رغم أن شهر رمضان الكريم يعتبر فرصة ومناسبة للرخاء وعموم الخير وحصد الأجور والتيسير على بعضنا وتعزيز التراحم فيما بيننا، إلا أن كل تلك الخصائص والعناصر الإنسانية والأخلاقية والدينية أول من يفتقدها أولئك الذين يجعلون من إقبال الناس على السلع الاستهلاكية فرصة لرفع الأسعار بصورة غير مبررة، ولا أعتقد أن هناك من يرى بعكس ذلك لأننا نتساوى جميعا في الاصطلاء بنيران الغلاء واستنزاف أموالنا، ويكفيني دليلا وشاهدا مؤشر وزارة التجارة الذي رصد ارتفاع أسعار أكثر من أربعين سلعة غذائية قبل أن نبلغ الشهر الفضيل. لا يساورني أدنى شك في أن التجار يترصدون الفترة ويتحينون الفرصة للحصول على مزيد من المكاسب باعتبار أن ذلك موسم الحصاد، وفيما نكسب ونسعى بجد وصدق لكسب الأجر يسعون هم لأجر الدنيا، وفكرة الموسم لدى هؤلاء لا تقوم على اتساع نطاق المساحات الشرائية لسلعهم وبضائعهم، وإنما لرفع الأسعار واتساع هامش الربح دون وجه حق، فالسلع التي تعرضت لمزايداتهم لم تلحقها رسوم إضافية في الجمارك على سبيل المثال، أو في مكونات ومدخلات إنتاجها وتوزيعها أو أي عوامل ترتبط بتسعيرها، وإنما هو الموسم وإقبال الناس بشكل جنوني للشراء. ومجرد الإقبال على الشراء فرصة لتصريف البضائع والسلع على نحو أسرع وتحقيق المكاسب المتتالية بدلا من أن تتكدس ويتأخر حصولهم على الغنائم، ولكنهم لا يرون الأمر كذلك وإنما هناك طرق غير مشروعة لمزيد من الكسب تحدث بها النفس الأمارة بالسوء، ويا ليت ذلك في غير رمضان، ولكنه في الشهر الفضيل وذلك تقدير خاطئ فالاحتكار والمغالاة والتضييق على معاش الناس بهذه الصورة يكسبهم الخسران المبين لو كانوا يعلمون، ولكن البصيرة تغيب عن التمييز فيذهب الأجر في جميع الأحوال. لا حلول أخلاقية يمكن أن نحدث بها من يغالون على الناس في سلعهم وقوتهم، وإنما هناك دور غائب لوزارة التجارة، فرصد مؤشرها لارتفاع مؤشر عشرات السلع الغذائية ليس عملا يهمنا كثيرا وإنما النتيجة هي التي تهمنا وتجعلنا نقيّم دور الوزارة إيجابيا عندما تنجح في تسوية ارتفاع هذه السلع وإعادة التجار الى صوابهم الأخلاقي وحتى الإيمانيلا حلول أخلاقية يمكن أن نحدث بها من يغالون على الناس في سلعهم وقوتهم، وإنما هناك دور غائب لوزارة التجارة، فرصد مؤشرها لارتفاع مؤشر عشرات السلع الغذائية ليس عملا يهمنا كثيرا وإنما النتيجة هي التي تهمنا وتجعلنا نقيّم دور الوزارة إيجابيا عندما تنجح في تسوية ارتفاع هذه السلع وإعادة التجار الى صوابهم الأخلاقي وحتى الإيماني، ولا أرى خيرا يرجى من حماية المستهلك فهي آخر ما يمكن أن يحمي المستهلك من الجشع وغول السوق. وزارة التجارة هي التي نتوقف عندها لامتلاكها السلطة التنفيذية اللازمة لرقابة السوق وضبط أسعاره، وحتى إذا كان السوق حرا ومفتوحا إلا أن هناك قوانين وأنظمة وآداب تسويقية ينبغي أن تلزم بها التجار والسوق، كما أن لديها الوسائل والأدوات الضرورية للضبط، وأعمال مثل المؤشر هي شغل روتيني لا يقدم أو يؤخر بالنسبة للمستهلك الذي يهمه أن تعمل الوزارة على تسعير هذه السلع بقيمتها الحقيقية وليس العبث بها على مزاج التجار وتحقيق الارباح الخيالية على حسابنا، فإذا رفع أحدهم سعر سلعة ما 200% وفقا لمنطق السوق الحر والمفتوح ومن أراد فليشتري ومن عجز فلينظر أي بديل آخر، هل تصمت التجارة؟ الزيادة واحد في المائة وفقا لذلك لا تختلف عن المائتين في المائة، ولذلك على الوزارة أن تتحرك وتسيطر على الوضع وتكفينا سلبيتها التي ما أنتجت سوى مؤشر ليتها لم تحدثنا به، أما حماية المستهلك فليتك لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي. [email protected]