يرى خبراء عراقيون أن مشروعا كويتيا لبناء ميناء كبير في جزيرة محاذية للممر المائي العراقي قد يتسبب بأزمة سياسية جديدة بين البلدين الجارين على اعتبار أنه سيؤدي إلى «خنق» المنفذ البحري الوحيد للعراق. و قال الباحث و الأكاديمي العراقي إحسان الشمري لوكالة فرانس برس أن ميناء «مبارك الكبير» الكويتي «سيتسبب في حال بنائه بأزمة ثلاثية الأبعاد بين العراق والكويت، سياسية واقتصادية واجتماعية». عراقيون يزيلون في وقت سابق أعمدة وضعتها الكويت لتحديد الحدود بين البلدين وأضاف إن « العلاقات التي كانت قد أينعت مجددا بعدما تخلصت من تسربات الماضي ، تتعرض لخطر القطيعة مرة أخرى « . ووضعت الكويت في إبريل حجر الأساس لبناء ميناء «مبارك الكبير» في جزيرة بوبيان التي تقع في أقصى شمال غرب الخليج العربي ، و تعد ثاني أكبر جزيرة في الخليج بعد جزيرة قشم الإيرانية . وتقول الكويت إن المشروع الذي تنفذه شركة «هيونداي» الكورية و يتوقع أن ينتهي العمل فيه خلال سنوات قليلة بتكلفة تبلغ حوالي مليار دولار ، يهدف إلى جعل البلاد مركزا رئيسيا للنقل الإقليمي و محطة مالية و تجارية عالمية . و من المقرر أن تصل عدد المراسي في الميناء إلى 60 مرسى و عمق القناة الملاحية إلى 20 مترا و ذلك بهدف اتساع نطاق استخدام الميناء واستيعابه للسفن ذات السعة و الأحجام الكبيرة . و رأى مسؤول بارز في مديرية الموانىء العراقية لفرانس برس إن « الكويت تسعى لكي تقطع الطريق الملاحي المؤدي إلى العراق « ، على اعتبار أن جزيرة بوبيان لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن الممر المائي العراقي المؤدي إلى موانئه الأساسية . و حذر من أن «هذه التحركات الاستفزازية ستجعل العراق دولة مغلقة بحريا علما أن الكويت ستتجاوز المسارات الملاحية المخصصة للسفن ، ما يشير إلى انتهاك سافر لمبادىء القانون البحري الدولي ، و انتهاك للحدود البحرية مع العراق «. و يشير خبراء عراقيون إلى أن ميناء سيتسبب في جعل الساحل الكويتي ممتدا على مسافة 500 كيلومتر ، بينما يكون الساحل العراقي محصورا في مساحة 50 كيلومترا . و لا يزال يتحتم على العراق الاعتراف رسميا بحدود الكويت البرية و البحرية وإعادة الممتلكات والمحفوظات المسلوبة خلال الاجتياح وتسوية مسألة المفقودين. ويحتج العراق بصورة خاصة على ترسيم الحدود الذي أجراه مجلس الأمن الدولي عام 1993. حذر من «سعي كويتي لاستخدام هذا الميناء من أجل لي ذراع بغداد واستخدامه كورقة ضغط بهدف مقايضته بمساحات برية جديدة فيها آبار نفطية حتى تتمكن من إدارتها بطريقة مشتركة مع العراق». وهو وأن كان يبدي استعداده للاعتراف بحدود الكويت البرية، إلا أنه يطالب بتوسيع منفذه البحري على الخليج . و اعتبر الشمري أن «الكويت توجه من خلال بنائها لميناء مبارك كبير رسالة إلى النظام الجديد في العراق على أنها لا تقف إلى جانبه، و أنها تعمل على كبح جماح السلطة في بغداد». و تشن الصحف العراقية منذ حوالي أسبوعين حملة ضد الكويت بسبب خطة بناء «مبارك الأكبر»، المسمى نسبة إلى الحاكم السابع للكويت الشيخ مبارك الصباح . ونقلت صحيفة «الصباح» الحكومية العراقية عن مصدر في شركة الموانئ الوطنية العراقية الأسبوع الماضي أن الجانب الكويتي «باشر فجر الخميس بعملية نقل الحجر من سلطنة عمان لدفن الممر البحري العراقي في المياه الإقليمية المؤدية إلى موانئ البلاد». ووصفت العملية بأنها « الأكبر في تاريخ المنطقة حيث تتم بمعدل 1500 شاحنة محملة بالحجر يوميا (...) و تمثل نهاية موانئ البلاد لعدم وجود ممر مائي يربطها بشمال الخليج العربي». و رأى المسؤول في مديرية الموانىء العراقية أن المشروع الكويتي الحالي سيؤثر سلبا على الخطوة العراقية هذه . و أوضح أن الكويت «سعت لبناء ميناء مبارك في الموقع المحاذي للمكان المصمم لإنشاء ميناء الفاو الكبير، علما أن جزيرة بوبيان متروكة وغير مأهولة وتتكون من تربة رملية هشة تغطيها المياه بمعدل مرتين يوميا». وقال أن «الكويت ليست بحاجة إلى ميناء مماثل كونها تملك موانئ أهم». وفيما لزمت الحكومة العراقية الصمت حيال هذه المسألة، نفت وزارة الخارجية الكويتية أي تجاوز للحدود المائية الإدارية العراقية، مؤكدة أن الميناء يتم إنشاؤه على أرض كويتية وضمن المياه الإقليمية الكويتية . و رأى الشمري أن «الحكومة العراقية تعتمد الحوار كونها بحاجة إلى مكاسب على المستوى الإقليمي و إلى تحسين علاقاتها بدول الخليج». إلا أنه حذر من «سعي كويتي لاستخدام هذا الميناء من أجل لي ذراع بغداد و استخدامه كورقة ضغط بهدف مقايضته بمساحات برية جديدة فيها آبار نفطية حتى تتمكن من إدارتها بطريقة مشتركة مع العراق « . و قال « قد تزرع هذه الخطوة الضغينة بين شعبي الكويت و العراق ، و قد تؤدي بذلك إلى ما لا يحمد عقباه «