قال مسؤولون في الجيش الأوكراني الأربعاء إن المتمردين الموالين لروسيا يتركون مواقعهم على مشارف مدينة دونيتسك في شرق أوكرانيا ويتراجعون باتجاه وسط المدينة. وقال سكان إن المتمردين حفروا خنادق في وسط مدينة دونيتسك خارج الجامعة الرئيسية حيث يتمركزون في مباني السكن الجامعي. وينشد المتمردون استقلال منطقة دونباس عن الحكومة المركزية في كييف. وأجبرت القوات الأوكرانية المتمردين على التراجع إلى معقليهما الرئيسيين في مدينتي دونيستك ولوجانسك واستولت على القرى والضواحي المحيطة بالمدينتين في محاولة لاجبارهم على المغادرة. وقال مقر ما تسميه كييف «عملية مكافحة الارهاب» في بيان إن «المتمردين تركوا مواقعهم في دونيتسك بشكل جماعي وتوجهوا نحو وسط المدينة». وأضاف: «لا يمكن استبعاد أن ظهور مثل هذه التحركات قد يشير إلى انتشار الذعر ومحاولات لترك مناطق القتال». وقال سكان إنهم سمعوا دوي قصف أثناء الليل. وأشاروا إلى أن قذيفة أصابت مصنعا للكيماويات في المدينة ما أدى إلى نشوب حريق. وذكر المسؤولون في كييف أن قتالا نشب أيضا في لوجانسك ليل الثلاثاء. الطائرة الماليزية وعلى صعيد آخر، أعلن مسؤولون في الاستخبارات الامريكية الثلاثاء ان الطائرة الماليزية التي تحطمت في اوكرانيا قد يكون اسقطها «عن طريق الخطأ» انفصاليون اوكرانيون موالون لروسيا غير مدربين، لكنها استبعدت في الوقت نفسه الرواية الروسية للحادث التي اعتبرت انها لاغراض دعائية. وقال مسؤول كبير فضل عدم ذكر اسمه للصحافيين ان الادلة التي تم جمعها حتى الآن تشير الى ان انفصاليين أطلقوا الصاروخ ارض جو من طراز اس ايه-11 الذي أدى الى تفجير الطائرة في 17 يوليو، لكنه لا يزال من غير الواضح من اطلق الصاروخ ولماذا. وأضاف المسؤول ان «التفسير الاكثر ترجيحا هو انه حصل خطأ» وأن الصاروخ اطلقه «فريق غير مدرب»، علما بان النظام المستخدم، وهو بطارية صواريخ ارض-جو روسية الصنع من طراز بوك، يتطلب تدريبا وحرفية. وأضاف المسؤول انه رغم ان الصاروخ اطلق من منطقة يسيطر عليها الانفصاليون فانه لا يزال مستحيلا تحديد الجهة التي «ضغطت على الزناد» وسبب القيام بذلك. وذكر المسؤول امثلة على حوادث من هذا النوع أدى فيها اطلاق صواريخ روسية وامريكية الى اسقاط طائرات ركاب. ففي العام 1983 أسقطت مقاتلة سوفياتية طائرة مدنية كورية. وبعد خمسة اعوام اسقطت بارجة امريكية طائرة ايرانية من طراز ايرباص. وتابع المسؤول امام صحافيين «لقد حصلت اخطاء في الماضي». وأكد معطيات الاقمار الاصطناعية الامريكية وغيرها من وسائل الاستخبارات «التقنية» ان الطائرة التي كان على متنها 298 شخصا أصيبت بصاروخ ارض جو من نوع اس ايه-11 انطلق من منطقة خاضعة لسيطرة انفصاليين موالين لروسيا في شرق اوكرانيا. وتابع المسؤول الامريكي «من المؤكد ان صاروخ اس ايه-11 اطلق من شرق اوكرانيا في ملابسات ساهمت روسيا في خلقها». وقال: «هناك امران لا نعرفهما (...) من ضغط على الزناد اذ ليس لدينا اسم او رتبة او جنسية (...) كما اننا نجهل السبب». وبدا وكأن الذين أطلقوا الصاروخ استندوا الى بيانات رادار واحد تابع لبطارية صواريخ بدلا من شبكة رادارات كانت ستعطي صورة أوضح وأكثر شمولية عن حركة الملاحة الجوية. وقال مسؤول استخباراتي ثان ان الصاروخ اس ايه-11 مصمم ليستخدم «ضمن نظام دفاعي متكامل»، لكن بما ان شعاع الرادار التابع له وحيد، فإن الصورة «ستكون مبهمة» امام الذين سيطلقون الصاروخ. وشوهد عناصر شبه عسكريين روسيين في المكان بشرق اوكرانيا، لكن وكالات الاستخبارات الامريكية ليس لديها ادلة دامغة بأن الروس كانوا مع الوحدة التي أطلقت الصاروخ على الطائرة، بحسب المسؤولين. ومع ان الولاياتالمتحدة لاحظت حركة مكثفة لاسلحة ثقيلة من بينها انظمة دفاع جوي الى اوكرانيا من روسيا، فإن وكالات الاستخبارات لم تلحظ نقل صواريخ اس ايه-11 الاكبر حجما الى اوكرانيا قبل اسقاط الطائرة، بحسب المصدر