يمثل فوز الرئيس الأمريكي جورج بوش بولاية رئاسية ثانية ضمانا قويا لحدوث المزيد من التقارب في العلاقات الهنديةالأمريكية لاسيما مشاريع التعاون المشترك التي كان الرئيس بوش قد صادق عليها إبان فترته الرئاسية الاولى... وقد جاء في مشروع الأمن القومي الأمريكي الذي اصدر في سبتمبر من العام 2002 مايلي: إن الولاياتالمتحدةالأمريكية حققت نقلة نوعية كبيرة في علاقاتها الثنائية مع الهند على أساس ان المصالح الأمريكية في المنطقة تتطلب قيام علاقات هندية أمريكية قوية. إن البلدين يمثلان اكبر ديموقراطيتين في العالم و ملتزمان بالحرية و الديموقراطية والسياسات السلمية.وتتجه الهند حاليا نحو المزيد من الحرية الاقتصادية ،وللبلدين مصالح مشتركة في انسياب الحركة التجارية بينهما وفي العالم بما في ذلك انسياب حركة الملاحة الدولية في منطقة المحيط الهندي.و أخيرا فان البلدين يتقاسمان مصالح مشتركة في مكافحة الإرهاب وفي إيجاد المزيد من الاستقرار في منطقة آسيا. ووضعا في الاعتبار الأهمية الكبيرة التي يوليها الرئيس الأمريكي جورج بوش لعاملي الديموقراطية والتطور الاقتصادي فانه يمكن القول ان العلاقات الهنديةالأمريكية مرشحة للمزيد من التقدم إبان فترته الثانية ،إلا أن التحدي الذي سيواجه العلاقات بين البلدين هو قدرتهما على إحداث المزيد من الانسجام والتقارب إزاء بعض القضايا الخلافية لا سيما سياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية تجاه المنطقة التي لا تتماشى مع المصالح ووجهات النظر الهندية.الأمر الذي أصاب الهند بحالة من التململ وعدم الرضا. فعلى سبيل المثال ترى الإدارة الأمريكية أهمية التعامل وبشكل مكثف مع الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف وذلك لأهمية دور بلاده في الحرب ضد الإرهاب،وفي مقابل ذلك قامت واشنطن بتقديم دعم عسكري كبير لاسلام آباد كما منحتها مكانة الحليف الاستراتيجي الكبير من خارج حلف الناتو. وتمثل المحاولات الأمريكية في الحفاظ على علاقاتها مع باكستان من جهة و إقامة علاقات استراتيجية قوية مع الهند من الجهة الأخرى، أهم ملامح سياسة واشنطن تجاه المنطقة خلال المرحلة الحالية وقد تستمر حتى المرحلة القادمة منها . وترتكز العلاقات الباكستانيةالأمريكية في هذه المرحلة بشكل كبير على دور الاولى في الحرب ضد الإرهاب وذلك لأن الكثير من الجماعات المسلحة ذات الصلة بتنظيم القاعدة تمتلك قواعد تدريب أو على الأقل تمتلك قاعدة واسعة من المؤيدين والمتعاطفين معها في باكستان ،وبالتالي و لاجل القضاء التام على تنظيم القاعدة وحركة طالبان فان الإدارة الأمريكية تعلم أهمية دور باكستان في ذلك. أما على المدى الزمني المتوسط فان الولاياتالمتحدة ستعيد صياغة علاقاتها مع دول المنطقة اعتمادا على ما ستؤول إليه الأوضاع في العراق، وفي هذا السياق فان الانتخابات العامة في العراق ستكون هامة وحاسمة في إعادة هيكلة دور واشنطن المستقبلي في العراق وفي المنطقة. وتتفق الهند مع الإدارة الأمريكية على أهمية عودة الأوضاع الى طبيعتها في العراق من خلال قيام مؤسسات الحكم الديموقراطي شريطة أن تكون السيادة العراقية سيادة تامة وكاملة وغير منقوصة. ومن المرجح أن تتمسك الهند بمواقفها السابقة تجاه الأزمة في العراق والمتمثلة في عدم المشاركة بشكل مباشر في الاحتلال و التعهد بتقديم كافة أشكال الدعم الإنساني والمؤسسي لمساعدة الشعب العراقي في هذه المرحلة. وفي إطار آخر بدا مشرع الشراكة الاستراتيجية بين الهندوالولاياتالمتحدةالأمريكية ،والذي استهله البلدان مطلع هذا العام بدا مؤخرا، يأخذ شكله الأولي ومن المرجح ان يعقد مسئولون من البلدين بنهاية نوفمبر الجاري جولة جديد من المباحثات سيتم خلالها التوصل الى ملامح المرحلة القادمة من العلاقات الهنديةالأمريكية لاسيما تعاون البلدين في مجال تكنولوجيا علوم الفضاء والتكنولوجيا النووية للاستخدامات المدنية والسلمية والتقانة شديدة الحساسية وذات الاستخدام المزدوج هذا بالإضافة الى التعاون العسكري والاقتصادي .