ماهر لم يتعد السابعة، يقف متحفزا بجانب طاولة العرض يوزع على الزوار منشورات توعوية يقدمها مفتخرا بيديه الصغيرتين، كأنه يمنح شيئاً ثميناً، هو بالفعل يمنح ما هو أثمن من مجرد ورقة ملونة، انها القيمة، تلك التي تكمن في غرس بذور حب العمل مع الناس وللناس، ماهر بالطبع لم يأت وحيدا. التطوع العائلي ظاهرة مبهجة تنتشر مع الوقت في مجتمعنا تعكس الكثير من الدلالات، في هذا الشهر الكريم والذي يحث على صلة الرحم وتعزيز الروابط العائلية، نستعرض تجارب بعض العوائل في العمل التطوعي. مريم الدوسري ربة بيت من المدينةالمنورة تصطحب بناتها الثلاث لمركز الحي، تقول ام هاجر: إن التطوع في مركز الحي قربني اكثر من بناتي، وأطلعني على جوانب غائبة عني في شخصياتهن، وهذا شجعني على مواصلة دعمهن في كافة الأعمال التطوعية بثقة وافتخار، نورة الابنة الصغرى تحكي بحماس كيف ان مناقشة الأفكار التطوعية وتقييمها اصبح جزءاً من الحديث اليومي داخل المنزل، تستطرد نورة: أمي تشاركنا المهام التطوعية كأنها إحدى صديقاتنا، ونرجع لها عندما تواجهنا اي مشكلة، فوجودها معنا يعطينا قوة على مواجهة واجتياز بعض المواقف الصعبة أو المحرجة. الكشاف محمد خواجة يشارك ابنه في مختلف البرامج الكشفية، ويصحبه في الانشطة داخل مدينة الطائف وخارجها، الابن عبدالله يذكر ان كثيرا من الزملاء والمستفيدين يعتقدون انه اخي الاكبر، فنحن نعمل طوال اليوم كزملاء وتنسينا ضغوط العمل والمهام المتنوعة علاقة الابن بالأب، من جانبه اوضح الأستاذ محمد خواجة أن أي أب لا بد ان يشعر بالفخر لوجود ابنه معه في عمل الخير، ومخطئ من يعتقد أن الابن هو المستفيد، فأنا كأب تعلمت الكثير من ابني وزملائه، ومن الطريف ان ابني سجل في معسكر رسل السلام لخدمة ضيوف الرحمن لأول مرة لنصبح زملاء من جديد، ونفى الابن عبدالله ان مشاركته مع ابيه قد تسبب له الحرج من أقرانه، بل حفزهم على حث آبائهم على المشاركة، فأصبح لدينا اكثر من عائلة في المعسكر. أما الاخوات العنود والهنوف ونجود المنقاش بدأن معا في العمل التطوعي في إثراء المعرفة، وفي عدد من المبادرات الميدانية الاخرى، كنوع من الحماية كأخوات، خاصة ان وقت بعض الفعاليات طويل وفي اماكن مفتوحة، وبالرغم من ضغوط الدراسة لكنهن يتقاسمن الجهد ومتعة العمل كزميلات وصديقات، ولا تخفي العنود عن مدى أهمية تطوعها مع بقية اخواتها في منح ثقة العائلة ودعمها، مؤكدة ان التطوع مع العائلة أفضل مع التطوع بمفردها في العديد من الجوانب. الشيخ أديب المحيذيف يجد أن تكاتف أبناء العائلة للقيام بالمبادرات التطوعية يجمع بين صلة الارحام والاحسان للناس وتنمية الحس التطوعي لدى شباب العائلة، لما فيه النفع الخاص والعام للعباد والبلاد، حيث أنشئ مجلس للعائلة يهدف إلى تحفيز وتنسيق العمل التطوعي بين شباب العائلة، وأصبح للمجلس عدد من ادوات التواصل الاجتماعية، وتم وضع دراسة لاكتشاف المبادرات التطوعية التي نستطيع كعائلة القيام بها ضمن قدراتنا الخاصة، وبفضل الله تم إطلاق المجلس وقمنا بالعديد من المبادرات داخل وخارج مدينة الرياض، هذه التجربة دعمت الروابط العائلية اكثر من قبل، ووجهت نشء وشباب العائلة للفكر البناء الذي يعود عليهم وعلى ذويهم ووطنهم بالفائدة بعيدا عن السلوكيات والظواهر السلبية، كما أنها فرصة لتبادل الخبرات بين أجيال العائلة الواحدة.