سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المهندس عويض العتيبي: عصامية انتصرت على الفقر.. إرادة قهرت التحدّيات.. نبوغ أبهر الأمريكيين لقّبوه بملك الكاديلاك وانتزع الجائزة الأولى من عقر دار الشركات الأمريكية
لم ينَلْ حظّه من التعليم، لكنّه أدرك بوعيِهِ الفطريّ البسيط أنّ علوّ الهمّة وسموق النّفس أفضل ذريعة يتذرّع بها الإنسان للنبوغ في هذه الحياة، وأنّه وسط الصّعاب تكمن الفُرَص، موقناً أن ما يفصلهُ عن نجاحه هو أمله الذي قال عنه» إنّه أوسع من أفُقِ الأرض وأرحبُ من صدر الحليم». هذا هو العمّ: عويض السعدون العتيبي الأمّي الفقير الذي صنع من قصّة كفاحه وعصاميّته أنموذجاً وطنيّاً مشرّفاً وخليقاً أن يستلهم منه الجيل الحالي دروساً وحِكِماً قد لا نجدها في بطون أمّهات الكُتب ولا بين أسوار المدارس، ذلك أنّهُ صنع لنفسهِ تاريخاً ونجاحاً بفضل نبوغه وإصراره على أن الإبداع يخرج من رحِمِ المعاناة وهو ما فعله حين وضع اسمه بين كبار رجالات الأعمال بعد أن كوّن شركةً كبرى واستثمارات متنوّعة وباتت أسهم شركته مدرجة في أسواق وبورصة المال. حين التقيته للتعرّف إلى تجربته عن كثب لفتني حديثه الواثق المفعم بالأمل والطموح ووجدتني أجلس إلى رجلٍ فيه من وفور العقل وسعة المدارك ما يجعل كلّ سحُب الدهشة تنزاح لمن يتساءل عن قدرة هذا الرجل البسيط في تعليمه والقادم مع والده من أقاصي الصحراء بحثاً عن الغذاء والكساء في خمسينات القرن المنصرم التي شهدت بدايات نشأة المملكة في فترة مجدبة في كل شيء. المهندس عويض العتيبي يسرد قصة كفاحه شغف بالتعلّم والمعرفة في البداية لخّص لنا العم عويض سرّ نجاحه في بضع كلمات بسيطة لكنها عميقة في مضامينها إذ يقول: شغفي بالمعرفة والتعلّم كان مفتاح نجاحي، فقد أيقنت من بواكير وعيي أن العلم هو كلّ شيء، بعده يأتي المال والمجد والشهرة ولعلّك ستعرف في حوارنا أني كنت اعمل شهورا بلا راتب مقابل ان أتقن مهنة "الميكانيكا" التي عشقتها منذ طفولة مبكرة جداً. ويضيف: الالتزام والدأب على العمل هما اسمان آخران للنجاح كما أنّ العمل والمثابرة وتطوير الذات وقبلها الشعور الإيجابي داخل النفس هي جميعاً من يصنع الحضارة والتقدّم ولا يصنعها القانعون بما هم فيه أو المنخذلون من ذوي الهمم الخفيضة. قصر الأمير ماجد ويتابع: جئت وأنا طفل من البر حيث الفقر المدقع وشظف العيش وعضّة الإملاق التي لا ترحم والتي أجبرت البدو حينها ان ينزحوا من قراهم هرباً من المجاعة وشراسة الحياة والندرة في كل شيء سواء الغذاء أو الكساء أو المكان المهيّأ للسكنى، إلاّ أن مشيئة الله ورحمته قدّرت ان يحتضنني قصر الأميرين ماجد بن عبدالعزيز وأخيه سطام في حي المربّع وكانت نقلة حياتية فارقة بالنسبة إلي. فكنت العب مع الصغار وفي نهاية اليوم نأخذ بقايا الطعام من المطبخ ونوصلها لأهالينا، ثم عرضوا علي العمل لدى الأميرة هيا بنت عبدالعزيز فوافقت بلا تردد وكان عمري وقتها قرابة السبعة أعوام فقامت بتربيتي على خير وجه لما تمتلك من حب وإشفاق وقلب رحيم حيث خصصت لي امرأة تتولى رعايتي وتسيير شؤوني إضافة الى عملي في القصر كخادم (صبي) ومع مرور الوقت شعرتِ بأني يجب أن أؤمّن نفسي بعمل ومهنة اقتات منها فلجأت للأميرة هيا وطرحت أمامها مخاوفي من المستقبل وأبديت رغبتي بعمل دائم وطلبت منها ان تتوسط لي للعمل بجراج الملك عبدالعزيز إلا إنني اصطدمت بأول عائق وهو ان الجراج لا يوجد به أي شاغر وظيفي ولا مرتبة لكني كنت مصرا على العمل، فسألوني: هل تريد ان تعمل مجاناً؟