تَوَجَّسْتُ خِيفَةً من مشاركتي الأخيرة في أمسية شعرية أقامها نادي الطائف الأدبي الثقافي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الثاني للمرأة والطفل والذي نظمته اللجنة النسائية بعنوان «مهارات وإبداع» خلال الفترة 11 15/ 6/ 1432ه، وذلك لمشاركتي في الأمسية شاعرتين مُهابتين إحداهما ذات اسمٍ مجهول نوعا ما، ولم أسمع عنها قط ولم أقرأ لها، والأخرى مشهورة في الأوساط الشعبية وعرفت بالشعر النبطي ولها جمهورها العريض من متذوقي العامية، فاحترتُ كيف سنخلق أمسية تلامس الجمهور وتأخذه حيث الاستئناس بالشعر الجميل، فكانت المفاجأة في ليلة الخميس المنصرم وموعدٌ مع أمسية الأماسي التي صرتُ أعتز بها بين مشاركاتي الداخلية والخارجية، تمكنت الشاعرات مع المنظمات والحاضرات من خلق جو شاعري فاعل أبهج النفس وأسعد الروح وأطرب الفؤاد وبدّدَ عَتمةَ ليلنا الخُرافِي إذ بالجوهرة النغيمشي تتلبس بلغة الشِّعر الرصينة وتعيدنا إلى ألق مدرسة المتنبي بلغة كلاسيكية رصينة وسبك فني جيد وجودة إلقاء وقدرة علي جذب المستمع وإثارة كوامنه عبر حكمها المثيرة ورثائياتها الضاجة حَزَناً، ولكم حرَّكت شاعرة المدينة مستورة ضويعن الأحمدي عمق الأعماق بأشعارها ذات المواضيع غير المستهلكة والتي لامست هموم المرأة وذوات الإناث، وجاءت أشعارها الفصحى في غاية الدَّهشة، إذ كنتُ متشوقة لسماع شعر شاعرة نبطية عامية أثبتت جدارتها في البرنامج الفضائي «شاعر المليون»، ووصلت لمراحلها الأخيرة فيه، فاستشاط الشعرُ عُنفُوانا بين لُغتها وتراقصت الأخيلة انتشاءً على وقع موسيقى أحرفها المنسابة طربا، فجاءت القصيدة جامحة الأبيات ممشوقة الخُطى رشيقة الأسلوب فخاب ظني الذي ظننته أن شاعرة الشعبي ستخفق في الفصحى وإن نجحت ستتماهى نسبة الإتقان الفني فيها، والأجمل من ذلك كله أن قاعة الأمسية تلك الليلة حضرت فيها شياطين الشعر وتلبست الحاضرات وسمعن شعرا عذبا مستساغا على ألسنة الحاضرات، فصارت منظمات الفعالية يصعدن المنصة ويشكرن الفارسات شعرا ارتجاليا وإن كان مكسورا نوعا ما، غير أن عباراتهن مموسقة الإلقاء وفتيات الطائف المدهشات اللاتي سابقن جبال الشفا وتلفريك الهدا وغابات الكر بأبيات شعر ارتجالية صغنها في حالة تمازج مع شعور اللاوعي المضمخ بلذة الجمال ونشوة الإبداع وهيمنة الأجواء الدافئة التي كست الليل بهاء وتمكنت الشاعرات مع المنظمات والحاضرات من خلق جو شاعري فاعل أبهج النفس وأسعد الروح وأطرب الفؤاد وبدّدَ عَتمةَ ليلنا الخُرافِي بأضواء الشِّعر والشُّعور فكانت أمسية الأماسي في مدينة المدائن. [email protected]