عظام بشرية مبعثرة .. وقبور مفتوحة مطموسة المعالم ، أزيلت شواهدها وضاعت ملامحها، .. هذا هو الحال الذي آلت إليه مقبرة بلدة المقدام شمال الأحساء، بعد أن عبثت بقبورها آليات ومعدات أحد المقاولين الذي يعمل لصالح بلدية العمران التابعة لأمانة الأحساء والمكلف بأعمال إزالة الرمال الزاحفة بالقرب من السور، وفوجئ أهالي البلدة بعملية تجريف واسعة في الجزء الجنوبي الغربي من المقبرة التي تحوي قبور موتاهم في صورة واضحة للعيان تمثل انتهاكا صارخا لكرامة الموتى، وقد تناثرت بقايا رفاة الأهل والأحبة خارج القبور لتكون شاهدا على أن ما قام به المقاول فعل شنيع يخالف أوامر الشريعة الإسلامية السمحاء التي تحفظ للميت كرامته. «اليوم» رصدت المشهد ميدانيا، والتقت بعدد من المواطنين واستمعت لشكواهم لتنقلها إلى طاولة المسؤولين، وأكد الأهالي ثبوت تورط المقاول بتجريف ودهس الكثير من القبور دون اعتبار لها، متهمين الأمانة والبلدية بالتقصير وانعدام الإشراف الرقابي مستشهدين على ذلك بتجريف الأرض بعمق مترين في بعض الأماكن وصلت إلى اللحود، متسائلين عن مصير كميات الرمال الكبيرة التي جرفها ثم تم نقلها من المقبرة إلى وجهة غير معلومة يُعتقد بأن المقاول استخدمها لردم بعض الإنشاءات الجديدة، مشيرين إلى أنهم تقدموا ببلاغ رسمي للشرطة التي بدورها عاينت الموقع بحضور ضابط الخفر وفتحت محضر تحقيق بالواقعة، وقد تركزت مطالب مجتمع المقدام بسرعة تصحيح الوضع الحالي للقبور ومعالجة المشكلة بتشكيل لجنة تتكون من العديد من الجهات ذات العلاقة بحكم المسؤولية المشتركة بين هذه الجهات. أكد الأهالي ثبوت تورط المقاول بتجريف ودهس الكثير من القبور دون اعتبار لها، متهمين الأمانة والبلدية بالتقصير وانعدام الإشراف الرقابي مستشهدين على ذلك بتجريف الأرض بعمق مترين في بعض الأماكن وصلت إلى اللحود. ويقول المواطن عبدالرزاق جمعة الزريق انه فوجئ أثناء زيارته المقبرة ثاني أيام عيد الفطر الماضي بالوضع الذي آلت إليه مقبرة البلدة، ولم يصدق عينيه وهو يشاهد مساحة كبيرة في الجهة الجنوبية الغربية، تم تجريف جزء منها يحوي عددا كبيرا من القبور ، مشيرا إلى أنه في خامس أيام العيد عادت آليات المقاول للمقبرة من جديد، وباشرت العمل مرة أخرى في نفس المنطقة دون أي رقابة من الأمانة أو بلدية العمران، لافتا أنه على ضوء ذلك تقدم ببلاغ للشرطة، التي بدورها حضرت وعاينت الموقع ميدانيا، بوجود ضابط خفر من مركز شرطة الجفر وتم فتح محضر تحقيق لإثبات الواقعة، وطالب الجهات ذات الاختصاص بالتحرك سريعا ورفع الضرر الذي لحق بالمقبرة والقبور، وإعادة القبور والرفاة بشكل يحفظ كرامة الموتى، ومعاقبة كل من تسبب في المشكلة . فيما اتهم مشرف مركز النشاط الاجتماعي بالمقدام غازي خميس الدوخي، أمانة الأحساء وكذا بلدية العمران بالتقاعس عن دورهما الرقابي بعد ان تركتا المقاول يتصرف كيف يشاء بعيدا عن المتابعة مستغلا انعدام الرقابة الميدانية، مبديا