الخطأ الذي يجهله أو يتجاهله حلفاء إسرائيل ولا يميلون إلى الخروج من براثنه هو أنهم لا يفرقون بين المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وبين الارهاب، فهم ما زالوا يدينون استخدام صواريخ المقاومة ضد المستوطنات القريبة من غزة والبعيدة عنها، وينددون -على استحياء- في الوقت ذاته استخدام اسرائيل للقوة المفرطة في غزة ردا على توجيه تلك الصواريخ التي تعد عملا طبيعيا للدفاع عن النفس كما أيدت ذلك القوانين والأعراف والمواثيق الدولية، والاجتياح البري الواسع النطاق الذي أقدمت عليه اسرائيل المتزامن مع استخدامها للغاز الأبيض بهدف تقويض البنية التحتية وخطوط الكهرباء في القطاع، تطلب مواجهته بعزم وحسم بسائر وسائل المواجهة بما فيها استخدام صواريخ المقاومة ضد المستوطنات. وقد أسفر الاجتياح -ولا يزال يسفر- عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع وجلهم من الأطفال والنساء، وسقوط قتلى من الجنود الإسرائيليين في المعارك الدائرة بين الجانبين، وقد أدى ذلك الى استدعاء اسرائيل لمزيد من الجنود الاحتياطيين منذ بدء عملية "الجرف الصاعد"، التي تحاول من خلالها الإجهاز على البنى الأرضية في القطاع والإجهاز على الأخضر واليابس فيه؛ لإخضاع رجالات المقاومة على إيقاف التصدي لاجتياحها الغاشم والتسليم بالأمر الواقع، الذي يمليه رئيس وزراء اسرائيل من خلال مفردات سياسته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وتخطئ إسرائيل من جديد إن ظنت أنها سوف تخرج بانتصارات كبرى من خلال اجتياحها البري، فقد جربت من قبل اجتياحا مماثلا خرجت على أثره مندحرة تجر أذيال الخيبة والهزيمة، ولا يلوح في الأفق حل توافقي بين الجانبين إلا بانصياع إسرائيل للحل العادل الضامن لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها فك الحصار عن قطاع غزة، فالحصار في حد ذاته يعد عدوانا صارخا على القطاع، ولا بد من إيقافه ضمن الشروط الفلسطينية التي أعلنتها المقاومة لوقف إطلاق صواريخها على المستوطنات. ويبدو أن اسرائيل ماضية في تجاهل فك الحصار وتجاهل كافة الشروط الفلسطينية، ومن بينها إطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية. كما يبدو واضحا للعيان أن الهدنة الأولى لوقف إطلاق النار التي قد تتكرر ثانية غير مجدية لنزع فتائل الصراع بين الجانبين، ويبدو في الوقت ذاته أن حجم الخسائر في الأرواح والممتلكات في خضم القوة المفرطة التي تستخدمها اسرائيل في تصاعد ملحوظ، كما أن حجم الخسائر التي تمنى بها اسرائيل في جنودها ومعداتها في تصاعد ملحوظ أيضا، ولا سبيل لإيقاف موجة العنف الدائرة على أرض غزة إلا بالعودة الى منطق العدالة التي تحاول إسرائيل القفز عليه بإهدار الحقوق الفلسطينية والتشبث بسياستها العدوانية ضد أهالي القطاع وضد الفلسطينيين عموما، والمتمحورة في الاحتفاظ بالأرض والسلام معا، وهي سياسة مرفوضة من قبل الشعب الفلسطيني بكل تفاصيلها وجزئياتها. ولا شك أن استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في قطاع غزة لمواجهة المقاومة المشروعة يدق المسمار الأخير في نعش عملية السلام المعلقة بين الجانبين، ويعلن صراحة أن اسرائيل ماضية في تنفيذ سياستها الاستيطانية وماضية في عرقلة حركة المفاوضات الجادة لتسوية الصراع في المنطقة، وماضية في تحدي المجتمع الدولي الذي ما زال يرى أن إنهاء الصراع في المنطقة يكمن في تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة بإيقاف العدوان الإسرائيلي المتكرر على مقدرات الشعب الفلسطيني المطالب بحريته واستقلاله وإقامة دولته على تراب أرضه الوطني.