تحتلني تلك اللحظة التي تغرد فيها الدوحة عاصمة الطموح والخيال .. وتشدني صحوتها .. ويدخلني عرسها في فضاء الذهول .. فلا أعرف لما يتحول فرحها .. أنشودة يتغنى بها كل خليجي وعربي ..!! سألت نفسي لماذا؟ وحضرت في مخيلتي كومة من الإجابات..!! لم أكن أستطيع التراجع .. عناد ممزوج بالرغبة الملحة .. لفك لغزها .. فهي التي جمعت الخطين اللذين لا يلتقيان أبدا .. ونجحت كحالة فريدة في احتضان ما هو شعبي .. وما هو رسمي .. فكانت محطة عشق للبدوي المتمسك بتقاليده .. وللمتحضر الذي يفتخر بانفتاحه .. يا لها من معادلة .. تحتاج لأينشاتين لفك طلاسمها .. ولدالي لرسم لوحتها .. ولنزار لتفجير مكنون حروفها .. ولحنجرة الساهر للتغني بقصيدتها..!! توقفت لبرهة بدون وعي .. قبل أن أطلق العنان لمحبرتي .. طرقت الباب عدة مرات .. وأناملي بها رعشة تسري في أطرافها .. حركت أصابعي .. لملمت لعابي .. وارتميت بأسئلتي في حضن التاريخ .. فالدوحة هي العاصمة التي أذهلت العالم .. رياضيا واقتصاديا وسياسيا ونموا .. وقطر هي الدولة التي اختصرت المسافات في زمن وجيز.. بل أنها أصبحت محور اهتمام العالم بأسره .. رغم قلة سكانها ومساحتها .. لكنها وجدت لنفسها موطن قدم بين دول العالم الكبيرة ..!! أعود للدوحة .. وألملم الوقت قبل اندثاره في كتابة هذه السطور .. لتتشكل وردة .. أقذفها نحو كل قطري وخليجي وعربي .. فهي محطة للتزود بالوقود والفيتامين لصنع المستحيلات .. ولعل استضافة نهائيات كأس العالم 2020 .. هي واحدة من تلك المستحيلات التي لم تخطر على بال أي عربي يعيش مرحلة الإحباط والتخبط .. لكن قطر فعلتها وهزمت أكبر دولة في العالم الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا المضمار ..!! بصراحة قطر .. أحدثت برقا .. وأهطلت مطرا .. واغتسلت ذهبا .. وودعت ساحة الإحباطات والمنغصات العربية .. لحالة من الشموخ والفرح .. لتصبح مفخرة العرب في العقد الأول من الألفية الجديدة ..!! مبروك لأهل قطر .. عرسهم الوطني .. في هذا التجمع العربي .. ليزداد يومهم الوطني بلغة عربية خالصة هذه المرة .. عبر الدورة الأروع عربيا .. تنظيميا ومنافسة وإثارة وقوة..!! لقطر سحر لا يقاوم .. هكذا شعرت عندما فرح الصغار في الحارات الشعبية في كل المدن العربية .. عندما فازت الدوحة باستضافة المونديال .. وعمت الأفراح جميع عواصمها.. ورسم التلاميذ على دفاترهم وكتبهم صورة قلب بداخله دوحة .. فهي العاصمة التي جعلت أحلامهم تتحقق وسط موجة عارمة من الصراعات والتخلف والإحباطات .. !! في اليوم الوطني لقطر التقدم والتطور .. أعلن الباعة في سوق واقف عن موجة تخفيضات تزامنا مع الإنجازات التنموية الكبيرة التي تحققت في وقت وجيز .. وخلع الساسة والسفراء والوزراء في قطر ثوب الدبلوماسية .. وتدافعوا عبر دوحتهم يهنئون ويباركون ..!! الكبار وحدهم من يصنعون التغيير عندما يفرحون .. والدوحة صنعت هذا التغيير .. لم تنم قطر .. كل قطر .. في ليلة عرسها البارحة ..وذهب الجميع للبحر لأنه أكثر عمقا في التعبير عن الفرح .. لأنه تاريخ قطر .. والقطريون مولعون بالتاريخ .. كيف لا وهم من صناعه ..!! وفي حضرة اليوم الوطني لأهل قطر شعبا وقيادة .. لا بد من استحضار الذاكرة .. ففيها شخصيات عربية فذة .. أنستنا مآسي وإخفاقات العرب سياسيا ورياضيا واقتصاديا إلا ما ندر .. فيها الهمام بن تميم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني .. والصقر الذي أصبح الرقم الصعب في دهاليز " السياسة " الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني والذي نقل السياسة الخليجية للواجهة .. !! وللدوحة قصة مع محطة العصامية .. فقد ولدت قطر من رحم المعاناة أيام الصيد والزراعة .. و صنعت لنفسها تاريخا ناصع البياض .. ويحق لنا أن نفخر بالمدرسة القطرية التي أنجبت ديمقراطية امتدحها الغرب والشرق .. !! هي الدوحة يا سادة .. علامة فارقة .. وماركة مسجلة .. لشخصيات فكرية ورياضية وأدبية .. وأصبحت رموزا ليس في قطر فقط .. بل على المستويين العربي والقاري .. والبعض منهم يشار له بالبنان عالميا .. تماما كما كان محمد بن همام..!! الدوحة يا سادة .. أكاديمية عشق .. وكتاب من ذاكرة الوقت .. يتوهج الحرف في تتبع مسيرتها .. وتتوالد الجمل والحكايات بلغة بريئة في سرد مناقبها .. هي دوحة الشعب .. وحبيبة الناس .. وعشق الشيوخ والأمراء .. فأعطوني عاصمة بهذه المواصفات .. حتى نهيم في عشقها؟! مبروك لأهل قطر .. عرسهم الوطني .. في هذا التجمع العربي .. ليزداد يومهم الوطني بلغة عربية خالصة هذه المرة .. عبر الدورة الأروع عربيا .. تنظيميا ومنافسة وإثارة وقوة..!! مبروك لأهل الخليج بقطر .. فهي أيقونة الخليج .. وسفيرة العرب في التنظيمات الرياضية .. ومحطة هامة للسياسة الدولية .. وبحر خير متدفق للبلدان المنكوبة..!!