ينطلق غدا في العاصمة المغربية الرباط اللقاء الاول الذي ينظم في اطار المبادرة الأمريكية لما يسمى تشجيع الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في دول الشرق الاوسط الكبير وشمال افريقيا. وتعلق واشنطن على هذا اللقاء آمالا متواضعة لا تمت بصلة للمشروع الطموح الذي اعلنت عنه الادارة الأمريكية بعد شن الحرب على العراق في مارس وكان يدعو الى تشجيع ان لم يكن فرض الديموقراطية الغربية في الشرق الاوسط برمته حتى لو تطلب ذلك تغيير بعض الانظمة الحاكمة. ويمثل الولاياتالمتحدة في هذا الملتقى وزير خارجيتها المنتهية ولايته كولن باول الذي يتوقع ان يقدم مقاربة متواضعة يدافع فيها عن المشروع الامريكي المثير للجدل وتقول واشنطن انه لتطبيق اصلاحات ديموقراطية في الشرق الاوسط الكبيربينما تتحفظ عنه شعوب وحكومات دول المنطقة المعنية التي تتزايد فيها المشاعر المعادية للامريكيين. ويرأس باول مع نظيره المغربي محمد بن عيسى لقاء مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي فقد منذ مطلع العام الكثير من فحواه السياسي. فبعد ان كانت الولاياتالمتحدة تدعو الى اصلاحات ديموقراطية في مجمل الدول العربية والاسلامية من موريتانيا الى باكستان، اضطرت الى الاكتفاء بوثيقة اقل طموحا اطلق عليها اسم الحوار من اجل مساعدة الديموقراطية، وقد كلفت ثلاث دول هي ايطالي وتركيا واليمن بتنظيم هذا الحوار. واذا كان المشروع فقد بعضا من مضمونه السياسي، فمن المتوقع تفعيله في المغرب على الصعيدين الاقتصادي والمالي. وسيبحث وزراء المالية والخارجية في الدول المدعوة وعددها حوالى 25 بلدا عددا من المبادرات الاقتصادية الرامية الى انشاء صندوق اقليمي بقيمة مئة مليون دولار لتمويل اعتمادات صغرى واعداد رؤساء مؤسسات في المنطقة واعتماد اجراءات لتشجيع الاستثمارات الاجنبية. واعلن كولن باول ان المؤتمر سيأخذ بالاعتبار ضرورة اجراء اصلاحات داخل حكومات هذه المنطقة من العالم. وقال: آمل ان نتوصل الى ادراك ضرورة الاصلاحات والتحديث في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وستكون هذه آخر زيارة يقوم بها وزير الخارجية الامريكي قبل ان يترك منصبه في ادارة بوش في مطلع 2005. وقد سلم استقالته في منتصف نوفمبر، غير انه يواصل مهامه في انتظار ان تحل محله مستشارة الامن القومي في البيت الابيض كوندوليزا رايس. وكان جورج بوش واقرب مستشاريه يعتزمون في تلك الفترة استخدام اجتياح العراق وسقوط الرئيس صدام حسين كعنصر رئيسي في مشروع امريكي واسع النطاق لارساء الليبرالية في مجمل دول الشرق الاوسط على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وكشف بوش عن هذا الطموح في فبراير الماضي، مما اثار على الفور معارضة شديدة في العالمين العربي والاسلامي حيث عبرت دول كثيرة عن مخاوفها من ان يكون هذا المشروع يرمي الى فرض القيم الغربية على المنطقة. كما اثار مخاوف عدد من الدول الاوروبية لا سيما فرنسا، التي رأت ان المشروع قد يؤدي الى تأجيل تسوية النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وفي يونيو، وافقت دول مجموعة الثماني التي تضم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا وكندا والمانيا وروسيا واليابان على صيغة معدلة للمشروع الامريكي تشير الى ان اي اصلاحات لا يمكن الا ان تنبع من الدولة المعنية، وتشدد على ضرورة احلال السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وعلى سيادة العراق حيث لا يزال ينتشر حوالى 150 الف عسكري امريكي. ووافق كولن باول على ان كل دولة يجب ان تسير بوتيرتها على طريقها الخاص لكن في وسعنا مساعدتها على هذا الطريق.