نفسه. وقال هؤلاء المسؤولون ان عسكريين روس قاموا بتدريب انفصاليين على استخدام عدد من الاسلحة بما فيها انظمة دفاع جوية في قاعدة كبيرة في روستوف. لكن ليس من الواضح ما اذا قام الروس بتدريب الانفصاليين على استخدام بطاريات صواريخ اس ايه-11. وتابع مسؤولو الاستخبارات الامريكية انهم اختاروا التحدث الى الصحافيين لدحض ما اعتبروه «معلومات مضللة» تنشرها روسيا ووسائل الاعلامية التابعة للحكومة حول الحادث. وأضاف المصدر ان الادعاءات بأن طائرة البوينغ 777 قامت بمناورات في الجو شبيهة بما يمكن ان تقوم به مقاتلة جوية لا اساس له، مشيرا الى ان تلك التقارير «مثال تقليدي على نموذج القاء اللوم على الضحايا». واعتبر ان التفسير الروسي الذي يحمل اوكرانيا مسؤولية الحادث ليس منطقيا؛ لأن كييف ليس لديها انظمة صواريخ من هذا النوع في المنطقة الخاضعة بوضوح لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو. وأضاف المصدر ان ذلك معناه ان القوات الاوكرانية كان سيتعين عليها ان تشق طريقها الى المنطقة وإطلاق النار على طائرة ركاب قبل ان تعود ادراجها. كما ان ذلك كان سيفرض على كييف ان تفبرك اتصالات قام بها انفصاليون على شبكات التواصل الاجتماعي تحدثوا فيها عن اسقاط طائرة. وقال المصدر «هذا ليس تفسيرا منطقيا بنظري». إلا ان الانفصاليين لديهم دافع لاستخدام صاروخ ارض-جو فهم يتعرضون لهجمات تشنها القوات الحكومية مستخدمة مروحيات وطائرات شحن. وكان جنرال روسي شكك في الرواية الامريكية للحادث وطالب واشنطن بإبراز صور بالاقمار الاصطناعية كدليل على ما تقوله. لكن الجنرال الامريكي وليام شلتون رئيس القيادة الفضائية للقوات الجوية الامريكية اعتبر ان تعليق المسؤول الروسي «عمل ينم عن يأس». وأضاف شلتون ان الاقمار الاصطناعية الامريكية أعطت تغطية كاملة. وأضاف امام صحافيين في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) «انها حساسة جدا ودقيقة»، الا انه امتنع عن القول ما اذا نظام الاستخبارات رصد اطلاق صاورخ اس ايه-11. نقل الجثث من جهة اخرى، أعلن رئيس الوزراء الاسترالي توني ابوت الاربعاء انه «من الممكن جدا ان يكون هناك العديد من الجثث حتى الآن» في مكان تحطم الطائرة الماليزية، وذلك بينما يتم نقل الجثث الاولى الى هولندا. وصرح ابوت «من الممكن جدا ان العديد من الجثث لا يزال في العراء وهي معرضة لحر الصيف وللحيوانات». ودعا ابوت مجددا الى «اعمال بحث مكثفة» لانتشال الجثث من مكان الحادث الذي وقع بشرق اوكرانيا في منطقة خاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا. وأعرب عن «قلقه الشديد» معتبرا ان عمليات انتشال الجثث «لم تتم حتى الآن باحتراف». ومن المقرر ان تقلع طائرة اولى صباح الاربعاء من مطار خاركيف في اوكرانيا وعلى متنها جثث ركاب الطائرة التي يشتبه في انها اسقطت بصاروخ اطلق من المنطقة الخاضعة لسيطرة الانفصاليين بشرق اوكرانيا. وستخضع الجثث للمعاينة لتحديد هويتها قبل تسليمها الى ذويها. ولم يعرف العدد الدقيق للجثث التي نقلت على متن مبرد من اوكرانيا. وأشارت منظمة الامن والتعاون في اوروبا الثلاثاء الى قرابة مئتي جثة بينما تحدث رئيس الوزراء الهولندي مارك روته عن 282 جثة «بحسب معلومات غير مؤكدة». الصندوق الاسود في حين قالت بريطانيا الاربعاء إنها تسلمت الصندوقين الأسودين للطائرة الماليزية التي سقطت يوم الخميس الماضي في شرق أوكرانيا وعليهما تسجيلات الرحلة (إم.إتش 17). وجاء في بيان لوزارة النقل «نستطيع ان نؤكد ان هيئة السلامة الهولندية سلمت الصندوقين الأسودين (للرحلة) إم.إتش 17 الى فرع التحقيقات في الحوادث الجوية في فارنبورو لتفريغهما». وقال متحدث باسم الوزارة ان عملية تفريغ البيانات من كل صندوق ستستغرق 24 ساعة، وذكر انه لا يعرف ما اذا كان من الممكن تفريغ البيانات من الصندوقين بشكل متزامن. وسترسل البيانات بعد ذلك الى محققين دوليين لتحليلها.