، فقلت: نعم وأمام هذا الإصرار استجيب لطلبي وبالفعل التحقت بالعمل وأنا غاية في السعادة فمهنة الميكانيكا كانت عشقا وحلما طالما راودني سيما وان الفضول كان ينتابني وقتها من هذه المركبة التي تنقل الناس وتسهل حياتهم مع قلة عددها في تلك الحقبة. عمل بلا مُرتّب عملت ستة شهور من دون ان أتقاضى أي مرتب ولم أكن احفل أو اكترث بهذا الأمر فمجرد ممارستي لعمل الميكانيكا هو متعة لا تضاهيها متعة بالنسبة إلي فضلاً عن كوني تشرّبت أسس هذه المهنة وخبرت خفاياها وفق ما أتاح لي فهمي وعمري الصغير وقتها وكنت انطلق من قناعة راسخة أنني يجب ان أتقن عملي أولا وبعدها سيأتي المال لدرجة إني كنت أرافق احد العاملين في الجراج - وكانوا جميعهم سعوديين كنت أرافقه - عندما يأخذ سيارات ويذهب بها الى ورشة أخرى أقوم بمساعدته في فك وتركيب المحركات ورغم اللوم الذي كان يأتيني من بعض العمال بسبب أني أقوم بهذا الجهد من دون ان أتقاضى أي مبلغ إلا أنني كنت اصدّهم قائلاً: دعوني وشأني أنا ليس هدفي المال بل إتقان المهنة واكتساب الخبرة التي ستكون لي زاداً ادّخره لحين الحاجة. بعد ثلاثة أعوام من العمل والجد والتفاني في مهنتي أصبحت اكثر مهارة ودراية واستيعاباً لمهنة الميكانيكا وبتّ مرجعاً للجميع في فنّ الميكانيكا. جراج الملك عبدالعزيز عملت في جراج الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - لكن جاءت فترة قل فيها العمل وكان لي نسيب يعمل لدى الأمير طلال بن عبدالعزيز ولديه سيارة (لوري) طلب ان آخذها وأقودها لأنه كان سيرافق الأمير في رحلة الى فرنسا فاستغليت هذه الفترة في النقل من حائل الى بريدة الى الرياض حيث كنت أحشر الركاب بعضهم مع بعض لندرة وجود السيارات وصادف في احد الصباحات ان وجدت سيارة متعطلة وأصحابها في حال مزرية لعدم قدرتهم على إصلاحها واتضح لي من خلال حديثي معهم ان كل من حاول مساعدتهم وإصلاحها لم يوفق، ما أدى الى زيادة العطل وتعقّده، فقلت لهم: اصنعوا لي بعض الشاي لحين افرغ من إصلاحها وان شاء الله انهي معاناتكم مع الخلل وبالفعل أجريت فحص سريع على السيارة ووجدت ان البطارية فارغة وكذلك الأسلاك المتصلة بها في وضع متعاكس إضافة الى وجود قطعة تالفة اسمها (البوبينة) وعرفت ذلك من خلال الصفار الذي علق بقطعة (الأبلتين) ولم يكتشفوا أمرها، لكن من خلال خبرتي عرفت مكمن الخلل وأصلحته وقام الركاب بمحاولة ضرب السائق بسبب عطلتهم اكثر من أسبوع لكني منعتهم من ذلك. هذه القصة تحديداً وحالة الرعب التي اكتنفت الركاب من بقائهم عاطلين كل هذه المدّة، جعلتني أعيد التفكير في أهمية التعمق اكثر في مهنة