في تطور ملحوظ في العلاقات المصرية الأمريكية، قام وزير الخارجية جون كيري بزيارة للقاهرة استغرقت ساعات، في حين أفرجت واشنطن عن مساعدة لمصر قيمتها 572 مليون دولار. وتُعد زيارة كيري، الأرفع لمسؤول غربي يزور مصر منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم. ونقلت «فرانس برس» عن مسؤول اميركي قوله: «لأن هذه العلاقة معقدة ونحاول اقامة توازن بين مصالح مختلفة نشعر بأن الوقت مناسب الآن لزيارة وزير الخارجية للتطرق الى هذه المصالح المشتركة». ووفق محللين في مصر فإن كيري، حاول خلال زيارته التي التقى فيها رئيس الجمهورية ووزير خارجيته سامح شكري، طمأنة الإدارة المصرية وامتصاص الغضب المصري من قرار مجلس الشيوخ بتخفيض مساعدات واشنطن للقاهرة بنحو 400 مليون دولار. حيث ترى القاهرة في القرار محاولة «ابتزاز» بسبب النهج المستقل في سياستها الخارجية بعد ثورة 30 يونيو، وكان السيسي قال في خطاب تنصيبه: «انتهى عصر التبعية للخارج» . واعتبر وزير الخارجية الأميركي أن الانتقال في مصر يمر ب «لحظة دقيقة»، وذلك بعد أسبوعين من بدء ولاية الرئيس السيسي. وأضاف ان «الولاياتالمتحدة مهتمة جداً بفكرة العمل بالتعاون الوثيق» مع الحكومة الجديدة «لتجري عملية الانتقال بالطريقة الأكثر سرعة ومرونة». وبلقائه نظيره المصري سامح شكري تحدث كيري عن «التحديات الهائلة» التي تنتظر مصر في انتقالها نحو الديمقراطية. وذكرت معلومات: إن كيري أبلغ القاهرة مشاركة بلاده في مؤتمر المانحين الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والمتوقع عقده في أغسطس المقبل، كبادرة على «حسن نوايا» واشنطن تجاه النظام الجديد في مصر مع تأكيده على استمرار «الشراكة الاستراتيجية» مع القاهرة واعترافها بخارطة الطريق ومساندتها القوية للحرب على الإرهاب. لكن مسؤولين أميركيين أكدوا أن واشنطن «تقر بان مصر تمر بمرحلة انتقالية صعبة جداً». وقالت جين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الاميركية: إن زيارة كيري تتناول مجموعة مواضيع تتعلق بالعلاقات الثنائية ومسائل اقليمية تشمل العراق وسوريا وليبيا والعلاقات الاسرائيلية-الفلسطينية، والتطرف، والتهديدات الإرهابية التي يواجهها الجميع». وجولة كيري ستقوده إلى عمان وبروكسل وباريس، وأعلن مسؤولون اميركيون عن إفراج واشنطن عن 572 مليون دولار (420 مليون يورو) من المساعدة المخصصة لمصر التي جمدت في تشرين الاول/اكتوبر، قبل نحو عشرة ايام بعد حصولها على الضوء الاخضر من الكونغرس. وستخصص هذه الاموال اساسا لدفع العقود الدفاعية القائمة. وهذه الشريحة تمثل قسما من المساعدة الاميركية الاساسية الى مصر (1,5 مليار دولار منها 1,3 مليار دولار مساعدة عسكرية) والتي جمدت في تشرين الاول/اكتوبر وربطتها الادارة الاميركية بإجراء اصلاحات ديموقراطية. وفي نيسان/ابريل اعلن مسؤولون اميركيون ان استئناف المساعدة مقرر خصوصا لتسليم عشر مروحيات اباتشي لدعم الجيش المصري الذي يواجه هجمات من مسلحين بشكل شبه يومي في شبه جزيرة سيناء. لكن المروحيات العشر ما زالت في الولاياتالمتحدة بحسب مسؤولي أمريكي. والاسبوع الماضي أدت الحكومة المصرية الجديدة اليمين برئاسة إبراهيم محلب، الذي أبقى على معظم الوزراء من الحكومة السابقة. وفور وصوله اجتمع كيري مع وزير الخارجية المصري سامح شكري السفير السابق لدى واشنطن، في زيارة تستغرق بضع ساعات قبل توجهه إلى عمان. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية للصحافيين المرافقين لكيري: «هناك رغبة قوية لدى واشنطن لإنجاح العملية الانتقالية». وأضاف المسؤول: «نقيم علاقة طويلة مع مصر .. تقوم على أسس عديدة. وصلت إلى مرحلة صعبة الآن هذا واقع، وإننا قلقون جداً للمناخ السياسي». ومصر احدى الدولتين العربيتين اللتين وقعتا معاهدة سلام مع اسرائيل، اعتبرت على الدوام حليفا استراتيجيا اساسيا وركنا يضمن الاستقرار الاقليمي. لكن الفوضى السياسية التي اعقبت الاطاحة بحسني مبارك في 2011 شلت مصر وجعلتها منشغلة اكثر بمعالجة مشاكلها الداخلية رغم ثورات الربيع العربي. ميدانياً، كشف الأمن المصري، عن مقتل 8 عناصر تكفيرية، في حملة موسعة جنوب الشيخ زويد. وقال مصدر أمني في شمال سيناء: إن اشتباكات عنيفة دارت مع العناصر التكفيرية في المنطقة بعد رصد تحركاتهم، موضحاً أنه تم ضبط 26 إرهابياً، وتدمير 21 بؤرة من العشش التي تستخدمها العناصر الإرهابية كقواعد انطلاق لتنفيذ هجماتها ضد قوات الجيش والشرطة، إلى جانب حرق وتدمير 6 سيارات و20 دراجة بخارية بدون لوحات أو تراخيص. وكذلك جهاز هاتف يستخدم لتفجير العبوات الناسفة. قضائياً، أجلت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، و14 من قيادات الإخوان في قضية أحداث اشتباكات الاتحادية، إلى اليوم، الاثنين، لاستكمال سماع الشهود، مع الإبقاء على سرية الجلسات وحظر النشر فيها. ويذكر أن أحداث الاتحادية دارت خلال عهد الرئيس المعزول، يوم الأربعاء 5 ديسمبر 2012، بين أعضاء جماعة الإخوان والمتظاهرين، ما أسفر عن مصرع 10 أشخاص على رأسهم الصحفي الحسيني أبو ضيف، بالإضافة إلى إصابة العشرات. وتترقب مصر بحذر شديد، يوم 30 يونيو المقبل، بعد أسبوع، الموعد الذي حددته جماعة الإخوان المحظورة وأنصارها، لما تسميه «ثورة شعبية»، في ذكرى عزل محمد مرسي ونظام مكتب الإرشاد.