يبحث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، مع وزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي، اليوم سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية السعودية الباكستانية وتنميتها في الجوانب السياسية والاقتصادية. كما سينقل الوزير الباكستاني رسالة إلى الملك عبد الله تتعلق بتطورات الأوضاع في جنوب آسيا. وسيعقد قريشي أثناء زيارته إلى المملكة التي تستغرق يومين، محادثات مكثفة مع سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، تتعلق بالمستجدات على الساحة الباكستانية والجهود التي تبذلها إسلام آباد لمكافحة الإرهاب فضلا عن مناقشة مستقبل العلاقات الباكستانية الهندية وقضية كشمير، وقضايا عربية وإسلامية، سيما تطورات الأوضاع على الساحة العراقية والفلسطينية، و الملف النووي الإيراني، وسبل تعزيز العمل الإسلامي المشترك. وأكد وزير خارجية باكستان شاه محمود قريشي في حوار مطول أجرته عكاظ وسعودي جازيت عشية زيارته إلى المملكة، على العلاقة الوثيقة مع المملكة، موضحا أن هذه العلاقات ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لأزمان قديمة ولها جذور ضاربة في التاريخ .نافيا أن تكون العلاقات السعودية الباكستانية شهدت برودا في الآونة الأخيرة. وتابع قائلا «إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، يحظى في باكستان بتقدير واحترام عال جدا»، وأبدى قريشي ترحيب بلاده بالمساعي الحميدة لتنمية علاقات إسلام آباد مع نيودلهي معربا عن تأييد بلاده لوساطة المملكة بين الهند والباكستان.وحول الجهود التي تبذلها إسلام آباد لمكافحة الإرهاب قال «إن باكستان، ستستمر في محاربة الإرهاب في جميع أشكاله ومظاهره، لما له من تأثير وتهديد خطير على الأمن الباكستاني». • ماهو هدف زيارتكم إلى المملكة، خاصة أنها جاءت في أعقاب زيارة مهمة لرئيس الوزراء الهندي مان موهان سينج إلى الرياض الشهر الماضي ؟ دعني أوضح بداية، أن زيارتي إلى المملكة، هي تلبية لدعوة صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، الذي تربطني به علاقة ممتازة. كما أن باكستان تتمتع بعلاقة وثيقة وتربطها أواصر الأخوة مع المملكة، وهذه العلاقات ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لأزمان قديمة ولها جذور ضاربة في التاريخ، فضلا عن روابط العقيدة الإسلامية بين البلدين والتعاون المشترك في الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية. احترام وتقدير للملك عبدالله ويحظى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتقدير واحترام عال جدا في باكستان باعتبار أن الملك عبدالله كان ومايزال حريصا على استقرار وأمن باكستان، ويضطلع بدور كبير في تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، فهو صاحب مبادرات سلمية ليس فقط في المحيط الإقليمي والعربي والآسيوي، بل في العالم. ويمكنني التأكيد أن العلاقات السعودية الباكستانية اجتازت جميع الاختبارات وأصبحت علاقات متميزة جدا. دعم المملكة والمملكة كانت سباقة في دعم باكستان، في الظروف الحالكة، ووفرت دعما استثنائيا لا يقدر بثمن من حيث المساعدة المالية والاقتصادية ودعم الميزانية والتسهيلات الائتمانية التصديرية. وهي داعمة أساسية للاقتصاد الباكستاني. ولايخفى على أحد وجود 1.5 مليون من المغتربين الباكستانيين الذين يعملون في المملكة ويحظون برعاية كريمة من جانب الشعب السعودي . وما أود قوله في هذا الصدد إن زيارتي إلى المملكة ستكون فرصة لإعطاء هذه العلاقة دفعة قوية إلى الأمام، وجعلها أكثر ديناميكية بهدف تعميق العلاقات بين الجانبين. تعزيز الشراكة • إذن كيف ترون مستقبل العلاقات الثنائية في الجوانب السياسية والاقتصادية؟ في الحقيقة نحن نؤمن في باكستان أن مستقبل العلاقة مع المملكة مشرق وواعد. ونحن مصممون على مواصلة تعزيز شراكتنا الاستراتيجية وإضافة المزيد من العمق في علاقاتنا الاقتصادية. ونرى أننا بحاجة إلى الاستخدام الأمثل لمواردنا الطبيعية، بهدف تعزيز علاقات التكامل الاقتصادي بين البلدين، إذ يتمتع البلدان بإمكانيات هائلة يجب استثمارها. مناقشة قضايا العالم • ما هي الموضوعات الرئيسة، التي ستجري مناقشتها مع القيادة السعودية ؟ في الحقيقة ليس هناك جدول أعمال محدد. وسنعمل على استعراض مجمل ملفات العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلا عن السبل والوسائل لتعزير شراكة استراتيجية أكثر قوة لدعم المنفعة المتبادلة، وخاصة في مجالات الزراعة والتمويل والمصارف والصناعة والاستثمار، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والعربية والتطورات في منطقة جنوب آسيا والوضع العالمي. • هل تشعرون أن العلاقات مع الرياض شهدت برودا في المرحلة الماضية؟ علاقات ليست باردة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، العلاقات بين البلدين حميمية وودية فالمملكة قدمت مشكورة مساعدات مالية، بقيمة 200 مليون دولار لدعم الميزانية الباكستانية، كما قدمت دعما ماليا، بقيمة 100 مليون دولار، كمبلغ إئتماني لتسهيل استيراد مادة اليوريا. فضلا أنه جرى في الأسبوع قبل الماضي، توظيف 1000 من الأطباء الباكستانيين المختصين في المملكة. وهنا أؤكد لكم أن صادرات باكستان إلى المملكة هي في مرحلة ازدياد كبير. وهذه كلها مؤشرات إيجابية وقوية تعكس أن علاقاتنا مع الرياض حميمية ودافئة على كل المستويات. قوة باكستان من قوة المملكة • إذن يمكن الإستفادة من هذه العلاقات القوية التي تربط البلدين، من أجل قضية السلام والاستقرار في جنوب آسيا والشرق الأوسط؟ في الواقع أن باكستان والمملكة لديهما تطابقا في وجهات النظر حول تحقيق السلام والأمن والاستقرار في جنوب آسيا والشرق الأوسط. ونحن نعتقد أنه في ظل البيئة والأجواء السياسية العالمية والإقليمية السائدة حاليا، نحن بحاجة أكثر للعمل بشكل وثيق ومتنام، لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. وما هو راسخ لدى القيادة الباكستانية أن قوة باكستان من قوة المملكة، والعكس صحيح. بل وأجزم أن «العلاقات الخاصة» بين البلدين هي عامل من عوامل السلام والاستقرار في المنطقة. تحسين علاقتنا مع الهند • ما هو الدور الذي يمكن أن تؤديه المملكة لتعزيز العلاقات بين الهند وباكستان؟ نرحب بدور المملكة في تحسين العلاقات مع الهند، فهي تتمتع بعلاقات مميزة مع الهند وكذلك مع باكستان.وبالتالي يمكنها أن تعمل على تحسين العلاقات بين البلدين. • إذن هل تدعمون أن تقوم المملكة بوساطة لتحسين علاقاتكم مع الجارة الهند؟ نحن نرحب بالمساعي الحميدة للمملكة كما أننا نؤيد أن تلعب الرياض، دورا في تطبيع العلاقات بين بلادي والهند. ونتطلع إلى دور الوساطة لأننا نرى أنه لا يمكن أن يتقدم السلام والأمن في جنوب آسيا، إلا من خلال علاقات ودية بين باكستان والهند. وإذا قامت دولة مثل السعودية بدور الوسيط، فإن باكستان سوف توافق على وساطتها دون أدنى اعتراض. • كيف ترون مستقبل الحوار مع الهند خاصة أن جولة الحوارات الماضية لم تحقق تقدما ملحوظا، ومن وجهة نظركم ما هي العقبة الرئيسية في إيجاد حوار مثمر وبناء مع نيودلهي؟ نحن كنا ولانزال نؤمن تماما، أن الحوار بين نيودلهي وإسلام آباد هو السبيل الوحيد للمضي قدما نحو السلام والتنمية. ونحن نسعى لحوار هادف وبناء مع الجارة الهند. ونعتقد أن التحدي الرئيسي للسلام في منطقة جنوب آسيا، هو عدم إيجاد حل قضية جامو وكشمير وقضايا السلم والأمن الدوليين. ونحن على ثقة بأنه من خلال الحوار الهادف والبناء مع الهند نستطيع التغلب على هذه التحديات، ورسم رؤية جديدة للسلام والازدهار والاستقرار في جنوب آسيا. نحن ضحية الإرهاب • باكستان والهند على السواء، كانا ولايزالا ضحايا للإرهاب. هل يمكن للجانبين بذل جهود مشتركة لمحاربته، بدلا من تبادل الاتهامات؟ في الواقع كلا البلدين هما ضحايا الإرهاب. وباكستان كانت مسرحا للعديد من العمليات الإرهابية أخيرا، وهي كانت ومازالت ضحية للإرهاب. كما أنها بذلت جهودا جبارة في الحرب ضد الإرهاب.و عانى الاقتصاد الباكستاني بشكل كبير بسبب العمليات الإرهابية، وكذلك المجتمع الباكستاني. في الحقيقة لقد قدمنا مقترحات إلى الهند لاجتثاث خطر الإرهاب. ونحن نعتقد أنه من خلال التدابير المحكمة، وعبر بناء الثقة بين البلدين يمكن مواجهة تحديات الإرهاب.ولن نسمح بهز هيبة الدولة. كشمير جوهر الصراع • من وجهة نظركم ما هي أفضل وسيلة لتسوية نزاع كشمير مع الهند، هذه القضية جوهر الصراع بين البلدين منذ 1940؟ هذا صحيح باكستان تسعى لحل نزاع كشمير من خلال الوسائل السلمية والحوار. ونحن نعتقد أن كشمير هي قضية دولية، ولا بد من حلها وفقا لقرارات الأممالمتحدة ، فضلا عن عدم تجاهل تطلعات الشعب الكشميري وتحقيق إرادتهم. علاقاتنا مع واشنطن • هل تعتقدون أن الولاياتالمتحدة هي شريك حقيقي وجاد لباكستان. و ما هي نتائج زيارتكم الأخيرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية؟ ولماذا واشنطن ترفض إعطاء إسلام أباد التكنولوجيا وصواريخ طائرات التجسس التي تقلع بدون طيار والمعروفة ب «البريدايتور»؟ تربطنا بالولاياتالمتحدةالأمريكية علاقات جيدة وهذه العلاقات تمتد على مدى ستين عاما. وعلى الرغم من الماضي متقلب لهذه العلاقات، ونحن نسعى الآن لإقامة علاقات مستقرة وطويلة الأجل، وشراكة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع واشنطن . واعتقد أن الجولة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي الذي عقد في واشنطن الأسبوع الماضي، كان إيجابيا للغاية. واتفقنا على رفع مستوى الحوار، وتهيئة مسار المشاركة متعددة القطاعات. وتمشيا مع الأهمية التي تعلقها كل من الولاياتالمتحدةوباكستان على اتخاذ مزيد من الخطوات لتوسيع وتعميق تعاونهما الشامل، ولمواصلة تعزيز الصداقة بين شعبي البلدين، فقد جرى رفع مستوى مباحثات الحوار الاستراتيجي إلى المستوى الوزاري. وتشكيل مجموعة توجيهية تعنى بتنسيق السياسة لتكثيف وتوسيع نطاق الحوار على مستوى المجالات التالية: الاقتصاد والتجارة؛ والطاقة؛ والدفاع، والاستقرار الأمني والاستراتيجي وعدم الانتشار، وتطبيق القانون ومكافحة الإرهاب وسوف تعقد اجتماعات على مستوى القطاعات في إسلام أباد قريبا. وقد أشادت الوزيرة كلينتون بشجاعة وبسالة الشعب الباكستاني، وعزمه على اجتثاث الإرهاب والتطرف. كما أقر الجانبان بالتهديد المشترك الذي يشكله الإرهاب والتطرف على الأمن العالمي والإقليمي والمحلي. ولدى الجانبين منظور شامل مشترك بشأن القضايا الإقليمية والعالمية. كما أكد الجانبان على أهمية دفع عجلة السلام والاستقرار في أفغانستان وفي المنطقة. تحفظ أمريكي على السلاح أما فيما يتعلق بالحصول على تكنولوجيا طائرات التجسس بدون طيار، فلقد جرى تناول هذا الموضوع في واشنطن أخيرا. وهناك بعض وجهات النظر الداخلية في الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بنقل هذه التكنولوجيا إلى دول أخرى، ومع ذلك نحن سنواصل إثارة هذه القضية وأعتقد أن هناك الآن فهما أفضل وجهة نظرنا في الإدارة. • تعرضت باكستان لسلسلة من الأعمال الإرهابية أخيرا، ما هي إجراءاتكم لمكافحة الإرهاب؟ بداية أؤكد أن باكستان، ستستمر في محاربة الإرهاب في جميع أشكاله ومظاهره. ونحن نرى أن الإرهاب هو خطر يشكل تهديدا خطيرا لأمن باكستان. وبذلنا جهودا ناجحة لاجتثاث الإرهاب الداخلي. كما جرى التوصل إلى توافق وطني لمكافحة الإرهاب. والحكومة تتعامل بكل حزم مع هذه القضية ولدينا استراتيجيات على مدى طويل لمكافحة الإرهاب. وعملنا على تطوير استراتيجية ثلاثية الأبعاد، لاستعادة السلام في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي والمناطق القبلية عن طريق الحوار السياسي، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وهنا أود أن أقول إنه جرى اعتقال أكثر من 700 من ناشطي القاعدة وفروعها بما في ذلك بعض كبار زعمائها مثل أبو زبيدة، رمزي بن الشيبة وخالد الشيخ محمد وأبو الفرج الليبي. كما فقدنا في جهودنا لمكافحة الإرهاب أكثر من 2000 من قوات الأمن وأكثر من 6000 من المدنيين. وجرى أخيرا إنفاذ القانون في وادي سوات بعد تطهيره من الإرهاب كما حققت عملية وزيرستان العسكرية نجاحا كبيرا، إذ جرى اجتثاث العمود الفقري للإرهابيين في وزيرستان، ودخلتا الآن المرحلة الحاسمة من إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة. وهناك جهود حثيثة تبذل حاليا لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة بما في ذلك المدارس والمرافق الصحية والجسور في تلك المناطق، وأعتقد أننا قطعنا شوطا طويلا نحو هزيمة التطرف والإرهاب، وكسب قلوب وعقول الناس. وسنواصل الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب والتطرف حتى القضاء على آخر مسلح في باكستان، والجيش متأهب للقضاء على قادة طالبان ويضيق الحصار عليهم والعمليات العسكرية تسير في الاتجاه الصحيح الذي يخدم مصلحة البلاد وأن الشعب يساند الحكومة والجيش في هذا الشأن.