الميكانيكا إذ ان الخطر محدق بمن يتعطل في طريق مقطوعة قد يتعرض لمخاطر جمة بسبب الجهل بتصليحها، ما جعلني أعود للجراج واكتساب خبرة اكثر حيث واصلت بحثي الدائب في دقائق وخفايا هذه المهنة، يدفعني حب وعشق كبيرين سهلت مهمتي في الاستيعاب ولأجل ذلك لجأت لأحد الأعيان المعروفين وقتها وهو ابن كريديس الذي كان وزيراً وتربطني بابنه صداقة فطلبت منه التوسط لي في العمل بجراج الملك سعود. المهارة قبل المال هنا دخلت مرحلة جديدة حين قدموني للمسؤول عن الجراج الذي سألني كم تريد معاش؟، فقلت له: لا أريد أي مبلغ حتى تعرفوا إمكاناتي وانتم بعدها تقدرون الجهد وواصلت قائلاً: المال هو آخر ما أفكر فيه فهدفي اكتساب الخبرة وتشرّب المهنة فرحبوا بي. بعدها شاء القدر ان أرافق الملك سعود في رحلة برية الى جدة ومنها الى المدينة ومن ثم مهد الذهب للمبيت بها حتى الصبح وكان لدينا وقتها سيارتين احداها تسمى (يدك) وبعد مسيرنا مسافة 10 كيلو توقف زجاج السيارة التي يستقلها الملك سعود - رحمه الله - فطلبوا المهندس وكان رجلاً بديناً وذا هيئة تبعث على التقدير إلاّ انه لم ينجح في إصلاح الخلل، فقلت للملك أنا لدي القدرة على إصلاحه، فقال - رحمه الله - هل انزل من السيارة؟ قلت: لا يا طويل العمر كلها دقيقتين بإذن الله ويتم إصلاح الزجاج وبالفعل نجحت وما كان من الملك إلاّ ان ربّت على كتفي مشجعاً وقال: ما شاء الله تبارك الله وهذه العبارة المحفزة كانت بمثابة التحول الأهم في حياتي ان احظى برضى الملك وتشجيعه بعدها عدنا للرياض. أبناء الملك سعود ويتوقف العم عويض عن الحديث لحظات ليعقبها بعبارات متحسرة إذ ان حظوته لدى الملك عبر ذلك الموقف أوغرت صدور البعض ما جعل عقارب الحسد والغيرة تتحرك وتحاول تهميشه وإبعاده عن شؤون الملك وخصصوني لإسعاف السيارات، واستمر الحال حتى جاء يوم وطلبوا مرافقة اثنين من أبناء الملك سعود الى رحلة صيد، ولم يزودوني بأي معدات لإحراجي وصادف ان خرج الأمير محمد بن سعود لاصطياد غزال بسيارته ثم انفجر عليه "الريديتر" ولعدم وجود أي معدات أخبرت الأمير بأننا لا نملك أي طريقة لإصلاح الخلل فطلب مني ان أسافر للكويت بإحدى السيارات بحكم أنها اقرب للمكان الذي كنا فيه، وذهبنا لجلب القطعة المطلوبة وما نحتاجه من معدات ومن ثم باشرت الإصلاح ونجحت في مهمتي، لكني كنت في حالة من الحنق جعلتني لا أعود للعمل في الجراج فأستغنوا عني مباشرة. مع الأمير محمد بن عبدالعزيز ويسترجع العم عويض شريط الذكريات والمواقف ليطلعنا على موقف آخر مع الأمير محمد بن عبدالعزيز الذي كان يملك سيارة من نوع الكاديلاك وكان مخيماً في "روضة خريم" فتعرض "الكاربريتر" لعطل تسبب في خفض سرعة السيارة وحاولوا إصلاحه في جراج الأمير ولم يفلحوا، كما عرضوه على عدة مهندسين وباءت محاولاتهم بالفشل ليرسل بعدها سموه السيارة لي لفحصها واكتشفت الخلل وقمت بإصلاحه فوراً وفرح الأمير بهذا الأمر ولم يكن قد شاهدني ثم حدث ان كان سموه في جلسة عند احد الأعيان ويدعى فهد بن زرعة وشاهد الجراج لديه مملوء بالسيارات وسأل سموه: عن وضع تلك السيارات فأجابوه بأنها تخضع للإصلاح لدى المهندس عويض، فقال: هل هو عويض الذي أصلح سيارتي؟ فقالوا: نعم، عندها طلب رؤيتي فتفاجأ بصغر سني ونحول جسمي وقال سموه مداعباً: اسمك أطول من جسمك فرددت عليه بقولي: هي بالأفهام يا سمو الأمير وليس الأجسام فضحك هو ومن معه ثم انتحى بي جانباً وسألني: أين تعلمت كل هذا فقلت: في جراج والدكم الملك سعود، بعدها اصدر توجيهاته لمن في القصر بأن يتم إصلاح جميع سياراته لديّ في حال عطلها ثم تواصلت مآثر سموه معي وأتذكّر انه بعث لي مبلغ وقدره "500" ريال عندما كنت أتلقى العلاج في بيروت. خلال رحلته لأمريكا عام 67 عشق لا ينتهي للميكانيكا يواصل العم عويض: هذا الموقف وتداعياته النفسية لم تؤثر في عشقي للميكانيكا وأخذت في التجريب ومحاولة إصلاح أي شيء تقع عليه يدي الى ان سهل الله وفتحت لي حوش لتصليح السيارات في "حلّة بن نصّار" وكنت وقتها تعلمت على "القير اتوماتيك" في الوقت الذي لا يوجد من يصلحه سوى شخص أميركي يأتي للإصلاح ثم يغادر وشاءت الظروف ان اتعرّض لحريق في هذا الجراج أبعدني عن العمل لمدة عامين وكان الأمير ماجد - رحمه الله - قد أمر بعلاجي في بيروت ثم عدت من رحلتي العلاجية للعمل بحماس وشوق كبيرين. ونظراً لصعوبة إصلاح "قير الاتوماتيك" فقد كنت أقوم بوضع علامات وإشارات على الأماكن عند الإصلاح حتى يتم التركيب بشكل سليم وبالفعل تمكنت من معرفة أدق التفاصيل في هذا العمل مما اكسبني شعبية وقتها بعد ان كان الاعتماد على الأمريكان فقط ولصعوبة الحصول على العدة والأدوات سافرت الى بيروت لإحضارها وتجهيز جراجي الصغير بكل ما يحتاجه ثم تطور الأمر الى ان أصبحت اجلب القطع وأبيعها وأصلح السيارات العطلانة. ملك الكاديلاك في تلك الفترة كان وقود "الكاديلاك" سريع الاتّساخ مما يتسبب في تقطيع للمحرك وكان المهندسون وقتها يواجهون صعوبة في تنظيفه بسبب الفك والتركيب، أما أنا فابتكرت طريقة مختلفة مستفيداً من قطعة في المصباح العادي (الإتريك) بعدها أطلقوا عليّ (ملك الكاديلاك) وأصبحت تنهال علي السيارات لإصلاحها وواصلت سفراتي لبيروت لجلب القطع بعد ان فتح الله علي من واسع رزقه. السفر الى أمريكا في عام 1967 سافرت الى أمريكا والتحقت بدورة في الميكانيكا وحصلت على جائزة على مستوى العالم لبراعتي في الميكانيكا رغم اني كنت الأبعد من بين المشاركين من الدول الأخرى واشتركت في الأوفر سيقيزون وحصلت على وكالة لقطع غيار من أمريكا لتتحول وجهتي من لبنان الى أمريكا في استيراد القطع وفتحت الجراج واشتغلت وأنشأت شركة التقوى. وبنبرة لا تخلو من ألم، يشير المهندس العتيبي الى ان سوق قطع الغيار تحفل بفوضى رهيبة تتسبب في إهدار الأموال ويفسر ذلك قائلاً: هناك فوضى كبيرة تتمثل في قطع الغيار أنها بسبب العمالة السيئة التي تأخذ القطع وتركبها ثم تقوم برمي القطعة نفسها إذا لم يتم إصلاح الخلل وهذا سببه ان الورش لا تقدم ضماناً لصاحب السيارة قبل شراء القطعة وما يزيد الأمر سوءاً ان حماية المستهلك ليس لديها الخبرة التي تؤهلها للتشخيص وقد عرضنا عليهم ان يجلبوا شبابا