بدأ العمل التطوعي ينتشر بشكل كبير في المجتمع السعودي وبشكل ملاحظ بين أفراده، ولم يقتصر ذلك على فئة الشباب، بل كان للسيدات دور واضح في هذا المجال، حيث كانت المتطوعات ينتهزن أي فرصة لخدمة المجتمع وأفراده ليضعوا بصماتهن وإبداعهن في هذا المجال الحيوي. متطوعات سعوديات روين قصصهن في العمل التطوعي، وتحدثن عن الصعوبات التي تواجههن، وأجمعن على ضرورة تثقيف المجتمع بمفهوم التطوع. تقول مديرة القسم النسائي بلجنة التنمية الاجتماعية بالمنسك المتطوعة صالحة عطاء "كانت بداياتي في العمل التطوعي، غير منظمة، ولكنها في المقابل كانت تشبع رغبتي في العمل الخيري، وكان ذلك قبل سنوات يعتمد على مبادرات فردية ونشاطات أهلية من قبيل "إفطار صائم" داخل الوسط العائلي، أو في الوسط الاجتماعي من صديقات وزميلات دراسة وغيرهن، ثم تطور الأمر فأصبح عملا جماعيا مؤسسيا وتحت مظلة رسمية هي وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أعمل تطوعا في هذا المجال". وعن صعوبات العمل التطوعي قالت صالحة "أي عمل لابد أن تتخلله صعوبات، وأبرز الصعوبات التي تواجهنا عدم وعي حتى المؤسسات الحكومية بماهية العمل التطوعي، ورغم أننا كنا نتوجه إلى بعض المؤسسات الحكومية والتعليمية بصفتنا الرسمية كمتطوعات تحت مظلة الشؤون الاجتماعية، كانت بعض المسؤولات والمسؤولين يواجهوننا بأسئلة غريبة تنم عن عدم تقبلهم للعمل التطوعي". وأشارت عطاء إلى أن المجتمع بحاجة لفهم العمل التطوعي، فإذا ما استوعب مفاهيم هذا العمل، فإنه سيكون أول المستفيدين من العمل التطوعي في شتى المجالات. وضربت عطاء مثلا بالهلال الأحمر في عسير، قائلة "تجربتنا معهم كانت رائعة، فالمتطوعة تخضع لتدريب ودورات، ثم تمنح بطاقة تطوع تخولها للعمل تحت مظلة حكومية واضحة". أما المتطوعة مهرة التركي فتقول "تجربتي مع العمل التطوعي قديمة منذ أن كنت في المرحلة الثانوية، من خلال المساندة في المجالات التعاونية والإنسانية في محيطي". وتضيف "استمررت في هذا العمل حتى بعد تخرجي وعملت معلمة، وعندها كونا فريقا خاصا لمساعدة الآخرين، حيث كنت أعمل في قرية ومن مهامي مساعدة الآخرين بالجهد والوقت والمال، ومن ضمن المشاريع التطوعية التي شاركت بها توزيع مؤونة رمضان، وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية لأهالي القرية. وبينت التركي أن من أسباب اتجاهها للعمل التطوعي حبها للخير الذي تجد فيه نفسها، وتكوين علاقات إيجابية مع الآخرين. إضافة إلى حاجة الناس لذلك، وخاصة أفراد الأسر البسيطة في المعيشة الذين لم يلتحقوا بالتعليم ويحتاجون للمساعدة. وعن الصعوبات التي واجهتها قالت إن أكبر صعوبة اأني لم أجد مظلة جادة تدعم العمل التطوعي بهمة عالية وعلى فكرة واضحة وخطط سليمة وتنسيق منظم وتنفيذ كامل، مشيرة إلى أنها لاحظت أن الفترة الأخيرة شهدت إقبالا على العمل التطوعي، ولكن بعشوائية دون وعي كاف. وطالبت التركي المسؤولين بتنظيم حملة توعوية لنشر مفهوم العمل التطوعي ودوره في بناء حضارة المجتمع، واستقطاب عدد كبير من المتطوعات في المجتمع. وتقول المسؤولة عن العمل التطوعي بعسير فوزية سلامة إن "التطوع عمل ممتع يدخر فيه الإنسان أوقاتا معينة بحسب قدراته في خدمة المجتمع في أي مجال نافع"، مشيرة إلى أن تجربتها كانت من خلال المساعدة في المجالات التعاونية والإنسانية في محيطها، حتى تم اختيارها لإدارة العمل التطوعي بعسير. وأوضحت أنه لم يكن للعمل التطوعي في السابق قواعد أساسية يسرن عليها، وكانت النظرة له بأنه عمل خيري فقط، ولكن من خلال تعاملهن مع هيئة الهلال الأحمر التدريب النسوي تم التعرف على الكثير من أسس ومجالات العمل التطوعي. وأشارت فوزية إلى أن العمل التطوعي ضرورة في ضوء توسع المجتمع وزيادة احتياجاته النفسية والتربوية والصحية والإغاثية وليس بالضرورة أن يكون العمل التطوعي معتمدا على المادة، فالتطوع واسع المجالات والمفاهيم. وقالت "نحتاج إلى وقت خاص نمنح فيه دورات وننظم ندوات عن إدارة التطوع لتوعية المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع، ووضع آلية تسهل على المتطوعة أداء العمل بشكل مرن لا يتعارض مع وظيفتها". وأكدت فوزية وجود نخبة من الشباب والشابات محبين للخير والعطاء وراغبين في تقديم أي نفع، ولابد من أن نحتويهم ونوجه طاقتهم للأعمال التطوعية بعد التدريب الجيد.