عندما ننظر الى المجتمعات التي تقدمت اقتصاديا, فانه يتضح ان احد العناصر الرئيسية وراء هذا التقدم هو دعم وتطوير وتشجيع روح المغامرة منذ فترة مبكرة. وهذا يوجد الرغبة في التجربة والمجازفة وتنمية الوعي بقضايا كثيرة التعقيد عن غيرها ذات الاهتمام المباشر عند الصغار. غالبا ما تبدأ روح المغامرة عندما يكون هؤلاء الصغار طلبة في المدرسة الثانوية حيث يشجعون على انشاء شركات اما خيالية او حقيقية, وتعيين اعضاء الادارة من بينهم وتطوير شركاتهم. ومن المدهش ان ترى كيف يبدو الطلبة وهم يصورون حياتهم بصور اكبر من حياتهم الحقيقية, تتضمن الخطط الادارية, الاتحادات, الفشل, النجاح, وبذلك يصبحون مهتمين بالعالم الحقيقي.. كيف يعمل! وهم بذلك يتحملون المسؤولية ويتعلمون تقديم قضاياهم والدفاع عن قراراتهم. ويتعلمون قبول النقد البناء بلا صعوبة واخذ الامور بعيدا عن الذاتية الشخصية. كما يتعلمون التخطيط للمستقبل والقيام بالابحاث التي تمكن شركاتهم او مشاريعهم من البقاء في عالم مضطرب. ورغم ذلك قد تبدو لهم كل هذه الاشياء على انها طفولية ولا صلة لهم بها في ذلك الوقت, ولكن من المؤكد ان الخبرات التي يكتسبونها تساعدهم في حياتهم اللاحقة على التعامل بنجاح مع مواقف ومشكلات مماثلة. ويستمر السعي وراء المعرفة الفضولية والناحية التطبيقية للتعليم من خلال المراحل التعليمية العليا, حيث يشجع الطلاب على تأسيس شركات واستخدام موارد الجامعة او الكلية من خلال ما يسمى برامج (الحضانة). وهي ليست فقط للطلبة الموهوبين ولكنها مفتوحة لكل من يستطيع تقديم افكار عملية تفيده وتفيد المجتمع. لا يحمل الطلبة في هذا العمر هموم الحياة والمسؤوليات فافكارهم لا تزال متجددة ولا شيء يبدو مستحيلا بالنسبة لهم. وتستجيب الجامعات والمجتمع لذلك بتوفير البيئة المناسبة لتلك الافكار لتنميتها وصقلها وتحويلها الى شركات. قد يبدو الامر حلما بسيطا, ولكن من هذه الاحلام البسيطة تنمو الشركات الكبيرة. فبالنظر الى خلفية شركات تكنولوجيا المعلومات العملاقة اليوم, نجد ان معظمها قد بدأ في الجراجات او من خلال مناقشات طويلة في الليل بين شباب مفكر نشط. انظروا الى (بيل جيتس) و(ريتشارد برانسونس) العملاقين في هذا المجال اذ يمكن اخذهما نموذجين كي يحتذى بهما ملايين الشباب المغامرين الذين لا يحلمون فقط بل ويؤمنون ايضا بانهم قادرون على تحويل الحلم الى حقيقة. * استاذ مشارك جامعة الملك فهد للبترول والمعادن