وندربهم على فحص القطع ولكن بلا جدوى. ولعلي استحضر موقفاً يدل على هذا الجهل حيث تم استدعائي قبل سنوات الى ميناء جدة ووجهوا لي اتهام ان قماش المكابح الذي استورده مقلداً وبالفعل التقيت بالمدير هناك وبرفقته خبير أمريكي يتولى الفحص، فقال: القطع التي تستوردها مقلدة فتظاهرت بأني لا اعرف، وعند إصرارهم على استنتاجهم، طلبت رؤية القطع التي يظنون أنها أصلية فأحضروها وفحصتها بشكل سريع وتبين لي أنها مقلدة، فقلت: القطع التي ليدكم هي المقلدة والتي تظنون أنها مقلدة هي الصحيحة وبإمكانكم التأكد من المصدر وبالفعل اتصلوا بمركز الشركة في أمريكا وثبت لديهم ان كلامي صحيح وان اتهامهم مبني على جهل وعدم معرفة مما أثار دهشتهم، فسألوني: كيف عرفت؟ فأخبرتهم أنني أعرف القطع بأشكالها وأحجامها وحتى رائحتها وسعرها فأسقط في أيديهم. كتاب أخطاء الميكانيكا ويؤكد العتيبي ان حلمه كان يتركز في توظيف خبرته واستفادة الوطن ومؤسساته منها، معتبراً ان تدريب وصقل مهارات أبناء الوطن هاجس وأمنية ورد للجميل، مضيفا أنه لم يبخل يوماً بخبرته لمن يحتاجها من المؤسسات الحكومية أو المعاهد الفنية أو الوزارات وحتى الافراد لانه يعتبرها واجبا وطنيا لا بد من القيام به. ويشير العتيبي الى ان إحساسه بتردي واقع الإصلاح الميكانيكي للمحركات وما يكتنفه من أخطاء دفعه الى إصدار كتيب صغير يحوي أخطاء كثيرة يقع فيها المهندسون الميكانيكيون، متضمننا بعض ما يعتري المحركات من أعطال لا يعرف سببها. ويوضح: لقد شرحت في الكتاب العطل ومقابله الحل ليكون بمثابة مرشد لكل مهندس ومستخدم وقمت بطبعه على نفقتي وتم توزيعه في أماكن كثيرة للاستفادة من محتواه، أما على جانب التعاون مع الوزارات فأذكر على سبيل المثال ان احدى الوزارات كانت تملك سيارة من نوع "السوبربان" التي تعرّض "سلفها" للكسر وحاولوا إصلاحه، لكن عدم معرفتهم بسبب العطل حال دون ذلك فاستعانوا بي وبعد فحص السيارة اتضح ان السلف الذي تم تركيبه يخص سيارة من نوع آخر، فطلبت تلك الوزارة وغيرها التعاون معي بشكل مستمر لكني فضلت العمل بمفردي بعيداً عن الإجراءات البيروقراطية والمناقصات وسواها مما اعتبره هدراً للوقت وأنا لا استطيع العمل في بيئة غير محفزة. خرجت من مكتب العم عويض العتيبي الذي يتبع له اكثر من ستين مكتباً فرعياً في مناطق ومحافظات المملكة وأنا استحضر عبارة احد الكتّاب حين قال: النوابغ من الفلاسفة والحكماء لم تسطع الماعاتها وجهودها وآثارها الإنسانية الكبرى إلا من مهود الفقر وجحور الإملاق فلولا الفقر ما كان الغنى ولولا الشقاء ما وُجدت السعادة وحسبك من السعادة في الدنيا ضمير نقيّ ونفس هادئة وقلب شريف وأن تعمل بيدك فترى بعينك ثمراتِ أعمالك تنمو بين يديك وتترعرع فتغتبط بمرآها اغتباط الزارع بمنظر الخضرة والنماء في الأرض التي فلحها بيده وتعهّدها بنفسه، وسقاها من عرق جبينه، هذا حال ضيفنا الذي قهر الفقر والظروف وانتصرت له ارادته وروحه العالية. تكريم من الغرفة التجارية لشركته الكتيب الذي أصدره لإرشاد المهندسين شهادة تكريم أخرى حصدتها الشركة