على الرئيس الامريكي تولي مهمة لملمة الجراح الدولية في مواجهة التحديات الكبيرة في العراق والحرب على الإرهاب. إن هذا الأسبوع يشهد نهاية الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي استحوذت على اهتمام الولاياتالمتحدة في الشهور الأخيرة، وأفرزت معركتها الكثير من التحديات التي ينبغي على الرئيس القادم مواجهتها. السبب أن ما من رئيس أمريكي سابق واجه مثل تلك التحديات الجسام، فلم تكن هناك حاجة من قبل لشن حرب بدون جبهة أمامية أو حدود جغرافية وإعادة تشييد مبادئ أساسية في العالم في نفس الوقت لتحل محل تلك المبادئ التقليدية التي تبخرت مع دخان مركز التجارة العالمي والبنتاجون. المهم أن التحدي الأمني المعاصر انبثق من مصدرين غير مسبوقين أولهما الإرهاب الذي أفرزته تصرفات كانت تعتبر حتى وقت قريب قضايا من اختصاص قوات الشرطة المحلية لا السياسة الدولية وثانيهما هو التقدم العلمي وانتشار الأسلحة النووية التي تجعل من التطور العلمي في بلد ما أمرا يهدد أمن بلاد أخرى. إن على الرئيس الأمريكي أن يوحد الجهود لتعريف وتحديد ثم الحفاظ على نظام عالمي جديد يعكس الظروف الثورية الحديثة. المشكلة هى عدم قدرة الرئيس الأمريكي على تنفيذ تلك الأجندة التي رسمها، بدون تعاون والتزام كافة الأطراف المعنية. فنرى إن على كل من يعنيهم مستقبل الولاياتالمتحدة ان يجدوا طرقا للتعاون حتى يرى العالم أن الأمريكيين يسعون إلى مصير مشترك داخليا وعالميا. اما عن قضية العراق فمن الضروري ألا يخلط خصوم الولاياتالمتحدة بين انفعالات العملية الانتخابية من جانب والافتقاد إلى الاتحاد تجاه تحقيق الأهداف العظام بعد نجاح الرئيس بوش على الجانب الآخر. ان اتفاق كل من الرئيس بوش وكيرى على عدد من القضايا الأساسية منها أن الإرهاب هو وسيلة وليس سياسة كما ورد في تقرير اللجنة التي كلفت بالتحقيق في أحداث سبتمبر الإرهابية بالإضافة الى ان تحديدهما الإسلام السلفي المتطرف والمسلح الذي يسعى لاستعادة الخلافة الإسلامية كعدو أساسي يجب القضاء عليه.مما يؤكد على وحدة الامة الامريكية حول القضايا الاساسية. وان الولاياتالمتحدة تقوم حاليا بدور الأمين على الاستقرار العالمي برغم العقبات التي تمنع كثيرا من الدول من الاعتراف بذلك. و على الدول الأخرى أن تدرك أن من مصلحتها على الأقل الاشتراك في مهام إعادة الإعمار السياسي والاقتصادي في العراق، فلا يمكن استعادة الأمن هناك في وجود ملاجئ للمسلحين العراقيين يحتمون بها. ونرى أنه لا ينبغي النظر إلى أن الانتخابات العراقية المزمعة في أوائل العام القادم على انها بلوغ المنتهى والقصد بل على أنها أقل الإنجازات المعقدة على طريق حكم العراقيين لأنفسهم، فديموقراطية الغرب تطورت عبر القرون، صاحبها فصل للدين عن الدولة، ومن ثم الإصلاح الذي فرض تعدد الديانات، وبعدها التنوير الذي أدى لاستقلال المنطق عن الدين والدولة. ونؤكد على ضرورة تفهم العقبات الماثلة أمام تطبيق الديموقراطية في بلد متعدد الأعراق والديانات كالعراق، ويشير الى ضرورة اعتبار الانتخابات القادمة سباقا بين الجماعات المختلفة في العراق وإن انطوى ذلك على احتمال قيام حرب أهلية أو صراع مع الولاياتالمتحدة. المهم ان درجة من التدويل هي الطريق الواقعي الوحيد نحو استقرار العراق وإبقاء الدعم الداخلي الأمريكي للوجود هناك. إن صمود العملية السياسية لا يعتمد في المقام الأول على الأمن الذي تقع مسئوليته على عاتق الولاياتالمتحدة وحسب، بل يعتمد كذلك على تقبل العالم لفكرة تصوير الحكومة العراقية على أنها تمثل الطموحات الوطنية العراقية.