استغرابه من تخلي المقاول عن مهمته المكلف بها رسميا ، التي أوكلتها له البلدية وهي إزالة كميات الرمال المتحركة التي تزحف على المقبرة بين الحين والآخر، وبدلا من ذلك قام بإهانة الموتى في تجاوز شرعي واضح ومخالفة صريحة يعاقب عليها النظام، مشيرا إلى أن المساحة الإجمالية التي تم الاعتداء عليها تصل إلى أكثر من 4 آلاف متر تقريبا تحوي عشرات القبور التى اختفت معالمها ، وظهرت حفرة كبيرة بعمق يصل في بعض الأماكن إلى مترين تقريبا وصلت إلى رفاة المتوفين داخل القبور وبالتالي تناثرت العظام خارجها ، وطالب بسرعة معالجة الوضع الحالي وإعادته إلى ما كان عليه قبل عملية التجريف وذلك من خلال سرعة تشكيل لجنة من الجهات المختصة. وابدى المواطن شاكر عوض الخالدي، امتعاضه الشديد من وضع المقبرة ، وطالب فى نفس الوقت بالإسراع فى تأمين حارس للمغتسل المجاور للمقبرة الذي تعرض لسرقة اجهزة التكييف وتم تعويضها من قبل الأهالي مشيرا إلى أن تأمين حارس للمغتسل مطلب في غاية الأهمية بالنسبة للأهالي ، للحفاظ على الممتلكات العامة ، مناشدا المسئولين التدخل لإنهاء المعاناة التي سببها المقاول في ظل غياب الرقابة البلدية والتي لم تحرك ساكنا حتى هذه اللحظة. واكد محمد النامي وعبدالعزيز المرشود، أن المقاول انتهك حرمة موتى أهالي البلدة من أقاربهم وآبائهم وأجدادهم ,من خلال إدخاله معدات ثقيلة داخل المقبرة جرفت عدداً من القبور دون اعتبار لحرمتها, وشددا على أن سبب التجريف جاء نتيجة انعدام المتابعة وترك المقاول يتصرف بما يراه هو وحسب مصالحه كمقاول، وليس حسب ما تقتضيه المصلحة العامة ومنها بالطبع المحافظة على القبور، واقترحا تشكيل لجنة اشرافية أثناء القيام بالأعمال داخل المقابر لتفادي التجاوزات مستقبلا وبالتالي القضاء نهائيا على الاعتداء على حرمات المقابر كما هو الآن في مقبرة المقدام. وطالب المواطن حمد شريدة الصويلح، بلدية العمران بالاهتمام بهذه المشكلة مؤكدا انه لا يمكن أن تكون عملية رفع الرمال المتحركة من المقبرة بهذه الصورة التى ينفذها المقاول الذي يفترض انه جاء لرفع الضرر بينما الواقع يشير الى انه احدث الضرر وخلق مشكلة جديدة، ودعا الى استكمال المشاريع الخدمية ببلدة المقدام منها الإنارة والسفلتة وغيرها من المشاريع التي يحتاجها المجتمع والذي ينتظرها منذ اعوام طويلة . من جانبه أكد رئيس بلدية العمران المهندس فؤاد بن خالد الملحم، رفضه التام لانتهاك حرمة المقابر بأي حال من الأحوال، وعدم التهاون فى أي تجاوزات مهما كانت المبررات، مشيرا الى ان ذلك يمثل خطا أحمر للجميع، وقال ان بلدية العمران حريصة في هذا الجانب وتهتم بجميع المقابر التي تدخل ضمن نطاق عملها الجغرافي ومن بينها مقبرة بلدة المقدام، لافتا إلى أنه يتم بين فترة وأخرى تكليف المقاول بإزالة الرمال المتحركة وكذلك عملية تنظيفها أولا بأول.
مواطن يشير الى مدخل القبور (تصوير - حمزة بوفهيد) عظام الموتى تناثرت في كل مكان