلاني الانفعالي.. خلص إلى مقولة تقول إن الاحداث والمواقف التي نتعرض لها في حياتنا بشكل يومي ليست هي السبب في مشاكلنا واضطرابنا ولكن ما يؤدي بنا إلى الاضطراب والقلق والاحباط والعدوان هو تفسيرنا وتأويلنا ومعتقداتنا، وببساطة أوضح الموضوع عندما تأتي بأربعة أو خمسة أشخاص وتطلب منهم وصف موقف اثنين امرأة ورجل يقفان على بعد مائة متر ستجد أن الوصف يختلف من شخص إلى آخر حسب ما ورثه من أفكار وما يحتويه عقله من محتوى الأفكار سواء سلبية أو ايجابية، وفي نفس الاتجاه عندما نستخدم العلاج السلوكي والمعرفي في العلاج النفسي فإننا نتجه نحو تحليل السلوك المرضي وخلفيته ونحاول تحليله وتقييمه ثم نضع الخطة العلاجية التي تستهدف تغيير البنية المعرفية المرضية إلى بنية معرفية متوافقة وايجابية وعلى ضوء ذلك يتغير نمط السلوك المرضي وتخف الاعراض في مرحلة التخلص من المشكلة. على العموم عندما يكون المحتوى المعرفي بهذه الصورة من الإثراء المعرفي السلبي بدون شك سينعكس على إجمالي تفاعل الشخص مع مجتمعه وعلى دوره كعضو هام في بناء المجتمع بل سيكون هناك أشخاص يتمتمون بالأفكار والسلوك الاحباطي الذي ينعكس على مستوى الانتاجية ورقي المجتمع والدولة، وأعتقد ان إذكاء هذه الروح والتفكير السلبي وتغذيته يقوم عليه جهات وأفراد ومنظمات بامتياز على الأقل عبر وسائل التواصل، واللافت أننا نقوم بإعادة هذه التغريدات ونشرها في «واتس أب». * خبير العلاج السلوكي المعرفي- دكتوراة في علم النفس