نشر تقرير بالأيام الماضية عن مجموع ثروات أثرى اثرياء السعودية، وقد ذكر التقرير أن 1225 سعوديا يملكون أكثر من 851 مليار ريال، وهو رقم ضخم لا يعكس حجم الاقتصاد المحلي، ويدل على خلل في هيكل الاقتصاد يتسبب في تركيز الثروة في يد قلة تعيش في ثراء فاحش وتُكدس الثروات بينما تعاني شريحة كبيرة من المواطنين؛ ولأسباب تتعلق في كثير من الأحيان بمن يحتكرون هذه الثروات. فبعض هؤلاء الأثرياء تجدهم يشتاطون غضبا لدى سماع أي قرار يمس مصالحهم، وعلى رأس هذه القرارات قرارات السعودة التي تسهم بحل القنبلة الموقوتة وهي البطالة وذلك لأنها ستقلل من هوامش أرباح شركاتهم، بالإضافة إلى ردة الفعل شديدة السلبية تجاه مقترح رسوم الأراضي الذي يسهم بعلاج أزمة الإسكان ويكسر احتكار الأراضي، حيث إن تجارة الأراضي هي التجارة المفضلة لكثير منهم حيث إنها لا تحتاج أي مجهود وتكاد تنعدم فيها المخاطر وتدر أرباحا كبيرة جدا. وران بافيت الذي يملك أكثر من 140 مليار ريال، والذي صنف كثالث أغنى رجل بالعالم، لم يكتف بعدم الاعتراض على أي قرارات قد تمس مصالحه، بل انه بادر بنفسه لمطالبة الحكومة بإشراكه بالتضحيةفي المقابل نجد أن أحد أشهر أثرياء العالم- الأمريكي وارن بافيت، يكتب مقالا كاملا في النيويورك تايمز يوجهه للحكومة الأمريكية عنوانه: «أوقفوا تدليل الأثرياء». وسأنقل بعض المقتطفات من مقاله حيث يفتتح وارن بافيت مقاله بقوله: «قادتنا طلبوا من الناس التضحية، ولكنهم عندما طلبوا ذلك نسوا أن يطلبوا ذلك مني، وعندما سألت أصدقائي الأثرياء عن نوع الألم أو التضحية التي شاركوا فيها أو طُلبت منهم ردوا بأن أحدا لم يطلب منهم شيئا». ويكمل المقال بقوله: «بينما يقاتل الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة نيابة عنا في أفغانستان، وبينما يعاني الأمريكي في توفير احتياجاته الأساسية، نحصل –نحن الأثرياء– على الإعفاءات الضريبية» ثم يؤكد: «أعرف كثيرا من الأثرياء وغالبيتهم كريمو الخلق، ويحبون أمريكا ويقدرون الفرصة التي منتحهم إياها هذه البلاد. وكثير منهم انضموا للوعد والميثاق بمنح غالبية ثرواتهم للجمعيات الخيرية، وهؤلاء لن يمانعوا لو طلب منهم دفع مزيد من الضرائب، خاصة وهم يشاهدون كثيرا من المواطنين يعانون بشدة». ويختم المقال بقوله: «أنا وأصدقائي الأثرياء تم تدليلنا لمدة طويلة من قبل الحكومات المحابية للأثرياء، وحان الوقت أن تقوم حكومتنا بإجراء جدي وتشركنا بالتضحية». وران بافيت الذي يملك أكثر من 140 مليار ريال، والذي صنف كثالث أغنى رجل بالعالم، لم يكتف بعدم الاعتراض على أي قرارات قد تمس مصالحه، بل إنه بادر بنفسه لمطالبة الحكومة بإشراكه بالتضحية وذلك برفع الضرائب عليه وعلى أقرانه، وهي مبادرة تحمل في طياتها كل معاني الإنسانية والعطاء والنبل، وجميعها معان هي في جوهر ديننا وقيمنا، فهل نتوقع مبادرة مشابهة من أثرياء وطننا؟ أو على أقل تقدير، هل نتوقع أن لا يعترضوا على أي قرارات قد تؤثر سلبا عليهم ولكنها تنفع المجتمع وتسهم بحل بعض أزماته؟