ألم أقل لكم كم فرحت حينما صار غازي وزيرا للعمل...أو ألم أقل لكم قبلها كم فرحت حينما صار غازي وزيرا للمياه.. حينها أيقنت أن رائحة المجاري التي لم يسلم منها حتى كورنيش الخبر الساحر، ستزول قريبا.. لكنكم بالتأكيد تعلمون بأن فرحتي حينما صار غازي وزيرا للصحة لم تدم طويلا. كم صدمني معاليه حينما صرح بأنه لن يكون هناك حد أدنى للأجور لمعالجة أزمة البطالة اللعينة. وراح معاليه يسرد قائمة طويلة للمهن التي سيمنع فيها الاستقدام، وتذكرت كيف سيتحايل رجال الأعمال على هذه القائمة وسيصبح السباك خبير طاقة شمسية! لأنه ببساطة لن تملك وزارة العمل القدرة على اختبار مئات الآلاف القادمين بفيزة العمل، أما مسألة الشهادات فحكايتها حكاية! ويلعب الحد الأدنى للأجور دورا أساسيا في بقاء مواطني الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا محتفظين بوظائفهم وإلا لغزتهم جحافل الشرق والغرب من الجائعين. ومن مزايا الحد الأدنى للأجور لمواطنينا بأنهم لن يكلفوا صاحب العمل تذاكر ذهاب وعودة، ولاسكن. فإذا تساوى السعودي مع الأجنبي في الراتب فستكون النتيجة لصالح المواطن السعودي مباشرة لأنه لن يحتاج تذاكر ولا سكن كما أسلفنا. فإذا كان الحد الأدنى للأجور في أمريكا في الساعة الواحدة ما يعادل الخمسة دولارات أي ما يقارب العشرين ريالا سعوديا، فلنأخذ نصف هذا المبلغ ونجعل منه الحد الأدنى للأجور في السعودية. فإذا كانت تكلفة العامل في الساعة عشرة ريالات وإذا افترضنا أنه يعمل في اليوم 7 ساعات فسيكون الناتج 70 ريالا في اليوم، وفي الشهر 70*30 = 2100 ريال سعودي فإذا كان هذا راتب أقل موظف أو عامل في السعودية فمعناها ستسعود الوظائف غصبا عنها. لأن مئات الآلاف من العاملين من غير مؤهلات والذين تزخر بهم بلادنا لن يكون لهم مكان عندنا بعد الحد الأدنى من الأجور. وما يلزم تطبيقه مع الحد الأدنى للأجور هو تحديد ساعات العمل كما في أوروبا وبعض البلدان العربية، بمعنى أنه بعد الساعة السابعة مساء تغلق المحلات كلها ماعدا النزر اليسير من صيدلية أو ميني ماركت، هذا سيتيح المجال للعامل السعودي بأن يمارس نشاطاته اليومية وواجباته الاجتماعية لأنه من المستحيل أن نعامل العامل السعودي بالوافد الآسيوي الذي يأكل ويشرب وينام في دكانه. ولا بأس في تقليل عدد البقالات في المملكة لأن مدينة كالرياض أصبح فيها بقالة لكل مواطن! أنا أعتقد أنه بدون الحد الأدنى للأجور وتحديد ساعات العمل لن يكون هناك سعودة لأن كل المعايير الأخرى قابلة للتحايل، وبالإمكان الاستفادة من التجربة العمانية في توطين الوظائف (العمننة) بأن تقوم الدولة بدفع نصف راتب الخريج الجديد والذي يعمل في القطاع الخاص ولمدة سنتين، نتمنى أن يلعب صندوق الموارد البشرية في المملكة هذا الدور.