تُعدُّ أرامكو أكبر شركة طاقة في العالم، لاسيما أن المملكة تملك احتياطيات من النفط تُقدَّر بأكثر من 265 بليون برميل، واحتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي. ومع نمو قدرة أرامكو التكريرية والتكامل مع الصناعة الكيماوية، نجد أنها بصدد أن تكون من كبرى الشركات العالمية في إنتاج البتروكيماويات العطرية. ويُقصد بالبتروكيماويات العطرية مركبات البنزين الحلقي والزايلين، والتي يتم إنتاجها من مشتق النافثا النفطي أثناء عملية التكرير. وتُستخدم هذه المركبات العطرية في صناعة المنسوجات (البوليستر)، وصناعة قوارير المياه الشفافة، وصناعة البولي ىستايرن، وصناعة المنظفات والنايلون والبولي كربونات. ويشهد العالم نموًا كبيرًا في الطلب على هذه المنتوجات؛ لذلك كان من الحِكمة أن يتم تحويل جزءٍ كبيرٍ من مشتق النافثا البترولي إلى صناعة تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد السعودي، وتساهم في خلق فرص وظيفية للشباب السعودي. وتعتبر مصفاة «ساسرف»، وهي مشروع مشترك بين أرامكو وشركة شل من أول من أنتج البنزين العطري من المصفاة، والتي تزوّد فيها مجمع صدف البتروكيماوي لإنتاج مادة البولي ستايرن. وتطمح أرامكو السعودية لأن تكون بحلول 2018م من أكبر ثلاث شركات عالمية في إنتاج العطريات بعد شركتي اكسون، وبريتش بتروليوم. وتقوم حاليًا أرامكو بمشاركة شركة توتال بتحويل مشتق النافثا السائل إلى مركبات الزايلين عالية القيمة في مجمع ساتورب بالجبيل. وبذلك يكون هذا المجمع أول مَن حوَّل المشتقات النفطية السائلة إلى مادة البارازايلين في المملكة. ويتوقع - بتوالي المشاريع الأخرى مثل صدارة، وبترو رابغ2، ومصفاة جازان ورأس تنورة - أن يرتفع إنتاج أرامكو من مركب البارازايلين إلى حوالي 4 ملايين طن سنويًا، وهي كمية كبيرة تخوِّلها للريادة في هذا المجال. ويبلغ حاليًا سعر طن النافثا اللقيم الرئيس للعطريات حوالي 935 دولارًا، وأما سعر طن البنزين العطري فيصل إلى 1300 دولار. وأما سعر طن الستايرن المصنوع من البنزين العطري فهو 1590 دولارًا. وسعر طن البارازيلين يقارب 1450 دولارًا للطن. كل هذه الارقام تؤكد حِكمة وجدوى تحويل المشتقات النفطية إلى بتروكيماوية عوضًا عن تصديرها كما هي. الأكيد أن تصدير المشتقات البترولية أفضل للاقتصاد الوطني من تصدير النفط الخام، وبكل تأكيد فإن تصدير المواد البتروكيماوية أفضل بمراحل من تصدير المشتقات النفطية. ولا شك في أن صناعة النفط والبتروكيماويات يمكن استغلالها بشكلٍ كبير لدعم التصدير غير النفطي، ولإيجاد فرص عمل للشباب السعودي. لاسيما أن معظم سكان المملكة هم من الشباب. ومن المعلوم أن الصناعات التحويلية تتطلب أيدي عاملة أكثر؛ فهي بذلك منجم حقيقي لدعم الصادرات غير النفطية، ولإيجاد فرص عمل جديدة. ويحدونا الأمل أن نرى إقامة مجمعات بتروكيماوية جديدة تستخدم النفط ومشتقاته للصناعات الجديدة. ومما يُبهج النفس أن نرى سابك من أكبر منتجي البتروكيماويات الأولفينية المعتمدة على الغاز المصاحب، وأن نرى أرامكو من أكبر منتجي البتروكيماويات العطرية المعتمدة على مشتقات النفط؛ ليساهما في نهضة الصناعة السعودية.