انقضاض، تسريب، انتظار إنها استراتيجية استخدمها روبرت ميردوك في جهوده للحصول على تايم وورنر، وهي استراتيجية مماثلة لتلك التي أثبتت نجاحها في آخر عملية استيلاء قام بها الملياردير على شركة إعلامية كبرى. في عام 2007، عندما كانت نيوز كورب تسعى للاستحواذ على داو جونز، وفي نهاية المطاف استحوذ ميردوك على شركة داو جونز، التي تتولى أيضاً نشر صحيفة وول ستريت جورنال، بمبلغ مقداره أكثر من 5 مليارات دولار - اتبع ميردوك نهجاً خاصاً لمخاطبة هدف متردد، ثم ساعد تسريب لخبر معين ميردوك على الضغط على مجلس إدارة داو جونز للتوصل إلى اتفاق. والآن، شركة ميردوك 21st Century Fox تسعى إلى الاستحواذ على تايم وورنر، الشركة المالكة ل HBO وCNN واستوديو الأفلام وورنر براذرز، مقابل مبلغ مقداره أكثر من 75 مليار دولار. وبعد أن تم رفض المحاولة الأولى، ساعد جانب فوكس في تسريب عرضها، وذلك وفقاً لشخص مطلع على المسألة، وهو ما أدى إلى استدراج المراجحة التي تريد التوصل إلى اتفاق. وقال أحد الأشخاص: إن التسريب المتعمد هو النهج المتبع من قبل عاقدي الصفقات الأخرى في سعيهم إلى بناء ضغط المساهمين ضد هدف ما، وسوف ينتظر ميردوك وفريقه الكبار لمعرفة ما إذا كان سيحدث الشيء نفسه لتايم وارنر. وقال بورتر بيب، المدير الشريك في ميديا تك كابيتال بارتنرز ومقره نيويورك، بنك التداول الخاص والمتخصص في وسائل الإعلام والتكنولوجيا والذي يقدم أيضا المشورة بشأن الصفقات: «إنها طريقة العمل التي يقوم ميردوك باستخدامها، وليس فقط لداو جونز، ولكن الكثير من الصفقات أخرى». وأضاف: «إنه أفضل كثيراً في ذلك من الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يعتبرون عاقدي صفقات أكثر تعقيداً، وذلك لأن لديه مثل هذا الفهم الواضح حول التأثير الذي تقدمه وسائل الإعلام التعرض لجهوده». وقال أشخاص مطلعون على المسألة في وقت سابق هذا الشهر: إنه كان قد تم وضع الخطة حيز التنفيذ في 9 حزيران يونيو، عندما اقترح رئيس فوكس تشيس كاري الصفقة إلى الرئيس التنفيذي لتايم وورنر جيف بيوكس أثناء مأدبة الغداء في نيويورك. ورفض بيوكس العرض في رسالة إلى ميردوك يوم 8 تموز يوليو. وبعد أن أشعلت مختلف وكالات الأنباء الرياح بأن تايم وورنر كانت هدفاً - غرد تشارلي جازبارين، من فوكس بيزنس نيوز، في اليوم التالي أن الشركة كانت تجتذب الاهتمام من شركة جوجل - قرر ميردوك والفريق في فوكس الحصول على التفاصيل الكاملة، كما قال أشخاص طلبوا عدم الكشف عن هويتهم حيث يناقشون معلومات خاصة. وحوالي السابعة من صباح يوم 16 تموز يوليو، ذكر أندرو روس سوركين، الذي أيضا كان يتابع الموضوع، تفاصيل عرض فوكس، وكان لديه السعر 85 دولاراً للسهم وهيكل المخطط، وذكر ذلك على الهواء في قناة CNBC وكذلك على الموقع الإلكتروني لصحيفة نيويورك تايمز. وقال شخص مطلع على المسألة: حتى يوم أمس كان يمكن للمساهمين الذين يملكون مجرد 15 في المائة من أسهم شركة تايم وورنر الدعوة لعقد اجتماع خاص ليحل محل معظم أعضاء المجلس في شهر شباط فبراير. ومع عملية التبادل الواسع على الكثير من أسهمها، غيرت تايم وارنر قوانينها الداخلية للقضاء على هذا البند، على الأقل حتى اجتماعه السنوي المقبل في حزيران يونيو عام 2015. ومع خروج عرض هذا الخيار من طاولة النقاش، يتوجب على فوكس بناء كتلة أكبر من المساهمين للضغط على المجلس لبدء المحادثات. فتغيير القوانين الداخلية في تايم وورنر لم يكن متوقعاً من قبل فريق ميردوك، كما قال شخص مطلع على المسألة. وأضاف الشخص: إن الأمل يكمن في خطوة ستأتي بنتائج عكسية وأصحاب موجة جديدة وطويلة الأجل للاكتتاب العام لدعم المحاولة. وقال بيب: إن أحدث خطوة من غير المرجح أن تثني ميردوك. والذين يقومون بالمراجحة - هي صناديق تحوط صغيرة تراهن على عمليات الاندماج والاستحواذ - جاؤوا بأعداد كبيرة. وأكثر من 120 مليون من أسهم تايم وارنر قد أغلقت في المتوسط 86 دولاراً للسهم منذ ظهور الأخبار، وذلك كما تظهر البيانات التي جمعتها بلومبيرج. وقال تشارلي ميرفي، وهو أستاذ مادة المصرفية الاستثمارية في كلية ستيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك: «يستطيع الأشخاص المحافظون التخلص من الأسهم لأن هناك على الأرجح مجموعة من صناديق التحوط والمختصين في مراجحة المخاطر، وهؤلاء يرغبون في اتخاذ هذه المخاطرة. وهناك الكثير من الطلب في السوق، لأن هذه في الواقع تعتبر صفقة مثيرة». إن استراتيجية الانتظار لا تتطلب من قاعدة المساهمين أن تتغير بصورة تامة، والأمر المهم في هذا المقام هو أن يكون هناك عدد كاف من أصحاب الأسهم الجدد الذين يريدون أن تباع الشركة، وأن يكون عددهم كبيراً على نحو لا يستطيع معه مجلس الإدارة أن يتجاهلهم. وكثيرون منهم لن يكون لهم رأي حول تايم وورنر أو حجة بيوكس الداعية إلى استقلال المجموعة وعدم بيعها، لكن الذي يحدث هو أن هؤلاء المستثمرين يشترون أسهم الشركة عند مستوى مرتفع، ولا يريدون أن يخسروا المال إذا لم يتم بيع الشركة المستهدفة والتي هي عرضة للاستحواذ. وفي الشهر السابق على تسريب الأنباء، كان سهم وورنر يتم التداول به عند 70 دولاراً في المتوسط، والمساهمون الذين قاموا بالشراء بعد ذيوع الأنباء عن عرض الاستحواذ أصبحوا يعلمون الآن أن الأسهم يمكن أن تعود إلى هذا المستوى السابق إذا استطاعت تايم وورنر تجنب عرض فوكس، وبالتالي سينضمون إلى مستشاري ميردوك في إثارة وتهييج الصفقة وتشجيع الآخرين على الانضمام إليها. وهم يعملون على أساس حسابات بأن الصفقة ربما تتم عند سعر بحدود 95 دولاراً للسهم، كما قال شخص يمتلك حصة في تايم وورنر، وهذا الرقم ربما يكون أعلى من السعر الذي يقبل أن يدفعه ميردوك. وفي حين أن فوكس تشجع المساهمين الجدد على دعم عرضها للاستحواذ، فإن الشركة ومستشاريها - وهم مجموعة من البنوك تشتمل على جيه بي مورجان تشيس، وسنتر فيو وشركاه، وشركة المحاماة «سكادين أربس سليت ميجر أن فلوم»، الذين شاركوا جميعاً أثناء مطاردة ميردوك داو جونز بهدف الاستحواذ عليها - سيعملون أيضاً على محاولة إقناع المستثمرين من أصحاب الأمد الطويل أن الجمع بين الشركتين سيكون مفيداً لهم أيضاً. وتشير تقديرات فوكس إلى أن الصفقة يمكن أن تختصر أكثر من مليار دولار من تكاليف الشركتين معاً، حسب ما قاله مصدر مطلع على الموضوع في الأسبوع الماضي. يشار إلى أن عرض ميردوك للاستحواذ على داو جونز أذيع للمرة الأولى من قبل ديفيد فابر، من قناة سي إن بي سي، لكن من غير المعروف من الذين سرب الخبر إلى الصحفي، كما ورد في كتاب سارة إليسون، بعنوان «حرب للاستحواذ على وول ستريت جيرنال: داخل الصراع للسيطرة على امبراطورية أعمال أمريكية»، الذي يروي تفاصيل الصفقة الشهيرة. ويشير الكتاب بالفعل إلى أن ميردوك وآخرين في شركة نيوز كورب كانوا يرسلون الرسائل الإلكترونية ويتحدثون بشكل مكشوف مع محرري صحيفة وول ستريت جيرنال وغيرهم حول العرض الخاص، كما أن الإعلان رسمياً عن العرض رفع من وتيرة الضغط على عائلة بانكروفت، المالكة السابقة للصحيفة، والذين كان بعضهم يؤيد بيع الشركة إلى ميردوك، وفقاً للمؤلفة إليسون. ويشار إلى أن مجموعة بلومبيرج، التي تورد التقرير الحالي، تتنافس مع مجموعة داو جونز في تقديم الأخبار والمعلومات والبيانات المالية. ورغم أن تايم وورنر هي أكبر من داو جونز بحوالي 15 مرة، إلا أنها ربما تكون هدفاً أسهل من حيث الاستحواذ - حتى بعد قرارها الأخير بتعزيز دفاعات الشركة - لأنها لا تمتلك كتلة من أسهم السيطرة التي تمتلكها عائلة بمفردها. وفي حالة داو جونز، كان هناك هيكل مزدوج من ملكية الأسهم يعطي عائلة بانكروفت أكثر من 64 في المائة من حقوق التصويت على داو جونز في الإدارة. وبعد 3 أشهر من الضغط - بما في ذلك التمحيص العام حول أداء داو جونز الفاتر كشركة عامة - صوتت أغلبية من العائلة على مساندة عرض ميردوم بالاستحواذ على الشركة، وتم بيعها إلى ميردوك.