يسهل على قارئ ديوان (رسائل غيب) أن يرصد تأثير الجغرافيا التي تتحرك فيها مؤلفته الشاعرة الإماراتية «ظبية خميس»، وتاريخ كتابة القصائد المتباينة في نبرتها بين همس إذا تعلق الأمر بذكرى، وصرخة حين تتصادم القصيدة بتقاليد وأعراف لا تعترف بحرية الإنسان الفرد، ففي قصيدة (في انتظار الحب) تقول: «في حلمي أرحل وراء حبيب، وهو يرحل ورائي، ثم في تقاطع الطريق تشع ابتسامتان، من الفجأة أطوقك بذراعي، وأذوب حنانا بين يديك، تبتسم عيناي، وهما تلمسان ضوء وجهك الذي أنار قلبي»، ولكن قصيدتها الطويلة (ضد القانون) تتحول إلى ما يشبه بيان احتجاج، على ما يحول دون الحرية، وتصبح كثير من مقاطع القصيدة كأنها لافتات تلخص أشواق الإنسان إلى العدل وحقوقه الأساسية، ويقع ديوان (رسائل غيب) الذي كتبت قصائده بين مصر والإمارات وفرنسا في 166 صفحة متوسطة القطع، بغلافه صممته صابرين مهران، وحمل الغلاف الخلفي كلمة للشاعرة العمانية «فاطمة الشيدي»، التي اعتبرت ظبية خميس هي «الفارة من تخوم القبيلة إلى حواف الفكرة، وإلى منتهى الرفض اللغوي والشعري والثقافي والفكري، فهي حالة جديرة بالتأمل أكثر منها بالكتابة». وتقول الشاعرة في سطور من قصيدة (أحرار نحن)، وهي إحدى قصائد كتبت في مصر: «جئنا للأرض معا، لنزرعها ونحصدها، نعمرها ونبنيها، جئنا بقانون الحب والبقاء، لم نولد عبيدا، ولم تولدوا سادة... منذ قابيل وهابيل، والغراب يعلمنا كيف نهيل التراب، على ضحايانا ونصمت... أنتم لستم أكثر، ونحن لسنا أقل». أما القصائد المكتوبة في الإمارات، فتميل إلى التفنن في رسم مشاهد لتفاصيل إنسانية صغيرة عن الأهل والأصدقاء والذكريات والبيوت والشجر والقطط والريح والصحراء..، ولكن شيئا ما يفتقد، كما في قصيدة (في بلادنا)، التي تقول بعض سطورها : «بين مصر وبيننا، حشود، وكلمات.. غائبة، أتقن عملك، اتبع القانون، ارتد ما تشاء، وتبضع كما تشاء، ثم.... لا شيء آخر، ليس للعشاق ممشى، ولا للقصيدة طاولة للكتابة». ولظبية خميس ترجمات ودراسات نقدية، إضافة إلى 20 مجموعة شعرية منها (خطوة فوق الأرض) 1981، و(قصائد حب) 1985، و(السلطان يرجم امرأة حبلى بالبحر) 1988، و(انتحار هادئ جدا) 1992، و(جنة الجنرالات) 1993، و(موت العائلة) 1993 و(خمرة حب عادي) 2000، و(حجر الطريق) 2012.