لن تتمكن اسرائيل من تحقيق أهدافها العدوانية ضد غزة بشن غاراتها على القطاع برا وجوا وبحرا، فالعدوان الحالي شبيه باعتداءات سابقة لم تخرج اسرائيل في أعقابها بأي انتصارات مزعومة، فالمقاومة الفلسطينية مرتبطة في جوهرها بما يشهده الفلسطينيون والعرب وكل دول العالم من تلاعب بحقوق مشروعة واستهانة معلنة بمشروع السلام القائم على استرداد الأراضي المغتصبة وايقاف الاستيطان، لا القائم على الاحتفاظ بالأرض والسلام معا، كما تحاول اسرائيل الترويج لسياستها العدوانية على الشعب الفلسطيني، وفشل الهدنة الأخيرة التي أعقبها اعلان اجتياح اسرائيل البري لغزة لا يبيح لها قتل الأطفال والمدنيين الأبرياء. ولايبدو أن احتواء مطالب الشعب الفلسطيني بقطاع غزة ضمن عمليات طرح وجهات نظر جديدة مجديا، فالتعنت الاسرائيلي لا يزال مستمرا، ووقف العدوان على الأبرياء الفلسطينيين أو رفع الحصار عن غزة لا يزال بعيد المنال في ضوء استمرارية اسرائيل على تمسكها بسياستها العدوانية ضد شعب فلسطين، والقفز على حقوقه المشروعة التي أعلنتها كافة الهيئات الأممية وأيدتها سائر شعوب العالم المحبة لتحقيق السلم والأمن على أرض الواقع، وتمضي اسرائيل في تجاهل كافة المطالب العادلة للفلسطينيين وعلى رأسها رفع الحصار عن غزة والافراج عن الأسرى المحررين المفرج عنهم ضمن صفقة "شاليط". وتحاول اسرائيل القفز على كافة الشروط الفلسطينية التي قد تمهد لوقف اطلاق النار من الجانبين، وتحاول الحاق الضرر بأكبر عدد من المدنيين العزل ضمن غاراتها الجوية المتلاحقة رغم ادعائها بأنها تريد الوصول الى الأنفاق فقط، وليس أدل على ذلك من شن غاراتها على منازل غزة دون التمييز بين القياديين الفلسطينيين أو غير القياديين، فالحرب المعلنة باستدعاء آلاف الجنود الاحتياطيين حيث بلغ تعدادهم الاجمالي أكثر من خمسين ألف جندي لن يفت في عضد الفلسطينيين المتمسكين بمطالبهم المشروعة التي ما زالت اسرائيل تستهين بها ولاتقيم لها وزنا. وإزاء ذلك فان الدفاع عن النفس مطلب أقرته كافة المواثيق والقوانين الدولية، وصواريخ المقاومة الموجهة الى المستوطنات المحاذية لغزة والبعيدة عنها يمثل ردا طبيعيا للعدوان الاسرائيلي ومجازره الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني، ولا يلوح في الأفق أن غارات اسرائيل على غزة ستكون حلا ينهي الصراع القائم بين الطرفين، بل يكمن الحل في انصياع تل أبيب لحقوق الشعب الفلسطيني، فالدول الحرة في العالم بأسره تقف اليوم مع حصول الفلسطينيين على حقوقهم كاملة غير منقوصة، ودليل ذلك ماحدث من مسيرات ومظاهرات في كثير من عواصم تلك الدول في أعقاب الغارات الاسرائيلية على غزة منددة بالعدوان ومنادية بالسلام الحقيقي في المنطقة، القائم على العدل بانصاف الشعب الفلسطيني واعادة حقوقه المسلوبة اليه. وحلم رئيس الحكومة الاسرائيلية يتمحور اليوم في ازالة الصواريخ وهدم الأنفاق في قطاع غزة، وهو حلم يقترب من الوهم، فلا توجد أي جهة دولية ترغب في تحقيق هذا الحلم، وليس لدى الفلسطينيين في غزة النية في التخلي عن أسلحتهم، واسكات هدير صواريخ المقاومة منوط بالتسليم المطلق بحقوق الشعب الفلسطيني المهدرة، وبدون ذلك فإن بؤرة النزاع بين قطاع غزة واسرائيل سوف تستمر ما دام العدوان الاسرائيلي قائما. يبقى على المجتمع الدولي أن يبذل جهوده السياسية والدبلوماسية لوقف شلال الدماء في غزة بوقف العدوان والعودة الى القرارات الأممية ذات الصلة بالنزاع، وكلها تنادي بعودة الحقوق المشروعة الى أصحابها وتحقيق السلام العادل في المنطقة القائم على اعلان الدولتين بالانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية، وعدم الاحتفاظ بالسلام والأرض معا كمشروع اسرائيلي يرفضه الفلسطينيون وترفضه دول العالم المحبة للأمن والسلم وترفضه الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية.