تراجع سعر الدولار إلى مستوى قياسي مقابل اليورو ليزداد بذلك التوتر الاقتصادي حدة في العالم قبل اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية فيما يسمى مجموعة العشرين التي تضم الدول أصحاب الاقتصادات الغنية والناشئة في برلين خلال عطلة نهاية الاسبوع. ومع اقتناع الاسواق بأن القوى العالمية الكبرى لن تقدم على أي تحرك خلال عطلة نهاية الاسبوع لوقف تدهور الدولار الذي تراجع إلى 3074ر1 دولار مقابل اليورو كما تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته خلال سبعة شهور ونصف أمام الين حيث بلغ66ر103 ين في نيويورك يوم الاربعاء. وفيما ذكر مسئولون في برلين أنه من غير المرجح أن يصدر عن الاجتماع بيان بشأن تراجع سعر الدولار وحالة أسواق العملات يتوقع محللون أن يهيمن تراجع الدولار على المحادثات التي ستجرى في العاصمة الالمانية لاسيما خلال اجتماع منفصل لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى خاصة في أعقاب سلسلة من المحادثات التي جرت خلال الاسبوع الحالي بين مسئولين أوروبيين ووزير الخزانة الامريكية جون سنو استعدادا لاجتماع مجموعة العشرين. وصرح وزير المالية الهولندي الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي جيريت زالم للصحفيين عقب اجتماع وزراء مالية دول منطقة اليورو في بروكسل بأن الزيادات الحادة الاخيرة في أسعار الصرف لا تلقى الترحيب وبأن اتخاذ الولاياتالمتحدة سياسة تدعم الدولار القوي سيكون أمرا (مساعدا). يذكر أن اليورو الذي أطلق عام 1999 قفز سعره بنسبة 60 في المائة تقريبا منذ هبوطه القياسي إلى مستوى 82 سنتا أمريكيا في أكتوبر عام 2000 . كما أطلق محافظ البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه تحذيرا بالفعل من تقلبات سوق الصرف وسعر اليورو أمام الدولار. وفي تعليقات مماثلة وصف وزير المالية الالماني هانز ايخيل الارتفاع الحاد في سعر اليورو بأنه (تطور سيئ). لكن سنو أكد خلال جولته في أوروبا خلال الاسبوع أن واشنطن تدعم سياسة (دولار قوي) قائلا إن الدولار القوي يحقق مصلحة الولاياتالمتحدة لكنه أضاف أن بلاده ترى أيضا أن من حق الاسواق تحديد أسعار الصرف. ويقول محللون إن الاسواق أدركت أن واشنطن لن تحاول دعم الدولار ووقف تراجعه. ومن جهته انتقد سنو الاوروبيين قائلا إنهم أيضا بحاجة إلى مواجهة معوقات النمو مثل سوق العمل التي تفتقر إلى المرونة في ألمانيا ونظام معاشات التقاعد الفرنسي ملقيا بجزء من اللوم على الاقل في ضخامة الميزانية الامريكية والعجز التجاري الامريكي على الاوروبيين. وقال سنو في كلمة ألقاها في لندن إن (التوسع الاقتصادي غير متوازن كما ينبغي). وترأس ألمانيا حاليا مجموعة العشرين التي تضم في عضويتها كلا من الارجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين والاتحاد الاوروبي وفرنسا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان وكوريا والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا وبريطانياوالولاياتالمتحدة. وتضم مجموعة السبع في عضويتها بريطانياوالولاياتالمتحدةوألمانيا وفرنسا وكندا وبريطانيا واليابان. ومع ظهور دلائل على تجدد التوتر بين الولاياتالمتحدة وأوروبا بشأن العوامل التي تؤدي إلى تراجع الدولار يقول المحللون ان نشوب خلاف بين الكتلتين الماليتين الكبريين في برلين قد يؤدي لسلسلة جديدة من التقلبات في أسواق الصرف. لكن المحللين يقولون أيضا إن تزايد العجز التجاري الامريكي مع آسيا والاقتصاد الصيني المزدهر يعنيان أن بكين قد تواجه مطالبات جديدة في برلين بإعادة تقييم عملتها المرتبطة حاليا بالدولار. واقترح رئيس وزراء لوكسمبورج جان كلود يونكر بالفعل أن تلغي الصين ربط عملتها بالدولار مما قد يسهم أيضا في تخفيف الضغوط الحالية على اليورو نتيجة ارتفاع سعره. لكن المسئولين بوزارة المالية الالمانية يقولون إن الجزء الرسمي الاكبر من جدول أعمال نهاية الاسبوع سيتركز على الارجح على طرح معايير جديدة لفرض الضرائب وإسباغ قدر أكبر من الشفافية على قوانين الضرائب بين دول مجموعة العشرين. ويتوقع أيضا أن يبحث الوزراء ومحافظو البنوك المركزية خلال اجتماعاتهم في برلين اتخاذ خطوات لمواجهة التحويلات المالية التي تمول الانشطة الارهابية فضلا عن عمليات غسيل الاموال. لكن اجتماع برلين يأتي أيضا في وقت حرج بالنسبة للاقتصاد العالمي حيث تشير مجموعة من المؤشرات إلى أن القفزات الكبرى التي شهدتها أسعار النفط خلال العام الحالي ستؤدي إلى بدء تراجع النمو في ثلاثة من التكتلات الاقتصادية الرئيسية في العالم وهي الولاياتالمتحدة واليابان ومنطقة اليورو. ونتيجة لذلك ورغم ظهور دلائل على أن أسعار النفط قد تبدأ في الاستقرار في الوقت الحاضر على الاقل يعتقد خبراء الاقتصاد أن الوقت لا يزال مبكرا لاعلان أن كل شيء أصبح على ما يرام بالنسبة لتكاليف الطاقة الأمر الذي يعني أن أسعار النفط ستكون واحدة من محاور المداولات في العاصمة الالمانية. تزايد الهوة بين سوق صرف اليورو والدولار