إن متوسط كلفة العامل السعودي في القطاع الخاص 3500 ريال تقريباً، وسبق أن اقترحت في مقال سابق للاستفادة من التجربة العمانية في توطين الوظائف بأن تدفع الدولة نصف راتب العامل السعودي الجديد في القطاع الخاص في أول سنتين سعدنا كثيراً بحملة توظيف السعوديين التي رعتها وزارة العمل مؤخراً، على الأقل معنوياً أعطت العاطلين عن العمل إحساسا بأن هناك من يهتم بهم بدلاً من أن يقعوا بين براثن الملف العلاقي واترك رقم هاتفك وسنتصل عليك، ثم لا أحد يتصل.. بالإضافة إلى أنها تعطي حصرا حقيقيا لمستوى البطالة في المملكة بدلاً من النسب غير القائمة على أرقام حقيقية.. لكن ما لفت نظري هو تصريح معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي لجريدة عكاظ يوم 20 ذو القعدة 1425ه، بأن الحملة تنوي توظيف الشباب أولاً ثم الحديث عن الرواتب. وفي الحقيقة لا يمكن أن تكون هناك وظيفة بدون أن يكون راتبها هو المحور الرئيس فيها.. ماعدا ذلك يتحول الأمر إلى مثاليات غير قابلة للتطبيق، لا نقول هذا الكلام من باب تحبيط القائمين على أعمال هذه الحملة ولكن هذا هو الواقع. القطاع الخاص في المملكة يستطيع جلب موظفين غير سعوديين بمرتبات زهيدة ولهم ولاء كبير للمؤسسة التي يعملون بها واستعداد لأداء أعمال أكثر من المطلوب بحكم الحاجة أحياناً وأحياناً لأنهم في بلد غريب لا يملكون أمامهم إلا العمل. معالي وزير العمل صرح بأن متوسط كلفة العامل السعودي في القطاع الخاص 3500 ريال تقريباً، وسبق أن اقترحت في مقال سابق في هذه الجريدة للإستفادة من التجربة العمانية في توطين الوظائف بأن تدفع الدولة نصف راتب العامل السعودي الجديد في القطاع الخاص في أول سنتين. وقد أكد معالي وزير العمل لجريدة الوطن في عددها الصادر يوم 1 ذو الحجة 1425ه أن عدد المتقدمين للحملة يبلغ 170.000 مواطن سعودي يبحثون عن فرص عمل، بمعنى أن تكلفتهم الشهرية على الدولة ستكون 170.000 * 1750= 297500000 ريال، والسنوية ستكون * 12=3570000000 ريال وهذا المبلغ قليل جداً مقارنة ب 60 ألف مليون ريال تحولها العمالة الأجنبية من البلاد إلى الخارج سنوياً، وقليل جداً زهاء محاربة طوفان البطالة كما سماه معالي وزيرالعمل، إذا ما عرفنا أن هذا الطوفان قطباه الإرهاب والمخدرات فإن أي مبلغ ندفعه لمكافحته سيكون قليلاً، وفي المقابل الرواتب التي ستدفع للسعوديين ستصرف في البلد وسيعود نفعها على الاقتصاد الوطني، ومن المفروض أن يقوم صندوق تنمية الموارد البشرية بهذه المهمة. هذا الدعم الحكومي سيزيل لعاب القطاع الخاص لتوظيف السعوديين ومن ثم تتم فترة التجربة لمدة سنتين بدون تعنيف شديد من القطاع الخاص الذي يهمه أن يربح ومن حقه طبعاً، وهاتان السنتان كفيلتان بتدريب السعوديين تدريباً فعلياً يعطي فرصة للقطاع الخاص للحكم على العامل من ناحية مهنية بحتة.. دون التركيز على كيفية تطفيشه و جعل الأمر مجرد قوائم تقدم لوزارة العمل. لا مناص من الإعتراف بأن القطاع الخاص ينظر إلى السعودي على إن دمه ثقيل وملقوف، ويهتم القطاع الخاص أحياناً بأن يقدم لائحة لوزارة العمل بالموظفين السعوديين الذين تركوا العمل لديه، ولا أحد يدري لماذا تركوا العمل؟ لأنه حتى عقود العمل لا تراها وزارة العمل، فطالما أنه لا توجد نقابات عمالية فيفترض من وزارة العمل أن تحصل على صورة عقد أي موظف سعودي يلتحق بالقطاع الخاص كما أن وزارة الخدمة المدنية تحصل على صورة من خطاب كل موظف يلتحق بالعمل في الحكومة. وكلنا يسمع عن ساعات العمل الطويلة في القطاع الخاص وعن الإجازات غير المدفوعة وخلافه. على الأقل تزويد وزارة العمل بصورة عقد العمل سيكون رادعا للمارسات غير الإنسانية التي تمارس أحياناً من القطاع الخاص. والقطاع الخاص السعودي لديه قدرة عجيبة على الصبر على العامل البنجلاديشي وتدريبه وهو الذي يأتي بلا أي قدرات تدريبية، ولكن لا يستطيع القطاع الخاص فصله ليس لأن راتبه قليل ولكن لأنه دفع من أجله مصاريف استقدام باهظة، والسعودي لا يكلف القطاع الخاص شيئاً عند التعيين. بالتأكيد هناك تجارب وطنية رائدة من القطاع الخاص لتوظيف السعوديين تستحق الإشادة كتجربة مجموعة العبدالكريم وشركة الزامل في المنطقة الشرقية ومكتبة جرير في الرياض وباقي مناطق المملكة وتجارب أخرى لا يسعني ذكرها، ولكن هناك حالات مأساوية كثيرة للتعامل مع العامل السعودي يجب الإشارة إليها لعل أبرزها ممارسات المدارس الأهلية مع المعلمات السعوديات. بقيت نقطة أخيرة نطلبها من وزارة العمل وهي تحديد ساعات العمل، فمن غير المعقول أن تظل أسواقنا مفتوحة طوال اليوم، لأن العامل السعودي أمامه إلتزامات عائلية وإجتماعية من المستحيل أن ينافس معها الغير سعودي الذي ليس أمامه إلا العمل. مطلوب إغلاق الأعمال عند الساعة السابعة مساء كما هو معمول به في أوروبا وأمريكا، بإستناء بعض التموينات الصغيرة والصيدليات. نقدر جهود وزارة العمل في محاربة البطالة، ونعلم أنها مهمة شاقة وعسيرة لتوظيف الشباب في ظل غياب القيم المهنية في المجتمع العربي الذي يقيم الناس على قشور ومظاهر مادية ورقم جوال مميز!! ثم إذا أتت ساعة الصفر قلنا للشاب تعال توظف لا يهمك الراتب!!