كثيرا ما يطلب من الكتاب عدم التعميم، وكثيرا أيضا ما دافع الكتاب عن أنفسهم بقولهم : نحن نقصد (بعض) لكننا ليس بالضرورة نكتبها كل مرة، لكن أن يأتي رجل علم ووعظ ويحدد نسبة معينة لشبابنا الفاسدين من المبتعثين ويقول: إنها 80 بالمائة، فهذا أمر عجيب أثار الناس ضد ذلك القول، لكن نسبة الاثارة لدينا أصبحت غريبة عجيبة وردود الأفعال أكثر غرابة، وقد كتبت كثيرا عن أسلوب الشتم والتسفيه الذي انتشر بيننا مؤخرا بطريقة مزعجة جدا تشبه ( نثر الدقيق بين الأشواك ) ويحتاج إلى معجزة لجمعه، فهل نبدأ بالشوك أم بالدقيق؟ ما وراء هذه النسبة التي أطلقها مطلقها دعوة غير مباشرة لمنع الناس من ابتعاث أبنائهم للخارج بغرض الدراسة. دعوة مبنية على التخويف لتحقيق هدف ما، وبودي أسأل ذلك الشخص: كم نسبة الفاسدين والمفسدين هنا داخل البلد؟ كم نسبة الذين لم يخرجوا من البلاد قط ومع هذا وجدوا طريقا للخمر والمخدرات والزنى؟! في هذا الوقت بالذات تطالعنا الصحف بخبر أحد مبتعثينا في بريطانيا وهو أحمد سعد فواز الذي اكتشف 26 مركبا كيميائيا غير عضوي وتستعد جامعة كاردف لاتمام المشروع البحثي للطالب أحمد بغرض تطبيقه في مجال الأدوية والخلايا الحية. لاشك في أنه نجاح متميز نفخر به ونفخر بأحمد وهذا لا يقلل من قدر وأهمية كل الشباب هناك «ذكورهم وإناثهم» مهما كانت مستويات نجاحهم. إن محصلة الابتعاث ليست علما وشهادة فقط، بل انفتاحا على ثقافة الآخرين وسلوكهم مع الناس والحياة بكل تفاصيلها وهذا ما لا يريده بعضنا، ومنهم ذلك الذي وضع على الطاولة نسبة محددة للفاسدين دون أي اطلاع أو تدقيق أو تحرٍ لأخلاقيات جعلته يصف الأغلبية بتلك الصفة باصرار غريب على الفساد هو فقط خارج دائرتنا فمن خرج منها فله الويل وكان الفساد غاب يوما عن حياة الناس في كل العصور، وباصرار أغرب على دفع الناس للتقوقع والعودة إلى زمن ذهب وإن بقيت آثاره في بعض العقول زمن المدرس الذي يلقي الدرس واياك اياك ان تفكر فيما لم يقله.. اياك اياك أن تسمح لعقلك بالعمل. اسمع وطبق فقط، لكن ماذا كانت النتيجة؟ أترك الاجابة لكم فهي أطول من أن تحتويها هذه المساحة. [email protected]